محل جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ

1-7-2008 | إسلام ويب

السؤال:
جاء في كلام إحدى الأخوات تلبيس وإشكال حول أحاديث للرسول صلّى الله عليه وسلّم سأسوقها أدنى سؤالي بإذن الله، وأرجو الرد عليها لإزالة هذا التلبيس والله يوفقكم وييسّر لكم الخير وسُبله ويسدّد خُطاكم..
قالت الأخت: دخلت بالصدفة إلى إحدى المواقع القبطية القذرة.. وهالني ما رأيت أحاديث وقصص غريبة.. توهمت في البداية أنها غير صحيحة ولكني تأكدت منها أنها صحيحة 100% السؤال، لماذا يخفي علينا علماؤنا هذه الأحاديث ؟؟
ولماذا لا نقول هذا اللفظ إن كان ليس عيباً؟
-انتهى سؤال الأخت-
والأحاديث التي عنتها الأخت:
1- لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت ). قال: لا يا رسول الله ، قال: ( أنكتها ). لا يكني ، قال: فعند ذلك أمر برجمه.
وما أشكل على الأخت هنا لفظ (أنكتها)
2-................. وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك ، فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات ، أنحن نفر عنه وندعه ؟ فقال: من ذا ؟ قالوا: أبو بكر ، قال: أما والذي نفسي بيده ، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك ......
في الحديث الثاني لم أدرج نصّه كلّه لتجاوز حروفه الحدّ الأقصى لشروط طرح السؤال.
وما أشكل على الأخت في هذا الحديث قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه: امصص ببظر اللات.
ننتظر ردّكم وتوضيحكم وجزاكم الله عنّا خير الجزاء وأعظمه ويارك في جهودكم.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا ينبغي لمن ليس عنده علم شرعي أن يدخل على مواقع الكفر التي تثير الشبهات حول رسالة الإسلام لأن هذا قد يؤدي بالداخل إليها إلى الشك والكفر والعياذ بالله، ويصير له نصيب من قول الله تعالى:  وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ {البقرة:257} أي من نور البينات إلى ظلمات الشكوك، ولذا قيل إن هذه الآية نزلت في قوم ارتدوا عن الإسلام. والجاهل إذا عرضت عليه شبهة قد تستقر في قلبه ويصعب عليه ردها فيكون قلبه كالإسفنج إذا تشربت شيئا استقر فيها.

الثانية: قولها: (لماذا يخفي العلماء علينا هذه الأحاديث غير صحيح) فالعلماء لا يخفونها وليس فيها شيء يستحق الإخفاء أو يستحى من إظهاره، وإذا كان المرء جاهلا لا يطلب العلم فسيخفى عليه العلم قطعا، ولا يصح أن يقول لماذا يخفى عنا العلم؟ وهذه الأحاديث مبثوثة في كتب السنة ودواوينها ويتناولها العلماء بالشرح والبيان في حلقات العلم، ويستنبطون منها الأحكام الشرعية والعبر، ولكن الجاهل بمعزل عن ذلك كله.

ثالثا: حديث ماعز رواه البخاري في صحيحه وغيره.. واستعمال هذه اللفظة (أنكتها) لا حرج فيه للمصلحة الراجحة لأن المقام مقام إقامة حد بالقتل، فماعز زنى وهو محصن، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ن يتثبت من فعلته هل فعل في زناه ما يستحق به القتل أم أنه مجرد تقبيل ولمس أو جماع بدون إيلاج؟ فقال له، أنكتها؟ ولذا قال النووي رحمه الله تعالى: وقد يستعملون صريح الاسم لمصلحة راجحة وهي إزالة اللبس أو الاشتراك أو نفي المجاز أو نحو ذلك، كقوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي، وكقوله صلى الله عليه وسلم: أنكتها..

ومعلوم أن الرجم له شروط منها: أن يكون الزنى قد وقع بإدخال الفرج في الفرج لا بمجرد لمس الفرج للفرج، ولذا جاء في رواية أبي داود مزيد تثبت أكثر فقال: فأقبل في الخامسة فقال: أنكتها؟ قال نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم. قال: كما يغيب المرود في المكحلة، والرشاء في البئر. قال نعم، قال: فهل تدري ما الزنى؟ قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا. قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني، فأمر به فرجم.. والنبي صلى الله عليه وسلم كان أبعد الناس عن الفحش والتفحش، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاحش ولا متفحش ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزئ بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح. رواه البيهقي.

رابعا: قول أبي بكر رضي الله عنه للكافر: امصص بظر اللات. البظر قطعة تبقى في فرج المرأة بعد الختان، وكان العرب تشتم بهذ اللفظ فتقول: امصص بظر أمك، فعيره أبو بكر تشنيعا لهم على عبادتهم له وغضبا لله ورسوله من الكفار.

قال الحافظ في الفتح: وفيه جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك، وقال ابن المنير: في قول أبي بكر تخسيس للعدو وتكذيبهم وتعريض بإلزامهم من قولهم إن اللات بنت الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بأنها لو كانت بنتا لكان لها ما يكون للإناث..

 وهذا سطره العلماء ولم يخفوه، فأين الجاهل من ذلك؟!!

خامسا: إذا كانت مثل هذه الألفاظ تدل على بطلان الرسالة والنبوة كما يزعم النصارى، فما جاء في الإنجيل المزور أولى بإبطاله، فقد جاء فيه نسبة الزنا لأنبياء الله تعالى، وتنقص الرب جل وعلا، وما هو معلوم من التناقضات والعجائب، فأيهما أولى بأن يكون دليلا على البطلان؟!! وانظر الفتوى رقم: 9732، والفتوى رقم: 10326، والفتوى رقم: 38508.

 وأخيرا صدق الله العظيم القائل: وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة:41}.

والله أعلم.  

www.islamweb.net