"من سن في الإسلام سنة حسنة.." شرح وتفصيل

22-2-2003 | إسلام ويب

السؤال:
يقول عليه الصلاة والسلام ( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ) إلى آخر الحديث ولكن عندما نحاول عمل شيء فإنهم يقولون بأنه بدعة ولا يجوز ذلك فأرشدوني وجزاكم الله عن الأمة الإسلامية كل خير.

الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالمقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. رواه أحمد ومسلم والترمذي.
أقول: إن المقصود منه أن من سنَّ من الأعمال الواقعة تحت ما أمر الله ورسوله به وندب إليه فهو من الأعمال المحمودة التي يثاب عليها صاحبها، فيكون له أجرها وأجر من عمل بها، وإن لم يكن لهذه الأعمال مثالٌ موجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذا الباب قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح جماعة: نعمت البدعة هذه. وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنُّ الاجتماع لها طوال أيام الشهر، إنما صلَّى بهم ليالي ثم ترك ذلك، ولا كان الاجتماع لها على عهد أبي بكر ، وكان عمر رضي الله عنه أول من جمع الناس عليها وندبهم إليها - على النحو المعروف الآن - ومع ذلك فالاجتماع لصلاة التراويح سنة حسنة؛ لأنها موافقة للأصول الشرعية، فقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان، وصلَّى بهم جماعة ليالي من رمضان ثم ترك ذلك خشية أن تفرض على الأمة، فلما مات - صلوات الله وسلامه عليه - وانقطع الوحي واستقرت الفرائض على ما هي عليه، كان فعل عمر لها -مع انتفاء المانع الذي خشيه النبي صلى الله عليه وسلم- سنة حسنة، ومن هذا الباب أيضاً أن الصحابة جمعوا القرآن وكتبوه في المصاحف وجمعوا الناس على المصاحف العثمانية، وأحرقوا ما سوى ذلك من المصاحف التي كانت عند الصحابة، واتبعهم الناس على ذلك فجمعوا العلم ودونوه وكتبوه، وهذا كله من قبيل السنة الحسنة مع أنه يندرج تحت أصول كانت موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مندرج فيما ندبت إليه الشريعة من الألفة وجمع الكلمة وعدم التفرق وحفظ القرآن...إلخ.
ومما يؤكد ذلك أن السبب في ورود قوله صلى الله عليه وسلم: من سنَّ سنة حسنة... هو الصدقة، كما في صحيح مسلم من حديث جرير رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، فجاء قوم حفاة عراة مجتابي النمار، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: وبعد: تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: من سنَّ في الإسلام سنة حسنة...
فالصدقة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، وعمل هذا الرجل عمل بما هو مشروع، ولكنه كان البادئ بهذا الخير، ويؤيد ذلك أيضاً أن كون العمل حسناً أو سيئاً إنما يعرف من جهة الشرع لا غير، فلا بد للعمل حتى يكون سنة حسنة أن يكون مندرجاً تحت ما هو مشروع.
وإذا تقرر هذا، فإذا كان العمل الذي يسأل السائل عنه مندرجاً تحت ما هو مشروع تشهد له أدلة الشريعة فهو سنة حسنة، وإلا كان بدعة مذمومة، وهي التي أشار إليها صلى الله عليه وسلم بقوله: ...ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها... ولهذا قال الإمام النووي في شرح الحديث: فيه الحث على الابتداء بالخيرات وسنّ السنن الحسنات، والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات.
وتتميماً للفائدة انظر فتوى رقم:
631.
واعلم -وفقك الله- أن شأن البدعة خطير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ...وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. رواه النسائي بسند صحيح. وأصل الحديث في صحيح مسلم.
وقال أيضاً: إن الله احتجر التوبة على كل صاحب بدعة. رواه الطبراني في الأوسط و الضياء في المختارة، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.

www.islamweb.net