ماهية صلة الرحم المؤذي

15-3-2017 | إسلام ويب

السؤال:
من المعروف أنه لا يجوز قطع صلة الرحم، لكن عائلتي قطعت الصلة مع بعض أقاربنا بسبب المشاكل بيننا وبينهم، ولا يأتي منهم خير، سوى المشاكل، وازدرائهم لوالدتي ووالدي.
ما الحكم؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا ريب في وجوب صلة الرحم، وتحريم قطيعتها، وقد جاءت بذلك نصوص الشرع الكثيرة، ذكرنا جملة منها في الفتوى رقم: 116567.

وإن من أعظم الأذى والإساءة، ما يصدر من ذلك عمن يرجى منهم الرحمة والإحسان. وقد أحسن من قال:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة       على النفس من وقع الحسام المهند

ولكن ينبغي أن يقابل أذاهم بالصبر، ففي ذلك الفضل العظيم والثواب الجزيل، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم، ويسيئون إلي، وأحلم عنهم، ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
  و‏أذاهم لا يسقط وجوب صلتهم، لكنه يسقط صورة الصلة التي تتسبب في أذيتكم ‏كالزيارة، وتبقى الصور الأخرى كالسلام، وتقديم العون عند الحاجة، والتفقد لأحوالهم والدعاء لهم؛ لأن الضرر يزال، والصلة تتحقق بكل ما عده العرف صلة.

  قال الحافظ ابن حجر في الفتح: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع ‏الضر، وبطلاقة الوجه وبالدعاء، والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما ‏يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارا أو فجارا، فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في ‏وعظهم، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى‏. اهـ.

 ومقابلة الإساءة بالإحسان من أفضل السبل للإصلاح، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.

  قال ابن كثير: وقوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة؛ أي: فرق عظيم بين هذه وهذه، ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر رضي الله عنه: ما عاقبتَ من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه.

وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.
  والله أعلم.

www.islamweb.net