من أحكام صيغة عقد النكاح والطلاق البدعي

13-1-2016 | إسلام ويب

السؤال:
بزواجي أقيمت كل الإجراءات في العقد بدون صيغة الإيجاب والقبول، بل سؤال الطرفين على حدة من طرف المسؤول على رغبتهما بالزواج، وأجابا بنعم، وأقيم عرس بعده بشهرين حضره مائة شخص.
عند علمي طلبت من زوجي الأخذ بالأحوط، واستفتيت مفتيًا قال بالأحوط لإبراء الذمة. تعنتي سبب لي طلقتين واحدة في حيض وفي طهر.
وآخر قال لي: زواجك صحيح، وطلقتا الحيض والطهر معتد بهما.
هناك طلاق معلق أيضًا منذ سنتين منعني فيه زوجي الخروج عند غضبه بسبب جدال دون حلّ، فخرجت.
ساورني الشك لم نعُد نتذكر أقال أنت طالق أو ستكونين طالقًا (وعد)، فحلف لي بالله عز وجل عشرات المرات أن شروطه ونواياه لم تتوفر أصلًا، وقصده أن أخرج تاركة إياه في غضب، وفعلًا يومها كنت أنا المستاءة، وليس هو، بالعكس كان فرحًا لخروجي ليرتاح من وساوسي.
أعلم أن اليقين لا يزول بالشك، ومتأكدة أنه لم يكن غاضبًا وأصدقه لأن ليس عادته الكذب، لكن أصبحت أشك في كل شيء.
وطلقة الحيض أنا مذبذبة في حكمها، وأميل لقول ابن باز، وابن عثيمين، وابن تيمية، ولكن أحب الأحوط خوفًا حيث إن دلائل الفريقين كليهما ممكنة ومقنعة وقوية (أنا متأكدة الطلقة كانت بالحيض، الطامة الكبرى أنه منذ يومين يتردد في نفسي أنها كانت استحاضة).
ما هي -من فضلكم- الأدلة من الكتاب والسنة على ضرورة لفظ الإيجاب والقبول في عقد الزواج؟ فأنا درست حجج الجمهور أقنعتني بداية ثم حيرتني، وملت لابن تيمية، فهل كانت اجتهادًا وقياسًا حججهم أم بدليل قطعي؟
هل الأخذ بالأحوط وقول الجمهور أفضل ومحمود مرغوب فيه لأنهم أدرى وأتقى رغم عدم اقتناعي بما فهمت من حججهم بالموسوعة الفقهية بالإنترنت؟
بمعنى آخر: هل إذا أخذت بقول الجمهور رغم عدم اقتناعي بأدلتهم وأعدت الزواج خروجًا من الخلاف، أكون مذنبة لاعبة بدين الله؟ أم يجب عليّ أن أستفتي قلبي ولا أعيده إلا باقتناع؟
في الطلاق المعلق هل يحق لي أن أتبع شكوكي في صيغته وتفاصيله أم رواية زوجي؟ وهل هو نافذ أم لا؟ هل أعتد بطلقة الحيضة أم أيسر على نفسي؟
هل أترك زوجي؟ فالشيطان يتلاعب بي، ويقول لي: إن أخذتِ بالأحوط فلتهربي من الطلقات، وإن لم تعيدي الزواج فلا يحق لكِ الأخذ بالأيسر في طلقة الحيض والمعلق لخوفك من الزنا، فبنت منه بينونة كبرى.
أعرف كل الأحكام، لكن خوفي يمنعني من أن أقرر، أصبحت أعيش في اللّوم يوميًّا أني خربت بيتي بيدي.
وشكرًا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك أمرين؛ أولهما حول صحة العقد، وقد بيّنّا في فتاوى سابقة أن الراجح من كلام أهل العلم أن النكاح لا تشترط له صيغة معينة، بل ما عدّه الناس نكاحًا فهو نكاح بأي صيغة كان؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: ينعقد النكاح بما عدّه الناس نكاحًا بأي لغة ولفظ وفعل كان، ومثله كل عقد. انتهى.

وقال أيضًا: ومعلوم أن دلالات الأحوال في النكاح من اجتماع الناس لذلك، والتحدث بما اجتمعوا، فإذا قال بعد ذلك: "ملكتكها بألف درهم" علم الحاضرون بالاضطرار أن المراد به الإنكاح، وقد شاع هذا اللفظ في عرف الناس حتى سموا عقده أملاكًا وملاكًا. انتهى.

والظاهر أنكم استفتيتم بشأن النكاح، ومضيتم فيه، فليس لكم الآن إعادة النظر فيه لأجل إبطال الطلاق؛ فإن هذا من التلاعب بالدِّين.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن رجل تزوج بامرأة وليّها فاسق, يأكل الحرام, ويشرب الخمر, والشهود أيضًا كذلك, وقد وقع به الطلاق الثلاث، فهل له بذلك الرخصة في رجعتها؟
فأجاب: إذا طلقها ثلاثًا وقع به الطلاق, ومن أخذ ينظر بعد الطلاق في صفة العقد ولم ينظر في صفته قبل ذلك, فهو من المتعدين لحدود الله, فإنه يريد أن يستحل محارم الله قبل الطلاق وبعده. والطلاق في النكاح الفاسد المختلف فيه [يقع] عند مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة, والنكاح بولاية الفاسق يصح عند جماهير الأئمة. والله أعلم. انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/101).

والأمر الثاني: مسألة الطلاق في الحيض أو في الطهر الذي جامع فيه الرجل زوجته، وهذا من قبيل الطلاق البدعي، وقد اختُلف هل يقع مع الإثم أو لا يقع؟ والجمهور على وقوعه مع إثم فاعله، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى حرمة ذلك وعدم وقوع الطلاق. والمفتى به لدينا هو: قول الجمهور، وعليه فالطلقتان محسوبتان.

وأما مسألة تعليق الطلاق أو الوعد بإيقاعه: إن خرجت بغير رضاه مع الشك فيما كان من الزوج من ذلك، فقد بيّنّاه مفصلًا في جواب السؤال رقم: 2606177.

والله أعلم.

www.islamweb.net