هل للولي العضل بسبب لون البشرة؟ وهل يصح النكاح إن زوّجها القاضي؟

11-4-2014 | إسلام ويب

السؤال:
حكم القاضي بزواج بكر دون موافقة وليها، وهم إخوانها؛ لعضلها من الزواج بشاب كفء، وحجتهم بشرته، فهل لهم الحق في العضل؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالراجح الذي تعضده الأدلة، أن الكفاءة المعتبرة في الزواج إنما هي الدين، فالرجل المسلم المرضي دينه، وخلقه، يتزوج بأي امرأة مسلمة، وراجعي في هذا فتوانا رقم: 998 بعنوان: لا ينبغي للولي أن يرفض خاطبًا ملتزمًا بالشرع.

وإذا رفض الولي تزويج موليته من الكفء بغير سبب معتبر شرعًا، فهذا من العضل المنهي عنه باتفاق: فقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا دَعَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الزَّوَاجِ مِنْ كُفْءٍ، أَوْ خَطَبَهَا كُفْءٌ، وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ تَزْوِيجِهِ دُونَ ‏سَبَبٍ مَقْبُولٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَاضِلاً؛ لأِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا مِنْ كُفْءٍ. اهـ. من الموسوعة الفقهية.‏

والعضل محرم، ففي الموسوعة الفقهية أيضًا: الأْصْل أَنَّ عَضْل الْوَلِيِّ مَنْ لَهُ وِلاَيَةُ تَزْوِيجِهَا مِنْ كُفْئِهَا حَرَامٌ؛ لأِنَّهُ ظُلْمٌ، ‏وَإِضْرَارٌ بِالْمَرْأَةِ فِي مَنْعِهَا حَقَّهَا فِي التَّزْوِيجِ بِمَنْ تَرْضَاهُ، وَذَلِكَ لِنَهْيِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ فِي قَوْلِهِ مُخَاطِبًا ‏الأْوْلِيَاءَ: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [ البقرة : 232]. اهـ.

لكن اختلفوا في العضل أكبيرة هو أم صغيرة.

قال الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: عَضْلُ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتَهُ عَنْ ‏النِّكَاحِ، بِأَنْ دَعَتْهُ إلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كُفْءٍ لَهَا, وَهِيَ بَالِغَةٌ، عَاقِلَةٌ فَامْتَنَعَ، وَكَوْنُ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ‏النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، فَقَالَ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْعَضْلَ كَبِيرَةٌ، لَكِنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ هُوَ، وَالْأَئِمَّةُ فِي تَصَانِيفِهِمْ أَنَّهُ ‏صَغِيرَةٌ, وَأَنَّ كَوْنَهُ كَبِيرَةً وَجْهٌ ضَعِيفٌ. اهـ.‏

وإذا عضل الولي، أمره القاضي بإنكاحها، فإن رفض، أنكحها القاضي في قول جمهور الفقهاء، وقيل: تنتقل ‏ولاية النكاح من العاضل إلى الولي الأبعد.

جاء الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ الْعَضْل مِنَ الْوَلِيِّ، ‏وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِتَزْوِيجِهَا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَضْل بِسَبَبٍ مَقْبُولٍ، فَإِنِ امْتَنَعَ انْتَقَلَتِ الْوِلاَيَةُ إِلَى غَيْرِهِ،‏ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَنْتَقِل إِلَيْهِ الْوِلاَيَةُ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ - عَدَا ابْنَ الْقَاسِمِ - وَفِي رِوَايَةٍ ‏عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْوِلاَيَةَ تَنْتَقِل إِلَى السُّلْطَانِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ‏؛ وَلأِنَّ الْوَلِيَّ قَدِ امْتَنَعَ ظُلْمًا مِنْ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ، فَيَقُومُ السُّلْطَانُ مَقَامَهُ لإِزَالَةِ الظُّلْمِ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَامْتَنَعَ عَنْ ‏قَضَائِهِ. اهـ.‏

والله أعلم.

www.islamweb.net