‏هل تثاب الحائض زمن الحيض على ما كانت تعمله أيام طهرها، ومنعها الحيض منه؟

14-5-2014 | إسلام ويب

السؤال:
ورد عن الرسول صلى الله عليه ‏وسلم، أذكار تقال بعد الصلاة كالتسبيح، والتحميد، ‏والتكبير ثلاثًا ‏وثلاثين، وفي حديث آخر عشر ‏مرات لكل منها،‏ فهل تقال في مواعيد ‏الصلوات إن وجد عذر شرعي لعدم ‏الصلاة؟ أم إن الحكم يكون كحكم المريض ‏الذي يكتب له أجر ما كان يعمله في ‏صحته -جزاكم الله خير الجزاء-؟‏

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد: ‏

فمن المعلوم أن معقبات الصلاة من الأذكار المرتبطة بالصلاة، كما تدل عليه ألفاظ الأحاديث الواردة فيها، كحديث: تسبحون ‏وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة. وحديث: معقبات لا يخيب قائلهن، أو فاعلهن دبر كل صلاة. وحديث: من سبح الله في دبر كل ‏صلاة. وحديث: كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له ...  وغيرها من الأحاديث.

‏والمرأة الحائض، أو النفساء وإن كان لها أن تكثر من ذكر الله تعالى، إلا أن التزامها معقبات الصلاة في أوقاتها مع ‏كونها لا تصلي، فهذا لا نعلم أنه ورد به دليل، أو أن نساء الصحابة فعلنه، أو قال به أحد من الأئمة؛ ومن ثم فالسنة ‏تركه، ولها أن تفعل من الذكر ما شاءت، من غير أن تلتزم شيئًا من ذلك في أوقات لم يرد الدليل بالتزامه فيها.

 وأما ‏هل تثاب الحائض زمن الحيض على ما كانت تعمله من عبادات أيام طهرها، ومنعت منه بسبب الحيض؟

  فجوابه أن ‏بعض العلماء قد أخذوا من حديث: إذا مرض العبد أو سافر ... أنها تثاب.

  وقد دلت الأدلة على أن ثواب المعذور ‏ليس محصورًا في المرض، أو السفر، بل بوجود العذر المانع؛ ففي الحديث: إن أقوامًا بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبًا، ‏ولا واديًا إلا وهم معنا فيه حبسهم العذر.

والعذر أعم من المرض؛ فإن في المدينة أناسًا تخلفوا لعدم وجود نفقة ‏يتمكنون بها من الخروج للجهاد وهم أصحاء، كما قال تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التوبة:91}. ومع هذا فهم مثابون، وكذا جاء ‏في الحديث: من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه. رواه مسلم.

  قال عياض: ‏هذا يدل على أن من نوى شيئًا من أفعال الخير، ولم يفعله لعذر يكون بمنزلة من عمله. اهــ.

ورد هذا القول آخرون ‏مستظهرين أنها لا تثاب.

  قال المناوي في فيض القدير عند شرحه لحديث: إذا مرض العبد أو سافر: أخذ من الحديث ‏أن الحائض، والنفساء تثاب على ترك الصلاة في زمن الحيض قياسًا على المريض، والمسافر، ورُد بالفرق بأن ‏المريض أو المسافر كان يفعلها بنية الدوام، مع أهليته لها، والحائض غير ذلك، بل نيتها ترك الصلاة في وقت الحيض، ‏‏بل تحرم عليها نية الصلاة زمن الحيض، وإن كانت لا تقضيها. اهــ.

وقال النووي في شرح مسلم: فإن قيل فإن ‏كانت معذورة، فهل تثاب على الصلاة في زمن الحيض، وإن كانت لا تقضيها، كما يثاب المريض، والمسافر، ويكتب له في ‏مرضه، وسفره مثل نوافل الصلوات التي كان يفعلها في صحته، وحضره، فالجواب أن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب، ‏والفرق أن المريض والمسافر كان يفعلها بنية الدوام عليها، مع أهليته لها، والحائض ليست كذلك، بل نيتها ترك الصلاة ‏في زمن الحيض، بل يحرم عليها نية الصلاة في زمن الحيض، فنظيرها مسافر أو مريض كان يصلي النافلة في وقت، ‏ويترك في وقت، غير ناو الدوام عليها، فهذا لا يكتب له في سفره، ومرضه في الزمن الذي لم يكن يتنفل فيه، والله أعلم. ‏اهــ.

وأخذ بعض الفقهاء أنها لا تثاب من حديث: ما رأيت من ناقصات عقل، ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ‏‏... أليس إذا حاضت لم تصل، ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها.

قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ‏ويتوجه أن وصفه لها عليه السلام بنقصان الدين بترك الصلاة زمن الحيض، يقتضي أن لا تثاب عليها. اهــ.

ولكنها ‏تثاب على ترك العبادة امتثالًا للشرع، كما في حاشية الجمل: وتثاب الحائض على ترك ما حرم عليها، إذا قصدت امتثال ‏الشارع في تركه. اهــ.‏

والله أعلم.

www.islamweb.net