الحج في الشرائع السابقة

25-3-2008 | إسلام ويب

السؤال:
يقول الله تبارك وتعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. كيف يكون هذا ونحن لا نجد ذكرا لحج بيت الله الحرام عند اليهود والنصارى؟ وهل هناك نصوص في التوراة والإنجيل تأمر بحج البيت الحرام ؟ وأن قبلة المسلمين الأولى كانت بيت المقدس قبلة من كان من قبلنا؟ أرجو تبيان هذا الشيء. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

الخلاصة:

عدم ذكر الحج في كتب اليهود والنصارى لا يعني أنه لم يكن مشروعا في الشرائع السابقة، لأن تلك الكتب مزورة على الأنبياء، وقد دلت السنة على أن بعض الأنبياء السابقين قد حج البيت الحرام، وأن عيسى سيحجه آخر الزمان، وحسبنا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {العنكبوت:51}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعدم وجود ذكر للحج في كتب اليهود والنصارى لا يعني أن الحج لم يكن مشروعا في الشرائع السابقة كشريعة موسى وعيسى لأن الكتب التي بأيديهم اليوم كتب دخلها التحريف والتبديل، فلعبت بها أيدي القسيسين والرهبان وسقطت منه كثير من الأحكام مع ما فيها من الشرك والسخرية بالأنبياء عليهم السلام، واتهامهم بالنقائص مما يقطع الثقة بها، فلربما كان الحج مشروعا في شريعة موسى وعيسى ولربما نسخ بعد أن كان مشروعا في شريعة إبراهيم، وقد قال تعالى عن القرآن العظيم: إِنَّ هَذَا القُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ {النمل:76} قال القرطبي في تفسيره: والمعنى إن هذا القرآن يبين لهم ما اختلفوا فيه لو أخذوا به، وذلك ما حرفوه من التوراة والإنجيل وما سقط من كتبهم من الأحكام.. انتهى.

وقد اخبرنا الله تعالى في كتابه بقوله لخليله إبراهيم: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {الحج:27} قال الجصاص في أحكامه: وهذه الآية تدل على أن فرض الحج كان في ذلك الوقت لأن الله تعالى أمر إبراهيم بدعاء الناس إلى الحج وأمره كان على الوجوب وجائز أن يكون وجوب الحج باقيا إلى أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم وجائز أن يكون نسخ على لسان بعض الأنبياء.

وقد دلت السنة والآثار عن الصحابة على أن الأنبياء حجوا البيت الحرام كما ذكرناه في الفتوى رقم:41580، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وحج البيت العتيق الذي بناه إبراهيم خليل الرحمن ودعا الناس إلى حجه وحجته الأنبياء حتى حجه موسى بن عمران ويونس بن متى وغيرهم... انتهى.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عيسى أنه سيحج في آخر الزمان ويعتمر، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: والذي نفسي بيده ليهلن بن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو ليثنيهما انتهى. وهذا كله يصدق كتاب الله تعالى، فالسنة مصدقة للقرآن ومبينة له ودالة عليه، وكون بيت المقدس كان قبلة الأنبياء السابقين لا ينافي مشروعية الحج في الشرائع السابقة كما لا يخفى.

والله أعلم.

 

www.islamweb.net