موافقة اليهود ومخالفتهم

5-12-2012 | إسلام ويب

السؤال:
لماذا لم يخالف الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام اليهود؟
فقد زوج رسول الله ابنته فاطمة وأمره أن لا يدخل على فاطمة حتى يجيئه, وكانت اليهود يؤخرون الرجل عن أهله, وانظر كتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد الزهري الجزء العاشر في النساء ص24.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث أخرجه ابن سعد قال: أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا عمر بن صالح، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب عن أم أيمن - رضي الله عنه -.

وأخرجه الحاكم من طريق سيلمان به، وذكر أول الحديث ولم يتمه، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه, وتعقبه الذهبي مضعفًا الحديث بقوله: مرسل, يريد بذلك أن سعيد بن المسيب لم يسمع من أم أيمن, وفي الإسناد: عمر بن صالح وهو ضعيف جدًّا، قال البخاري عنه: منكر الحديث، وقال النسائي والدارقطني: متروك.

وأخرجه النسائي في السنن الكبرى من طريق سهيل بن خلاد العبدي قال: حدثنا محمد بن سواء عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه -, وسهيل بن خلاد: مجهول, فهذا الطريق لا يصح أيضًا.

قال الشيخ الدكتور سعد الحميد في تحقيقه لمختصر تلخيص الذهبي: فالحديث لا يثبت بشيء من هذه الطرق. أهـ .

ومخالفة اليهود لم تشرع في أول هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وإنما شرعت بعد ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:  كل ما جاء من التشبه بهم إنما كان في صدر الهجرة، ثم نسخ؛ ذلك أن اليهود إذ ذاك كانوا لا يتميزون عن المسلمين لا في شعور، ولا في لباس، لا بعلامة، ولا غيرها, ثم إنه ثبت بعد ذلك في الكتاب والسنة والإجماع - الذي كمل ظهوره في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما شرعه الله من مخالفة الكافرين ومفارقتهم في الشعار والهدي؛ وسبب ذلك: أن المخالفة لهم لا تكون إلا مع ظهور الدين وعلوه كالجهاد، وإلزامهم بالجزية والصغار، فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء؛ لم تشرع المخالفة لهم، فلما كمل الدين وظهر وعلا؛ شرع بذلك أهـ.

وقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس, قال: كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به، فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته، ثم فرق بعد .

قال ابن حجر في المراد بقوله: "يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به": إذا لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم شيء كان يعمل فيه بموافقة أهل الكتاب لأنهم أصحاب شرع، بخلاف عبدة الأوثان فإنهم ليسوا على شريعة، فلما أسلم المشركون انحصرت المخالفة في أهل الكتاب فأمر بمخالفتهم، وقد جمعت المسائل التي وردت الأحاديث فيها بمخالفة أهل الكتاب فزادت على الثلاثين حكمًا. اهـ.

والله أعلم.

www.islamweb.net