حكم بيع الشريك بضاعة على الشركة بالأجل

10-6-2013 | إسلام ويب

السؤال:
أعمل أنا وشريكي في مشروع تجاري واحتجنا تمويلا ماليا للمشروع، فطلبت من البنك تورقا إسلاميا بضمان راتبي، فأعطاني مبلغ 200000 ريال، وسؤالي: هل لو اشتريت بهذا الملبغ بضاعة للمحل وطلبت من شريكي نسبة ربحية مقابل هذا الملبغ في آخر السنة يجوز ذلك، مع العلم أن البنك سوف يستقطع من راتبي مبلغا شهريا؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأولا: سبق لنا بيان حكم التورق المنظم الذي تجريه بعض البنوك والشركات، وأنه ليس تورقا في الحقيقة، وإنما هو تحايل على الربا، وبالتالي يحرم الدخول فيه، وقد صدر بتحريم ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي، وارجع في تفصيل ذلك إلى الفتاوى التالية أرقامها: 46179، 102731، 133469.

لكن إذا كان للبنك الذي أخذت منه تمويلا هيئة شرعية يوثق بها علما وورعا، وأفتوك بجواز معاملة البنك في التورق الذي يجريه، فلا حرج عليك في تقليدهم في ذلك، ولو ظهر لك بعد ذلك أن من العلماء من يحرمها، لأن مذهب العامي هو مذهب من يفتيه من أهل العلم، قال تعالى:  فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {الأنبياء:7}.

ونتيجة السؤال العمل، فإذا عمل بالفتوى لم يكن عليه إثم فيما فعل ولو كان الحكم مختلَفا فيه بين قائل بالتحريم وآخر بالإباحة، وقد بينا ذلك في عدد من الفتاوى، منها الفتوى رقم: 194849.
أما بالنسبة لسؤالك الذي سألت عنه فجوابه كما يلي:
إذا كنت أخذت التمويل من البنك للشركة وليس لك شخصيا، وإنما بنية أنك وكيل عن الشركة، فهذا المال ملك للشركة، والدين واجب السداد على الشركة، وذلك بأن يتم إيداع القسط الشهري في حسابك من أموال الشركة قبل أن يتم استقطاعه من حسابك، ولا مانع أن تقرض الشركة مقدار القسط بأن يستقطع أولا من راتبك ثم تأخذ من أموال الشركة ما دفعته، وفي هذه الحالة تكون البضاعة التي يتم شراؤها بهذا المبلغ ملكا للشركة، ولا يجوز أن يكون لك أي ربح زائد عن المتفق عليه مع شريكك في عقد الشراكة، أما إذا كنت أخذت التمويل لنفسك وليس للشركة، فحينئذ لا مانع من أن تشتري بضاعة ثم تبيعها على المحل مرابحة وفق صيغة المرابحة للآمر بالشراء، وقد بينا شروط صحة بيع المرابحة للآمر بالشراء في عدد من الفتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 1608، 139582، 120690، فراجعها للفائدة.
لكن في هذه الحالة لا بد من مراعاة أمرين:
الأول: أن يكون الربح الذي تطلبه هو الربح المعتاد، كما لو كان غيرك هو الذي سيمول المحل ـ الشركة ـ وذلك تجنبا لاتخاذ هذه المعاملة حيلة لضمان ربح معين لأحد الشريكين، وهو ممنوع شرعا، قال الكاساني ـ رحمه الله ـ في بدائع الصنائع في الشروط العامة لجواز الشركات: ومنها: أن يكون الربح جزءا شائعا في الجملة, لا معينا, فإن عينا عشرة أو مائة, أو نحو ذلك كانت الشركة فاسدة، لأن العقد يقتضي تحقق الشركة في الربح، والتعيين يقطع الشركة، لجواز أن لا يحصل من الربح إلا القدر المعين لأحدهما, فلا يتحقق الشركة في الربح.

وهذا هو مقتضى العدل، كما قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إعلام الموقعين: فإن مبنى المشاركات على العدل بين الشريكين فإذا خص أحدهما بربح دون الآخر لم يكن ذلك عدلا, بخلاف ما إذا كان لكل منهما جزء شائع فإنهما يشتركان في المغنم والمغرم, فإن حصل ربح اشتركا فيه, وإن لم يحصل شيء اشتركا في المغرم, وذهب نفع بدن هذا كما ذهب نفع مال هذا، ولهذا كانت الوضيعة على المال، لأن ذلك في مقابلة ذهاب نفع المال.
الثاني: أن يكون شريكك هو الذي يعقد معك عقد شراء البضاعة نيابة عن الشركة، لا أن تتولى أنت طرفي العقد أصالة عن نفسك بائعا ووكالة عن الشركة مشتريا، وذلك بأن يكون هناك إيجاب وقبول بينك بصفتك مالكا، وبين شريكك بصفته وكيلا عن الشركة، بحيث لا يتداخل الضمانان، بل يتم تحديد اللحظة التي انتقل فيها ضمان البضائع منك إلى الشركة بكل وضوح، كما يمكنك إذا كنت أخذت التمويل لنفسك وليس للشركة أن ترفع رأس مالك في الشركة، بأن تقوموا بفسخ الشراكة الأولى، مع عمل تنضيض حكمي لموجودات الشركة، والمقصود بالتنضيض الحكمي كما جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي رقم: 92 ـ4ـ 16ـ بشأن التنضيض الحكمي: تقويم الموجودات من عروض، وديون، بقيمتها النقدية، كما لو تم فعلاً بيع العروض وتحصيل الديون.

ثم بعد ذلك إما أن توزع الأرباح إن كان هناك أرباح أو تضاف لرأس المال، ثم تقوم أنت برفع رأس مالك في الشركة من خلال ضخ الأموال التي حصلت عليها من التمويل في الشركة، ثم تبدأ شراكة جديدة بنسب ربح جديدة متفق عليها يراعى فيها أن رأس مالك في الشركة أكبر، فيكون الربح المستحق لك أكثر.
والله أعلم.

www.islamweb.net