التأويل الصحيح لقوله تعالى: لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ

15-4-2014 | إسلام ويب

السؤال:
هل توافقني الرأي أن الملائكة المقربين في الآية: 172 ـ من سورة النساء هم سيدنا جبريل عليه السلام: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ـ خصوصا يا سعادة المفتي أن الآيات من بدايتها ـ أي من 171 إلى 172 ـ في سياق الرد على العقيدة النصرانية والتي حذرهم الله فيها من قول ثلاثة ـ أي الثالوث: الأب، الابن، الروح القدس ـ وقال بعد ذلك: إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد ـ أي أن الله منزه عن الولد فلا تقولوا الابن أصلا، لأن الله منزه عن ذلك، وأكد عدم حاجته له بقوله: له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا ـ ثم بعد ذلك قال لهم: لن يستنكف المسيح ـ وهو المسمى عندهم الابن، وأيضا: ولا الملائكة المقربون ـ وهم روح القدس، فهل توافقني أن الملائكة المقربين في الآية هم روح القدس سيدنا جبريل، لأنه ـ كما تعلم ـ سياق الآيات في الرد على العقيدة النصرانية وإبطال الثالوث، فالله قال لهم: ولا تقولو ثلاثة انتهوا خيرا لكم ـ أي لا تقولو: الأب، والابن، والروح القدس ـ نعوذ بالله من هذا الكلام.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا لا نوافق على هذا، لأمرين:

الأول: خلافه لما ذكر المفسرون، فقد قال البغوي في معنى الآية: لن يستنكف المسيح ـ لن يأنف ولن يتعظم، والاستنكاف: التكبر مع الأنفة: ولا الملائكة المقربون ـ وهم حملة العرش، لا يأنفون أن يكونوا عبيدا لله.... اهـ.

الثاني: أن التثليث الذي يزعمه النصارى لا يريدون به جبريل ولا يفسرون روح القدس بجبريل، فقد قال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير قول الله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة { المائدة: 73} والصحيح أنها نزلت في النصارى خاصة، قاله مجاهد، وغير واحد، ثم اختلفوا في ذلك، فقيل: المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة: وهو أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن ـ تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً ـ قال ابن جرير وغيره: والطوائف الثلاثة من الملكية، واليعقوبية، والنسطورية، تقول بهذه الأقانيم، وهم مختلفون فيها اختلافاً بيناً، ليس هذا موضع بسطه، وكل فرقة منهم تكفر الأخرى، والحق أن الثلاثة كافرة، وقال السدي وغيره: نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار، قال السدي: وهي كقوله تعالى: في آخر السورة: وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك {المائدة: 116} وهذا القول هو الأظهر. والله أعلم.

وانظر للتوسع تفسير الطبري ـ جامع البيان في تأويل القرآن:4ـ652 ـ وتفسير القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 6ـ161.

والله أعلم.

www.islamweb.net