حرمة كسب المال بالسحر والاحتيال وهل يشرع التصدق به

18-4-2012 | إسلام ويب

السؤال:
لقد مرضت بمرض نفسي منعني عن الناس، وقد فاتني الكل، حيث المرض هو النظر إلى العضو الذكري للرجال مثلي، وهذا كما تعلمون مكروه ومبغوض للظن السيئ من الناس أني لوطي (شاذ)
وقد وجدت ضالتي في الإنترنت، وبدأت أنصب على من يريدون أعمال سحر للناس بادعاء أنى ساحر حتى أجني المال، وليس لي أي سبيل للمال غيره، ولست ممن يتحملون سؤال الناس.
هذا المال بدأت أعالج نفسي به لدى دكتور كبير (نفسي)وأنوى أن أدخر مالا لشراء سيارة أجرة أشغل عليها أحد الناس لتكفلني في حياتي، وأنوي أن أدخر نصف ربحها لله. فهل مالي يقبل؟
أعلم أن الله طيب ولا يقبل إلا الطيب، ولكن هؤلاء الناس يدفعون المال لطلب سحر الناس وإيذائهم. فهل يقبل الله منه؟ وهل إذا تبرعت بشيء منه لأيتام أو كفلت عروسة يضرها هذا المال أم الضرر واقع علي فقط؟ أفتوني وانصحوني بما علمتم من العلم.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن الاحتيال على الناس بهذه الطريقة المذكورة في السؤال، داخل في السحت وأكل المال بالباطل.

جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الاستئجار لعمل السحر لا يحل، ولا تصح الإجارة ، ولا يحل إعطاء الأجرة ، ولا يحل لآخذها أخذها. وفيها أيضا: من أنواع السحت: حلوان الكاهن، وهو ما يأخذه الكاهن مقابل إخباره عما سيكون، ومطالعة الغيب في زعمه، وهو حرام بإجماع الفقهاء .. ولما فيه من أخذ العوض على أمر باطل. وفي معناه التنجيم والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاطاه العرافون من استطلاع الغيب. اهـ.

وكون هؤلاء الناس يدفعون المال لإيذاء الناس، لا يبرر لك هذا الكسب الخبيث، فلكل امرئ ما اكتسب من الإثم. ومع ذلك ففيها إقرار وترويج لأعمال السحر، وتعاون على الإثم والعدوان، والواجب أن يُنهى أمثال هؤلاء عن منكرهم، ويُبين لهم باطلهم، ويأمروا بالتوبة إلى الله تعالى.

وأما مسألة التصدق أو عمل البر بمثل هذا المال، فغير مقبول، وصاحبه مأزور غير مأجور.

 قال الحافظ ابن رجب في (جامع العلوم والحكم): الصدقة بالمال الحرام غير مقبولة، كما في صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول». وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال :« ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه» وذكر الحديث. وفي مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يكتسب عبد مالا من حرام، فينفق منه فيبارك فيه، ولا يتصدق به فيتقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث». ويروى من حديث دراج عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كسب مالا حراما فتصدق به، لم يكن له فيه أجر، وكان إصره عليه». خرجه ابن حبان في صحيحه، ورواه بعضهم موقوفا على أبي هريرة. وفي مراسيل القاسم بن مخيمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصاب مالا من مأثم فوصل به رحمه، وتصدق به، أو أنفقه في سبيل الله، جمع ذلك جميعا، ثم قذف به في نار جهنم». وروي عن أبي الدرداء ويزيد بن ميسرة أنهما جعلا مثل من أصاب مالا من غير حله فتصدق به، مثل من أخذ مال يتيم وكسا به أرملة. وسئل ابن عباس عمن كان على عمل، فكان يظلم ويأخذ الحرام، ثم تاب، فهو يحج ويعتق ويتصدق منه، فقال: إن الخبيث لا يكفر الخبيث. وكذا قال ابن مسعود: إن الخبيث لا يكفر الخبيث، ولكن الطيب يكفر الخبيث. وقال الحسن: أيها المتصدق على المسكين يرحمه، ارحم من قد ظلمت. اهـ.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تبحث عن كسب طيب. وتصرف ما كسبته بهذه الطريقة في وجوه البر. وعلى الفقراء والمساكين.  وراجع للفائدة الفتوى رقم: 101582.
والله أعلم.

www.islamweb.net