تارك الصلاة غير جاحد لوجوبها يجب عليه أن يبادر بقضاء ما تركه قدر استطاعته

25-6-2012 | إسلام ويب

السؤال:
صديق لي ترك الصلاة لمدة أسبوعين متعمدا تهاونا وكسلا، وبعد أن تاب سألني إذا كان يجب عليه القضاء، وبعد البحث اختلط علي الأمر بين من يكفر تارك الصلاة ومن لا يكفره من العلماء، ومنهم من يقول يقضي إذا كان يعلم عدد الأيام التي تركها للخروج من الخلاف. أريد تفصيلا في المسألة لأجيبه؟ أرجو عدم الإحالة إلى فتاوى سابقة و بارك الله فيكم.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 لا شك أن التهاون بالصلاة والتكاسل في أدائها وتعمد تركها حتى يخرج وقتها يعتبرمن أكبر الذنوب وأعظم الموبقات، وقد نقل ابن القيم رحمه الله إجماع المسلمين على أن تارك الصلاة الواحدة حتى يخرج وقتها شر من الزاني والسارق وشارب الخمر وقاتل النفس فما بالك بمن تعمد ترك عدة صلوات، وهذا نص كلامه رحمه الله في أول كتاب الصلاة: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة. انتهى.

وقال أيضا: فكل مستخف بالصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك يا عبدالله واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك. انتهى. 

 بل ذهب كثيرمن أهل العلم إلى كفر من يتعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها وإخراجه من الملة، والذي عليه جمهور أهل العلم أن تارك الصلاة المقر بوجوبها لا يعتبر كافرا لكنه فاسق أشد الفسق ويجب عليه القضاء بعد التوبة إلى الله تعالى.

 وعليه فإذا كان الشخص المذكور ترك الصلاة غير جاحد لوجوبها فيجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويقضي الصلوات التي تركها، أي يبدأ بقضائها فورا فيقضي في اليوم والليلة ما يستطيع بما لا يضر ببدنه أو معاشه حتى يقضي ما فات عليه من الصلوات.

قال النووي في شرح مسلم: وأما تارك الصلاة فإن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين خارج من ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه، وإن كان تركه تكاسلا مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه فذهب مالك والشافعي رحمهما الله والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق، ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزانى المحصن ولكنه يقتل بالسيف، وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي رضوان الله عليه، وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهما الله إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي. واحتج من قال بكفره بظاهر الحديث الثانى المذكور –أي حديث: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة- وبالقياس على كلمة التوحيد. واحتج من قال لا يقتل بحديث لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وليس فيه الصلاة، واحتج الجمهور على أنه لا يكفر بقوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وبقوله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله الا الله دخل الجنة، ومن مات وهو يعلم أن لا إله الا الله دخل الجنة. ولا يلقى الله تعالى عبد بهما غير شاك فيحجب عن الجنة، وحرم الله على النار من قال لا إله إلا الله وغير ذلك. انتهى. وانظر الفتوى رقم :65785.

والله أعلم.
 

www.islamweb.net