الجواب عن شبهة أن الأمر بشرب أبوال الإبل أمر دنيوي ثبت ضرره

20-5-2014 | إسلام ويب

السؤال:
قرأت في موقعكم المبارك، ما ذكرتموه عن ‏موضوع الحديث الذي رواه الإمام ‏مسلم، وغيره، وفيه أمر من النبي ‏عليه الصلاة والسلام بشرب أبوال ‏الإبل، وألبانها، ورأيت منكم التمسك ‏الشديد بأمر النبي عليه الصلاة ‏والسلام بهذا الحديث، وقبل أن أقول ‏كلامي حول الموضوع، فإني أشهد ‏الله أني من الملتزمين بالسنة -إن ‏شاء الله- والمتمسكين بها، ولست ‏متبعًا للشبهات، ولكن بعد بحثي في ‏هذا الموضوع، وما تبين لي من ‏أقوال كثير من العلماء حاليًا حول ‏سُمية، وضرر أبوال الإبل، خطر لي ‏حديث تأبير النخل، وفكرت في ‏الموضوع، فوجدت أن الأمرين ‏متشابهان، وهما أمران دنيويان، ‏ليس فيهما شيء من أمور الآخرة، ‏وليسا أمرًا من عند الله،‏ فلماذا لا نخرج حديث الأمر بشرب أبوال ‏الإبل، مخرج الأمر بالكف عن تأبير ‏النخل، ما دام أن ‏الضرر فيه قد بان، كما بان الخطأ ‏في الكف عن التأبير، أتمنى منكم التفكير في هذا ‏الموضوع جيدًا، لعلنا نكف عن ديننا ‏شر الجهلة العلمانيين -بإذن الله- ‏ولست أرى في هذا الموضوع شيئًا ‏يدعونا للتمسك به، كباقي أوامر ‏الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد ‏قال: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ ‏بشيء مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا ‏أَمَرْتُكُمْ بشيء مِنْ رَأْي، فَإِنَّمَا أَنَا ‏بَشَرٌ" وبوركتم، وبورك مسعاكم.‏

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد: ‏
‏ ‏فالذي نعرفه من حال كثير من ‏المسلمين، أنهم يتحاشون مثل هذه ‏الأحاديث الثابتة في السنة، لا لشيء ‏تأصيلي، أو علمي بحت، كهذا المثال ‏الذي ذكره السائل في مسألة تأبير ‏النخل، وإنما كما عبر السائل: (لعلنا ‏نكف عن ديننا شر الجهلة ‏العلمانيين)!

 والحقيقة أن مثل هذا ‏المسلك ليس برشيد، ومع ما فيه من ‏إضاعة لجانب من السنة، فإنه لا ‏يفي بالغرض، فلن يكف العلمانيون ‏عن الطعن، ويكفي في هذا المثال أن ‏يقولوا: انظروا إلى عقل نبيكم، ‏وتدبيره لأمر صحتكم، وذوقه ‏واختياره لكم؟! ونحو هذا الكلام ‏الذي لا يخلو من طعن، إن لم يكن ‏في الوحي والدين، ففي العقل ‏والذوق! هذا من جهة.‏ ‏

 ومن جهة أخرى فإننا إن سلمنا ‏جدلًا بأن السائل قد اطلع على أقوال ‏كثير من العلماء حول سمية، وضرر ‏أبوال الإبل! فإن هذه الأقوال هي ‏الأولى بالبحث، والنظر، والمراجعة ‏لمعرفة قيمتها العلمية!

فإن الذي ‏ثبت عندنا هو العكس، فإن الذين ‏يهتمون بضبط الكلام في باب ‏الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ‏وبيان مرتكزاته، والبعد عن الغلو ‏فيه، ذكروا لذلك أمثلة علمية ‏مستوفية لهذه الضوابط، فكان منها: ‏التداوي بأبوال الإبل، ومن هؤلاء ‏الأستاذ الدكتور عبد الله المصلح في ‏رسالته: (قواعد تناول الإعجاز ‏العلمي، والطبي في السنة ‏وضوابطه) فقال في آخرها: والآن ‏وبعد أن اكتملت الصورة في أذهاننا ‏حول مرجعية الإعجاز العلمي ‏ومرتكزاته، وضوابطه على نحو ‏عام، والطبي على وجه الخصوص، ‏نعود إلى رياض هذا الإعجاز ‏لنستجلي نماذج أخرى منه في آفاق ‏الكون الرحيب علويه، وسفليه، بل ‏وفي ذات النفس الإنسانية التي ‏تجعل المتعاملين من العلماء ‏المنصفين أمثالكم يزدادون تيقنًا، ‏وخشوعًا لله لدى وقوفهم على ‏تطابق الخبر عنها،  مع حقيقة الأثر ‏لدى رؤيتها. ‏

المثال الخامس: (عجائب وأسرار ‏العلاج بأبوال الإبل): يعد البول من ‏المواد الإخراجية الهامة، والتي ‏يتخلص منها الإنسان، والحيوان؛ ‏ولأهمية البول فقد ورد ذكره في ‏الإسلام من وجهين مختلفين: ‏أحدهما يمثل الضرر، والآخر يمثل ‏النفع، وهذا مما يظهر اهتمام ‏الإسلام بدقائق الأمور التي تهم الفرد ‏المسلم؛ ليجدها نصب عينيه، واضحة، ‏جلية في القرآن الكريم، والسنة ‏النبوية الشريفة.

لذا فإننا سنقف بين ‏هذين الأمرين حين يدعو أحدهما إلى ‏الوقاية منه، والآخر إلى العلاج به.

‏فالطب الوقائي يعني حفظ صحة ‏الفرد، وذلك باتباع كل ما يعود عليه ‏بالصحة والنشاط، والابتعاد عن كل ‏شيء يعود عليه بالضرر؛ لذا يظهر ‏أهمية هذا الأمر على لسان رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم من حديث ‏ابن عباس -رضي الله عنهما- عن ‏النبي صلى الله عليه وسلم قال: ‏‏"نعمتان مغبون فيهما كثير من ‏الناس: الصحة، والفراغ".‏ ‏

أما الطب العلاجي، فإنه يتسم ‏بالتقنيات المختلفة التي يستخدمها ‏الإنسان لإزالة المسبب المرضي، ‏الذي يخرج الإنسان من الاتزان ‏الطبيعي -الذي يتمتع به أثناء صحته ‏‏-إلى مرض قد يكون سببًا يؤدي به ‏إلى الوفاة؛ لذا نجد أن البول الذي ‏يعد من المواد الإخراجية التي ‏يتخلص منها الإنسان، أو الحيوان قد ‏يكون بعضه علاجًا، وبعضه ممرضًا.

‏من هنا يظهر لنا صورة الإعجاز ‏العلاجي من حديث رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم الذي يرويه الإمام ‏البخاري، عن أنس -رضي الله عنه-: ‏أن رهطًا من عرينة، قدموا على ‏النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا ‏اجتوينا المدينة، فعظمت بطوننا، ‏وارتهشت أعضادنا، فأمرهم النبي ‏صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا ‏براعي الإبل، فيشربوا من ألبانها، ‏وأبوالها حتى صلحت بطونهم، ‏وألوانهم.

وقد وردت أحاديث حول ‏الأبوال الممرضة: منها نهيه عن ‏البول في الماء الراكد، وحديث ‏الاستبراء من البول، وغيرهما.

ومن ‏خلال تلك الأحاديث يتبين لنا الفرق ‏بين بول الإنسان الذي يسبب الكثير ‏من الأمراض، وبول الإبل الذي أمرنا ‏الرسول صلى الله عليه وسلم بشربه ‏لغرض العلاج.

وهناك أشياء كثيرة ‏حذرنا الإسلام من تناولها، وأخرى ‏أمرنا باستخدامها مادة علاجية، مثل ‏النحل يخرج من بطونها شفاء ‏للناس، وهناك حشرات تخرج من ‏بطونها جراثيم حذرنا الإسلام منها.

‏والذي يهمنا الآن هو أبوال الإبل، ‏وما فيها من فوائد علاجية هامة، ‏ففي جامعة الجزيرة بالسودان، بكلية ‏المختبرات أجريت التجارب العديدة ‏على يد البروفسور أحمد عبد الله ‏محمداني حيث ذكر أن التجارب ‏أجريت على 25 شخصًا مدة خمسة ‏عشر يومًا، وهؤلاء المرضى ‏المصابون بمرض الاستسقاء، ‏وبدأت التجربة معهم بإعطاء كل ‏مريض منهم يوميًا جرعة محسوبة ‏من بول الإبل مخلوطًا بلبنها، حتى ‏يكون مستساغًا، وبعد 15 يومًا من ‏بداية التجربة، كانت النتيجة مذهلة، ‏حيث انخفضت بطونهم، وعادت ‏لوضعها الطبيعي، وشفي جميع أفراد ‏العينة من الاستسقاء، وكان من ‏الحاضرين للتجربة برفسور إنجليزي ‏أصابته الدهشة، والذهول، وأشاد ‏بالتجربة العلاجية، وأجريت التجربة ‏على الكبد، وغيرها، وكانت النتائج ‏رائعة جدًّا.‏ ‏

وسئل الدكتور زغلول النجار عن ‏التداوي بأبوال الإبل: فأجاب بأن ‏إحدى الشركات الكبرى المصنعة ‏للأدوية (شركة سورانو) انطلقت من ‏حديث رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم عن البول لإنتاج دواء ‏للتشجيع على الحمل، للسيدات اللاتي ‏يعانين من مشكلات، أو قصور في ‏الحمل، وما زال هذا العلاج ينتج ‏حتى الآن، ويستخدم بول الإبل في ‏العلاج من غير الشرب لعلاج ‏السعفة، والدمامل، والجروح التي ‏تظهر في جسم الإنسان، والشعر، ‏والقروح، وغير ذلك من الفوائد ‏العلاجية الكثيرة. ‏

هذا، وقد تبين من خلال الدراسة، ‏وتتبع أغذية الإبل، أنها تتغذى ‏بأنواع كثيرة من الأشجار التي تعجز ‏عنها معظم الحيوانات.‏ ‏

هذا، وقد قامت الدكتورة أحلام ‏العوضي، بتحليلات على أبوال الإبل ‏فوجدته عالي الملوحة، وكثير ‏الفوائد العلاجية؛ ومن خلال التجارب ‏التي أجرتها الدكتورة العوضي، ‏والجديبي اتضح أن بول الإبل يعمل ‏على بلزمة محتويات فطر ‏ANYGER‏ وخميرة ‏ALBICANS‏.

‏وعلى إثر هذه التحاليل قامت ‏الدكتورة أحلام العوضي، باستخراج ‏مستحضر من بول الإبل حيث تم ‏صنع هذا المستحضر، وأخذت عليه ‏براءة اختراع من مدينة الملك عبد ‏العزيز للعلوم والتقنية، وقد أطلقت ‏على هذا المستحضر (أ-وزرين) ‏حيث تبين أن بول الإبل هو العلاج ‏الفعال للإصابات الجلدية،‏ وقد قامت الأستاذة منال قطان ‏بأطروحة لنيل درجة الماجستير، ‏أثبتت من خلال دراسة معملية على ‏المستحضر، أنه يقضي على ‏البكتريا، والخميرة المسببة ‏للأمراض الجلدية، كما أجريت دراسة ‏تطبيقية على عدد من المتطوعين، ‏لديهم إصابات جلدية مختلفة، تم ‏علاجهم بمرهم (أ-وزرين) وقد أبدى ‏العلاج نجاحًا عظيمًا على جميع ‏الإصابات، ومن بينها إصابات لم تجد ‏الشفاء بالعلاج الطبي، وعولجت ‏بمرهم (أ-وزرين) فشفيت بإذن الله.

 ‏هذا، وقد تم علاج (39) متطوعًا ‏لديهم إصابات جلدية، تم شفاؤهم ‏بإذن الله، وقد شملت هذه الأمراض ‏إصابات الأظافر بالفطريات، ‏بالإضافة لإصابة مكنيكية، (السعفة: ‏التينا) التهابات عن طريق الخمائر، ‏الحساسية، ومن بينها الأكزيما، ‏شروخ في الشرج، والحروق، وحب ‏الشباب، والدمامل، وغير ذلك من ‏الأمراض التي تصيب الجلد، وغيره. ‏اهـ.

ويمكن الاطلاع على بحث ‏‏(عجائب وأسرار العلاج بأبوال الإبل) ‏المنشور على موقع هيئة الإعجاز ‏العلمي في القرآن والسنة.

ولمزيد ‏الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: ‏‏12472، 73717.

والله أعلم.

www.islamweb.net