حكم شراء بيت عن طريق بنك ربوي في بلاد غير المسلمين

26-12-2012 | إسلام ويب

السؤال:
أنا من العراق, وسُنّي - والحمد لله -, وكلنا نعرف ما حصل وما يحصل في العراق, وقد تركت العراق عام 2005 وذهبت إلى الأردن, وكانت حالتي المادية صعبة جدًّا, فلم أتمكن من عمل إقامة؛ لأنها كانت مكلفة جدًّا, إلى أن أتانا ما يسمى اللجوء إلى دول الغرب, وقد حصلت على اللجوء في أمريكا, وقد أحسست بالفرق في التعامل والاهتمام والعناية, وكأني واحد من ذلك البلد, وكان الفرق شاسعًا بين التعامل في الأردن وأمريكا, والحمد لله تصرف لنا بطاقة لشراء الطعام أنا وعائلتي, والتأمين الصحي, والعمل على قدر الإيجار فقط, ولا أستطيع أن أوفر الإيجار إلا في آخر يوم - والحمد لله - على كل حال, لكنه حدث تغير في حياتي بعد وفاة أبي إلى رحمة الله, وقد حصلت على ميراث قدره 50000 دولار تقريبًا - والحمد لله – وقد فكرنا أن نشتري شقة في الأردن, وذهبت لكي أشتري لكننا فوجئنا بأشياء كثيرة: أولها: أن الإقامة غير ممكنة لمثل حالتي, وصعوبة المدارس, وصعوبة الأوضاع مع ما حصل في كل البلاد العربية - ولا حول ولا قوة إلا بالله - وعدنا إلى أمريكا خائبي الأمل, وقد فكرنا في العيش في أمريكا؛ حتى يفرج الله على البلاد العربية, ونجد منفذًا, ونستطيع أن نعيش في استقرار, وقد وجدنا منازل كثيرة بأسعار مختلفة, تبدأ من مئة ألف دولار فما فوق, والله أعلم بما أقول, وقد أجريت الاتصال بأهلي في العراق على أن يرسلوا لي بقية المبلغ, وقلت لهم: أنا سأسدد لكم, فرفضوا, وحاولت الاتصال بالأصدقاء, ولم أحصل إلا على خمسة آلاف دولار فقط, وأنا الآن أدفع إيجارًا - ما يقرب من ثمانمائة دولار أمريكي - وذهبت للاستفسار لكي أشتري بيتًا من البنوك, وأستطيع أن أوفي المبلغ المقترض خلال خمس أو ست سنوات - إن شاء الله - ولكن النظام هنا معروف, فلا يوجد قرض إلا به فائدة, وقد قالوا: يجب أن تدفع شهريا 612دولارًا أمريكيًا, فالفرق من 135 دولار إلى 200دولار شهريًا بين الإيجار والشراء, وأنا عندي طفلان - والحمد لله - وإذا أصبح عندي ثلاثة أطفال فيجب أن أغير السكن, ويكون الإيجار من 865 دولار إلى 950 دولار, وبعد الخمس أو الست سنوات - إن شاء الله – أسدد, ويكون البيت ملكًا لي - والملك لله الواحد القهار - وفي هذه الحالة أكون قد تخلصت من الإيجار والذي يأخذ من عملي 80% إلى 90%, فهل يجوز لي الأخذ من هذه البنوك الربوية؟ وقد تغيرت الكثير في البلاد العربية الآن, ولا أستطيع الاستقرار في أي بلاد؛ لأني - والله ِالذي لا إله إلا هو - حاولت الاستقرار في الكثير من البلاد العربية, لكن دون جدوى لأني عراقي, والمشكلة أن العراقي غير مرغوب به في الكثير من البلاد العربية, وللأسف فإنها حقيقة مرة, وأرجو النظر إلى سؤالي, ولا أستطيع أن أترك النقود في أي مكان, ولا أعرف بعد زمن ماذا سيحدث, وأريد أن أطمئن على من بعدي, وهذا واقع الحال.
ملاحظة: على سبيل المثال - وهذا غير ممكن, ولكن للتوضيح - لو وجدت منزلًا بالمبلغ الموجود عندي فسوف تقطع كل المساعدات التي أستلمها من الطعام والتأمين والدراسة, وهذا يحتاج مبلغًا من 1500دولار إلى 2000 دولار شهريًا, ولا أستطيع أن أوفر ربع هذا المبلغ في الشهر, ولكني إذا اشتريت البيت من البنك فسأستطيع المحافظة على كل المساعدات, بالإضافة إلى أن الإيجار الشهري سيقل من 135إلى 200 دولار, وهذا سأوفره لعائلتي.
أرجو الإجابة, بارك الله فيكم.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله عز وجل أن يسلك بنا وبك سبل الخير والسداد, وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدًا.

أما الاقتراض بالربا فهو من المحرمات التي لا تبيحه إلا الضرورة، وإذا أمكن الإنسان السكن بالإيجار دون مشقة فادحة تلحقه بسببه فلا ضرورة, وراجع الفتوى رقم: 140808.

وننبهك إلى خطورة الإقامة في تلك البلاد الغربية, ولا سيما على الأبناء والأهل حالًا ومآلًا, وقد قال العلامة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: الإقامة في بلاد الكفار خطر عظيم على دين المسلم وأخلاقه وسلوكه وآدابه, وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك, فرجعوا بغير ما ذهبوا به, رجعوا فساقًا, وبعضهم رجع مرتدًا عن دينه وكافرًا به وبسائر الأديان ـ والعياذ بالله ـ حتى صاروا إلى الجحود المطلق, والاستهزاء بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين؛ ولهذا كان ينبغي - بل يتعين - التحفظ من ذلك, ووضع الشروط التي تمنع من الهوي في تلك المهالك.

وانظر الفتوى رقم: 144781.

 والله أعلم.

www.islamweb.net