وجوب إيصال الماء ‏إلى جميع البشرة محل اتفاق

4-6-2014 | إسلام ويب

السؤال:
‏ ورد في كتاب: الفقه على المذاهب ‏الأربعة، في فرائض الغسل ص ‏‏106: "واتفقوا على وجوب تخليل ‏الشعر إذا كان خفيفا ًيصل الماء إلى ‏ما تحته من الجلد. أما إذا كان غزيراً ‏فإن المالكية قالوا يجب أيضاّ تخليله، ‏وتحريكه حتى يصل الماء إلى ظاهر ‏الجلد. أما الأئمة الثلاثة فقالوا إن ‏الواجب أن يدخل الماء إلى باطن ‏الشعر، فعليه أن يغسله ظاهرا، ‏ويحركه حتى يصل الماء إلى باطنه"
‏هل هذا صحيح؟
وكيف أوصل الماء ‏إلى ظاهر الجلد؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

‏ فالكلام المنقول عن الكتاب صحيح ‏النسبة إليه، ولكن ما ذكره غير ‏صحيح.

  فقد قال النووي في شرح ‏المهذب، وهو من الشافعية: وأما ‏النية، وإفاضة الماء على جميع البدن ‏شعره، وَبَشَرِهِ فَوَاجِبَانِ بلا خلاف، ‏وسواء كان الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى الْبَشَرَةِ ‏خَفِيفًا، أَوْ كَثِيفًا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى ‏جَمِيعِهِ، وَجَمِيعِ الْبَشَرَةِ تحته بلا ‏خلاف، بخلاف الكثيف فِي الْوُضُوءِ؛ ‏لِأَنَّ الْوُضُوءَ مُتَكَرِّرٌ، فَيَشُقُّ غَسْلُ ‏بَشَرَةِ الْكَثِيفِ؛ وَلِهَذَا وَجَبَ غَسْلُ ‏جَمِيعِ الْبَدَنِ فِي الْجَنَابَةِ دُونَ الْحَدَثِ ‏الْأَصْغَرِ. انتهى.

 وقال ابن قدامة ‏الحنبلي رحمه الله: وَغَسْلُ بَشَرَةِ ‏الرَّأْسِ وَاجِبٌ، سَوَاءٌ كَانَ الشَّعْرُ ‏كَثِيفًا أَوْ خَفِيفًا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا تَحْتَ ‏الشَّعْرِ، كَجِلْدِ اللِّحْيَةِ، وَغَيْرِهَا؛ لِمَا ‏رَوَتْ «أَسْمَاءُ، أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ - ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غُسْلِ ‏الْجَنَابَةِ، فَقَالَ: تَأْخُذُ مَاءً، فَتَطَهَّرُ، ‏فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أَوْ تَبْلُغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ ‏تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا، فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ ‏شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا ‏الْمَاءَ» . وَعَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏‏-عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -‏أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ ‏جَنَابَةٍ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فُعِلَ بِهِ مِنْ ‏النَّارِ كَذَا وَكَذَا». قَالَ عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ ‏عَادَيْت شَعْرِي. قَالَ: وَكَانَ يَجُزُّ ‏شَعْرَهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّ مَا تَحْتَ ‏الشَّعْرِ بَشَرَةٌ أَمْكَنَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا ‏مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَلَزِمَهُ كَسَائِرِ بَشَرَتِهِ. ‏انتهى.

 وفي الدر المختار من كتب ‏الحنفية: (وَيَجِبُ) أَيْ يُفْرَضُ (غَسْلُ) ‏كُلِّ مَا يُمْكِنُ مِنْ الْبَدَنِ بِلَا حَرَجٍ مَرَّةً ‏كَأُذُنٍ وَ(سُرَّةٍ، وَشَارِبٍ، وَحَاجِبٍ وَ) ‏أَثْنَاءِ (لِحْيَةٍ) وَشَعْرِ رَأْسٍ وَلَوْ مُتَبَلِّدًا ‏لِمَا فِي -{فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] -‏مِنْ الْمُبَالَغَةِ.

قال صاحب الحاشية: ‏‏(قَوْلُهُ: وَشَارِبٍ، وَحَاجِبٍ) أَيْ بَشَرَةً، ‏وَشَعْرًا وَإِنْ كَثُفَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي ‏النِّيَّةِ. انتهى.

وبه تعلم أن ما نقله ‏هذا المصنف عن الثلاثة من أنه ‏يجزئ غسل الشعر، ولا يجب إيصال ‏الماء إلى البشرة، خطأ ظاهر، بل هم ‏متفقون على وجوب إيصال الماء ‏إلى البشرة، وذلك سهل يسير، ‏وطريقه أن يخلل رأسه حتى يظن أنه ‏قد أروى أصول بشرته، كما جاء عن ‏النبي صلى الله عليه وسلم، والإسباغ ‏يكفي فيه غلبة الظن ولا يشترط ‏اليقين.

وتنظر الفتوى رقم: 133019 .

والله أعلم.‏

www.islamweb.net