حكم تداول أسهم الشركات حديثة التأسيس قبل وجود أصول عينية

22-4-2014 | إسلام ويب

السؤال:
تطرح أسهم شركة جديدة للاكتتاب ونكتتب فيها بسعر معين، ثم بعد فترة بعد أن يخصصوا للمكتب أسهمه تدرج جميع الأسهم للبيع في السوق، والسؤال هو: بإدراج الأسهم للبيع والشراء، هل يعني ذلك أن الشركة قد اشتغلت وتملك أصولا أم لا؟ لأننا لا نملك المعلومة، وفور إدراجها نبيع خشية أن تستدين الشركة أموالا بفائدة، ونخشى من الربا، لكن إذا أدرجت دون أن تكون هناك أصول للشركة ورأس مال، فهذا هو الربا بعينه.
أفتونا مأجورين.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يجوز الاكتتاب في شركات الأسهم ذات النشاط المباح والتي لا تعامل بالربا، وأما حكم بيع الأسهم في مرحلة التأسيس قبل أن يكون لها أصول عينية: فإن المفتى به عندنا أن بيع الأسهم التي ليس لها أصول عينية له حكم الصرف، وهذا الذي صدر به قرار المجمع الفقه الإسلامي، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 179671.

وعلى هذا القول، فيلزم التأكد من وجود أصول للشركة لمن أراد بيع الأسهم في مرحلة التأسيس على غير وجه الصرف، ويرى بعض الباحثين ـ ومنهم الدكتور يوسف الشبيلي ـ جواز تداول أسهم الشركات حديثة التأسيس التي تمارس أنشطة مباحة مطلقا، ولو كان الأغلب في موجوداتها النقود، وذكر أدلته على ذلك، بقوله:
أولاً: لأن هذه الشركات لا تخلو من موجودات أخرى غير النقود، وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومن ذلك:
1ـ الحقوق المعنوية كالاسم التجاري للشركة، والدراسات السابقة لإنشائها، وتصاريح العمل، وقوة الإدارة وكفاءتها، وغير ذلك.

2ـ بعض الأصول المملوكة للمنشأة من أراضٍ أو سياراتٍ أو أثاثٍ أو غير ذلك.
3ـ ومنافع الأعيان المستأجرة والأشخاص العاملين في الشركة وقت تأسيسها.

ثانياً: ولأن التكييف الشرعي للأسهم ـ على رأي كثير من العلماء المعاصرين ـ أنها عروض مهما كانت موجودات أو طبيعة عمل الشركة التي أصدرتها، لأنها أموال قد اتخذت للاتجار، وصاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء، ويكسب منها كما يكسب كل تاجر من سلعته، وهذا الرأي له قوة وحظ من النظر.

4ـ ولأن الزيادة في قيمة السهم بعد بدء التداول ليست زيادة في قيمة موجودات السهم، وإنما هي زيادة في قيمة السهم نفسه، والسهم شيءٌ وما يمثله من موجودات في الشركة شيءٌ آخر، ولهذا لو طلب مالك السهم حصته من الموجودات لم يُمَكَّن من ذلك، لأن امتلاكه للسهم لا يعني امتلاكه لما يمثله من موجوداتٍ بأعيانها.

ثالثاً: وعلى فرض التسليم بصحة التكييف القائل بأن بيع الأسهم له حكم ما يمثله السهم من موجودات، فالذي دل عليه حديث ابن عمر المتفق عليه: من باع عبداً له مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع ـ أن المبيع إذا اشتمل على نقدٍ واشتري بنقدٍ من جنسه، ولم يكن النقد المخلوط مقصوداً فلا يلتفت إليه، بمعنى أنه لا يجري على الصفقة حكم الصرف حتى ولو كانت قيمة النقد المخلوط أكثر من قيمة الخِلط الذي معه، قال ابن قدامة رحمه الله: الحديث دل على جواز بيع العبد بماله إذا كان قصد المشتري للعبد لا للمال... فيجوز البيع سواء كان المال معلوماً أو مجهولاً، من جنس الثمن أو من غيره، عيناً كان أو ديناً، وسواء كان مثل الثمن أو أقل أو أكثر ـ وبخصوص الشركات الإنتاجية حديثة التأسيس: فإن النقد الذي فيها لأن المشتري ـ بشرائه السهم ـ لا يقصد الحصول على النقد الذي في الشركة، ولا ينتقي من الشركات ما هو أكثر نقديةً، بل قصده الحصول على الربح الرأسمالي أو الدوري أياً كانت الموجودات.
رابعاً: وعلى فرض التسليم بأن النقد الذي في الشركة مقصود وأن بيع الأسهم له حكم بيع موجوداتها، فإن صورة هذه المعاملة كالمسألة المعروفة عند الفقهاء بمسألة: مد عجوة ودرهم ـ وهي: بيع الربوي بجنسه ومع أحدهما من غير جنسهما، وكل من الربويين مقصود في العقد، وبيان ذلك أن الأسهم مؤلفة من:
1ـ النقد.

2ـ والأموال الأخرى من حقوقٍ وأعيانٍ ومنافع.

وفي الطرف المقابل فالثمن من الريالات، فالريالات في طرفي العقد مقصودة، ومع أحد الطرفين مالٌ غير ربوي، والذي رجحه عدد من المحققين من أهل العلم ـ منهم ابن تيمية ورواية عن الإمام أحمد ـ أن العقد يصح بشرطين:

الأول: أن يكون المال الربوي المفرد أكثر من الذي معه غيره.
والثاني: ألا يكون القصد من المعاملة التحايل على الربا، وذلك بأن يكون ما مع الربوي له قيمة حقيقية، ولم يؤت به للتحليل.

وكلا الشرطين متحققٌ في بيع هذه الأسهم، فإنها تباع بقيمتها السوقية وهي أعلى من القيمة الاسمية التي تم الاكتتاب بها كما أن الموجودات الأخرى غير النقدية في الشركة ذات قيمة حقيقية ولم يؤت بها حيلة. اهـ بتصرف.

 

والله أعلم.

www.islamweb.net