يزداد المسلم رسوخا في الإسلام بحسب استسلامه وانقياده

9-7-2003 | إسلام ويب

السؤال:
هل نحن مسلمون حقا؟!

الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سأل رجل الحسن البصري فقال: يا أبا سعيد: أمؤمن أنت؟ فقال له: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار والبعث والحساب، فأنا به مؤمن. وإن كنت تسألني عن قول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً[الأنفال:2 - 4] فوالله ما أدري أنا منهم أم لا. ذكره القرطبي في تفسيره. وبناءً على هذا فنقول: إن المسلم يدخل في دائرة الإسلام بمجرد شهادته بالتوحيد والرسالة وإقراره بالمضمون مع سلامته من الإتيان بناقض من نواقض الإسلام قوليًّا كان أو عمليًّا، والدليل لما قلناه هو في حديث مسلم : أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاكٍ فيحجب عن الجنة. ، ولما في حديث الصحيحين: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله. ثم إنه يزداد المسلم تمكنًا في الإسلام وقوة في الإيمان بحسب ما يكون عنده من تمام الاستسلام والانقياد، وبقدر ما يتحلى به من شعب الإيمان، كما يضعف إيمانه بقدر قيامه بالمعاصي وتقصيره في الطاعات. وقد قال صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. أخرجه مسلم وأخرج البخاري بعضه. وقد ألف البيهقي رحمه الله كتابًا في شعب الإيمان، فيمكن الرجوع إليه. وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري عند شرح هذا الحديث تلخيصا لما أورده بعض أهل العلم فيها فقال: فائدة قال القاضي عياض: تكلف جماعة حصر هذه الشعب بطريق الاجتهاد، وفي الحكم بكون ذلك هو المراد صعوبة، ولا يقدح عدم معرفة حصر ذلك على التفصيل في الإيمان، اهـ، ولم يتفق من عدَّ الشُّعب على نمط واحد وأقربها إلى الصواب طريقة ابن حبان، لكن لم نقف على بيانها من كلامه، وقد لخصت مما أوردوه ما أذكره وهو أن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن. فأعمال القلب: فيه المعتقدات والنيات، وتشتمل على أربع وعشرين خصلة: الإيمان بالله: ويدخل فيه الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنه ليس كمثله شيء، واعتقاد حدوث ما دونه، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره، والإيمان باليوم الآخر، ويدخل فيه المسألة في القبر والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط والجنة والنار، ومحبة الله والحب والبغض فيه، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم واعتقاد تعظيمه، ويدخل فيه: الصلاة عليه، واتباع سنته. والإخلاص: ويدخل فيه: ترك الرياء والنفاق والتوبة والخوف والرجاء والشكر والوفاء والصبر والرضا بالقضاء والتوكل والرحمة والتواضع، ويدخل فيه توقير الكبير ورحمة الصغير وترك الكبر والعجب وترك الحسد وترك الحقد وترك الغضب وأعمال اللسان وتشتمل على سبع خصال: التلفظ بالتوحيد، وتلاوة القرآن وتعلم العلم وتعليمه، والدعاء والذكر، ويدخل فيه الاستغفار واجتناب اللغو وأعمال البدن، وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة، منها ما يختص بالأعيان، وهي خمس عشرة خصلة: التطهير حسا وحكما، ويدخل فيه اجتناب النجاسات وستر العورة والصلاة فرضا ونفلا، والزكاة كذلك، وفك الرقاب، والجود، ويدخل فيه إطعام الطعام وإكرام الضيف والصيام فرضا ونفلا، والحج والعمرة كذلك، والطواف والاعتكاف، والتماس ليلة القدر، والفرار بالدين، ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك، والوفاء بالنذر، والتحري في الإيمان، وأداء الكفارات، ومنها ما يتعلق بالاتباع، وهي ست خصال: التعفف بالنكاح، والقيام بحقوق العيال، وبر الوالدين، وفيه اجتناب العقوق وتربية الأولاد، وصلة الرحم، وطاعة السادة أو الرفق بالعبيد، ومنها ما يتعلق بالعامة، وهي سبع عشرة خصلة: القيام بالإمرة مع العدل، ومتابعة الجماعة، وطاعة أولي الأمر، والإصلاح بين الناس، ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة، والمعاونة على البر، ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود والجهاد، ومنه المرابطة وأداء الأمانة، ومنه أداء الخمس والقرض مع وفائه، وإكرام الجار، وحسن المعاملة، وفيه جمع المال من حله، وإنفاق المال في حقه، ومنه ترك التبذير والإسراف، ورد السلام وتشميت العاطس، وكف الأذى عن الناس، واجتناب اللهو، وإماطة الأذى عن الطريق، فهذه تسع وستون خصلة، ويمكن عدها تسعا وسبعين خصلة باعتبار إفراد ما ضم بعضه إلى بعض مما ذكر والله أعلم. والله أعلم.

www.islamweb.net