حكم من شك في ركن من الصلاة ثم تيقن أنه فعله أو أنه تركه

20-5-2012 | إسلام ويب

السؤال:
ما حكم من شك في ركن من أركان الصلاة، ولكنه لا يلتفت إلى هذه الشكوك، وكانت هذه الشكوك تأتي في بعض الصلوات وليس كلها ثم بعد مدة تيقن. ولكنه لا يعلم عدد الصلوات ولا يعلم إذا كانت عصرا أو ظهرا أو .... ) فما حكمه؟ وهل هناك اختلاف بين العلماء ؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

 فسؤالك هذا دال على الإصابة بشيء من الوسوسة، فإن كان الأمر كذلك وكان هذا السؤال ناشئا عن وسوسة فالذي ننصحك به هو الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إلى شيء منها، ولا يلزم إعادة شيء من الصلوات والحال ما ذكر، بل الذي ينبغي هو طرح هذه الوساوس وعدم الاسترسال معها لما يفضي إليه الاسترسال مع الوساوس من الشر العظيم، ويبعد حصول اليقين بالترك بعد مدة من الشك فيه، وشك الموسوس لا يلتفت إليه، والشك بعد الفراغ من العبادة لا يؤثر، ولبيان كيفية التعامل مع الوساوس تراجع الفتويان: 134196 ، 51601.

وأما حكم المسألة للفائدة فإننا نقول إن من كان كثير الشك فإنه يعرض عن الشكوك ولا يلتفت إليها كما مر، وقد ضبط فقهاء المالكية كثرة الشك بأن يأتيه ولو مرة كل يوم، ولتنظر الفتوى رقم: 150531. وكذا من حدث له الشك بعد الصلاة فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك كما تقدم، ولتنظر الفتوى رقم: 120064.

وأما غير المبتلى بكثرة الشكوك فالواجب عليه إن شك في ترك ركن أن يأتي بالمشكوك فيه وبما بعده، وتراجع الفتوى رقم: 29444. فإن لم يفعل وجب عليه إعادة تلك الصلاة لأنه ترك الواجب عليه، وكذا من حصل له اليقين بعد الصلاة بأنه ترك شيئا من أركانها فالواجب عليه أن يأتي بركعة مكان التي ترك ركنا من أركانها ما لم يطل الفصل، فإن طال الفصل فعليه أن يعيد تلك الصلاة، ولتنظر الفتوى رقم: 136130. فإن وقع ذلك في صلوات فالواجب قضاء جميعها،  وإن شك في عين الصلاة التي فعل فيها ذلك فالواجب عند الأئمة الأربعة أن يصلي ما يحصل به اليقين ببراءة ذمته، فإن شك هل الواجب قضاؤها ظهر أو عصر فعليه أن يقضي ظهرا وعصرا، وإن شك في كونها إحدى الصلوات الخمس فعليه أن يقضي الصلوات الخمس ليتيقن براءة ذمته، وتراجع الفتوى رقم: 173779.

ولبيان كيفية القضاء تراجع الفتوى رقم: 70806. واختار العلامة ابن عثيمين رحمه الله أن الواجب على من نسي عين الصلاة التي عليه إن كانت رباعية أن يصلي صلاة واحدة عما في ذمته ويجزئه ذلك بناء على أن تعيين الفريضة ليس شرطا في النية.

قال رحمه الله: ويَنْبَني على هذا الخلاف: لو كان على الإنسان صلاة رباعية؛ لكن لا يدري هل هي الظُّهر أو العصر أو العشاء؟ فصلَّى أربعاً بنيَّة الواجب عليه، فعلى القول بأنه لا يجب التعيين: تصحُّ، وتكون عن الصلاة المفروضة التي عليه. وعلى القول بوجوب التَّعيين: لا تصحُّ؛ لأنه لم يعيِّنها ظُهراً ولا عصراً ولا عشاءً، وعليه؛ لا بُدَّ أن يُصلِّي أربعاً بنيَّة الظُّهر، ثم أربعاً بنيَّة العصر، ثم أربعاً بنية العشاء (1) . والذي يترجَّحُ عندي: القول بأنه لا يُشترط التَّعيين، وأن الوقت هو الذي يُعيِّنُ الصَّلاة، وأنه يصحُّ أن يُصلِّي أربعاً بنيَّة ما يجب عليه، وإنْ لم يعينه، فلو قال: عليَّ صلاة رباعيَّة لكن لا أدري: أهي الظُّهر أم العصر أم العشاء؟ قلنا: صَلِّ أربعاً بنيَّة ما عليك وتبرأ بذلك ذِمَّتُك. وعليه؛ فلو قال: أنا عليَّ صلاة من يوم؛ ولا أدري: أهيَ الفجر؛ أم الظُّهر؛ أم العصر؛ أم المغرب؛ أم العشاء؟ فعلى القول بعدم اشتراط التَّعيين نقول: صَلِّ أربعاً وثلاثاً واثنتين، أربعاً تجزئ عن الظُّهر أو العصر أو العشاء، وثلاثاً عن المغرب، واثنتين عن الفجر. وعلى القول الثَّاني: يُصلِّي خمس صلوات؛ لأنه يُحتمل أنَّ هذه الصَّلاة الظُّهر؛ أو العصر؛ أو المغرب؛ أو العشاء؛ أو الفجر، فيجب عليه أن يحتاط ليبرئَ ذِمَّته بيقين ويُصلِّي خمساً. انتهى.

وإن تيقن بعد الصلاة أنه قد فعل الركن المشكوك فيه، فإن كان فعل ما يوجبه الشك من البناء على الأقل ثم سجد سجدتي السهو فلا شيء عليه، وكذا إن كان شكه مما لا يلتفت إليه كشك الموسوس أو الشك بعد الفراغ من العبادة فإن يقينه بالفعل بعد هذا لا يؤثر وصلاته صحيحة، وأما إن كان سلم شاكا في إتمام صلاته ثم تيقن أنها تامة فقد اختلف العلماء هل تلزمه الإعادة بناء على أنه خرج منها شاكا في إتمامها أو لا تلزمه بناء على أنه تبين له الصواب، والأظهر أنه تلزمه الإعادة في هذه الصورة.

قال القرافي المالكي في الذخيرة:وإن سلم شاكا في إتمام صلاته لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ إِلَى تَمَامِهَا، فَإِنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَمَامَهَا أَجْزَأَتْهُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لِبَيَانِ الصِّحَّةِ وَقِيلَ فَاسِدَةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. انتهى.

 والله أعلم.

www.islamweb.net