مذاهب العلماء فيمن مات ووجب عليه الحج ولديه مال لم يعلم به

3-2-2015 | إسلام ويب

السؤال:
جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به من الإجابة على السؤال رقم: 2539065، ولكن أرجو مزيدا من التوضيح؛ فإن قطعة الأرض لم تقسم، ولم تُبع حتى الآن، فهل وجود نصيب للخالة المتوفاة دون أن تتمكن من حيازته حتى توفيت (بل قد تكون جاهلة بحقها في الأرض أصلا) يعتبر في حقها قدرة مالية على الحج؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالأمر كما ذكرنا في الفتوى المشار إليها إذا كانت تلك الأرض زائدة عن حاجتها الأصلية، فإنها تعتبر ممن استقر الحج في ذمتها، وكان الواجب عليها في حياتها أن تبيع من تلك الأرض ما تؤدي به فريضة الحج أو تُنِيبَ ما يحج عنها إذا كانت عاجزة بدنيا، وإذ لم تفعل فإنه يُؤخَذَ من تركتها الآن ما يُحج به عنها، وإذا لم يبق من تركتها إلا تلك الأرض بيعت وأخذ من ثمنها ما يُحجُّ به عنها.
وإذا لم تعلم بتلك الأرض حتى ماتت لم يسقط وجوب الإحجاج عنها بعد وفاتها من تلك الأرض؛ لأن الحج يستقر في ذمتها مع عدم علمها بذلك المال اعتبارًا بحقيقة الأمر وليس بظنها؛ قال في تحفة المحتاج: وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُطِيعٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْعِلْمُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ ... اهـ.
قال الشرواني في حاشيته على التحفة: (قَوْلُهُ: اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ. اهـ.

ويرى بعض الفقهاء أن الحج لا يستقر وجوبه عليها مع عدم العلم بالمال؛ قال النووي في المجموع: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تقول: لا يجب الحج بِمَالٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ، وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ. اهـ.

وأجاب عنه المتأخرون بأن الذي ينتفي مع عدم العلم بالمال هو استطاعة المباشرة لا الاستقرار؛ جاء في حاشية الجمل: وَمَا اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخَانِ (يعني: الرافعي، والنووي) مِنْ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ، وَلَا اسْتِطَاعَةَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَالِ وَالطَّاعَةِ، يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ إمَّا الِاسْتِطَاعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبَاشَرَةِ وَهَذِهِ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْجَهْلِ، وَإِمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِقْرَارِ وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ. اهـ.

والله تعالى أعلم.

www.islamweb.net