النهي عن الكذب في المزاح والتشبه في الكلام

2-4-2014 | إسلام ويب

السؤال:
يحدث أحيانا أن تمزح بعض البنات مع بعض بقولها: لقد تمت خطبتي، وكلام قريب من هذا- مزاحا- مثل: سأرد لك شبكتك. فهل هذا حرام؟ وهل إن لم أعلق على كلامها لما فيه من بعض الكذب -إن كان لا يجوز- ولم أخبرها بعدم جوازه، واستكملت المزاح، هل يكون هذا محرما؟ خاصة إن كان على الفيس، وفي التعليقات العلنية، ويمكن أن أستصعب نصيحتها، وخاصة على الفيس علانية؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته السائلة الكريمة من صور المزاح محرم لسببين:‏
الأول: اشتمالها على الكذب ، وقد نهينا عن الكذب في المزاح ، لقول النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ ‏فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ " أخرجه أحمد بإسناد حسن ، وراجعي في ذلك الفتويين: ‏‏180179، 140417.

والثاني: أن فيه تشبها بالرجال ، فإن الخطوبة والشبكة وما يتبع ذلك من خطوات - تتعلق بالنكاح - إنما تكون بين ذكر وأنثى، لا بين أنثيين ، وتشبه النساء ‏بالرجال محرم ، وإطلاق أدلة المنع يشمل حالتي الجد والهزل ، ففي البخاري :"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" ، وكما أن هذا الإطلاق يشمل النهي عن التشبه ‏في الهيئة واللباس، فإنه يشمل التشبه في الكلام كما بينه أهل العلم. قال ابن حجر الهيتمي في (الزواجر) : الكبيرة السابعة ‏بعد المائة: تشبه الرجال بالنساء فيما يختص به عرفا غالبا ـ من ‏لباس، أو كلام، أو حركة، أو نحوها وعكسه. ‏اهـ.‏ ويعني بقوله: وعكسه ـ تشبه المرأة بالرجال في ذلك أيضا.‏ وقال الحافظ في الفتح: قال الطبري: المعنى: لا ‏يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس ‏والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس، قلت: وكذا في الكلام والمشي، فأما ‏هيئة اللباس ‏فتختلف باختلاف عادة كل بلد، فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس، لكن يمتاز ‏النساء ‏بالاحتجاب والاستتار. اهـ.‏

فإذا تقرر النهي عن هذه المحادثة ، فالواجب على من رأى ذلك أن ينكره وينهى عنه، وعلى من وقع فيه أن ‏يتوب وينتهي عنه ، قال تعالى ذاما بني إسرائيل : {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} {المائدة:79}، وإذا وقع المنكر علانية على الفيسبوك أنكر علانية على الفيسبوك، ففي حديث مسلم :" قال طارق بن شهاب: أولُ من بدأ ‏بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مَروان، فقام إليه رجلٌ فقال: الصَّلاةُ قبل الخطبة، قال: قد تُرِك ما هنالك، فقال أبو ‏سعيد: أمَّا هذا فقد قَضى ما عليه، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكُم منكرًا فلْيُغَيِّره ‏بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع ‏الفتاوى : "وأما إذا أظهر الرجل المنكرات ، وجب الإنكار عليه علانية ، ولم نبق له غيبة ، ووجب ‏أن يعاقب ‏علانية بما ‏يردعه عن ذلك من هجر وغيره ، فلا يسلم عليه ، ولا يرد عليه ‏السلام".‏اهـ
وطاعة الله وخشيته أولى بالرعاية من حرج النصح العلني على الفيسبوك أو غيره ، وقد قام النّبيّ ـ صَلَى ‏اللّه عليه وسَلّم ـ خطيبا يوما في أصحابه فقال: "ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه" رواه أحمد ‏وصححه الألباني.‏
على أن الإنكار علانية لا يعني الفظاظة والغلظة، ومجانبة الحكمة في الإنكار، بل لا بد من سلوك سبيل الرفق ‏والتدرج في الإنكار، فلا ينكر إلا بعد بيان الحكم الشرعي لجاهله ، فقد قال النّبيّ ـ صَلَى اللّه عليه وسَلّم ـ " عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، فَإِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ". رواه أحمد بإسناد صحيح ، وكان أصحاب ابن ‏مسعود إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون، يقولون: "مهلا رحمكم الله، مهلا رحمكم الله" . وقال سفيان الثوري: لا ‏يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إِلا من كان فيه خصال ثلاث: رفق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، ‏عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى.‏

والله أعلم.

www.islamweb.net