كيف تتصرف من تركها خطيبها لتدينها؟

30-11-2017 | إسلام ويب

السؤال:
أنا فتاة مخطوبة منذ سنتين، ومحجبة منذ كان عمري 14 سنة. الحقيقة أنني كل حياتي لم أكن ملتزمة إلا بالحجاب، وحتى ملابسي لم تكن تناسبه. منذ أشهر قليلة، قررت تغيير كل شيء، وبدأت بالالتزام والحمد لله. وبدأت بدراسة الدين وحضور دروس والالتزام، وقد تغيرت حياتي اليومية كثيراً، وحتى أصدقائي وأهلي بدؤوا يشعرون بالتغير في شخصيتي.
أنا فتاة مسافرة منذ فترة ولوحدي، حيث إنني لم أكن أعي مقدار الخطأ، وكون بلدي غير آمن وبحالة حرب، وكون خطيبي في بلد لا يسمح لي بالذهاب إليه، بسبب التأشيرة، فقد قررت السفر إلى بلد، علني أقدم على التأشيرة لبلد خطيبي (خطيبي وأهلي ببلد واحد حاليا وأنا ببلد آخر) ولم أستطع الحصول على التأشيرة، رغم المحاولات الحثيثة مني ومن أهلي. بعدها حاولت جلب خطيبي، ولكنه بدأ يتعذر بالعمل، وصعوبة إيجاد عمل له هنا.
أنا لست هنا لأسمع لوما على سفري، فما جرى قد جرى، وأنا أعيش تعب البعد كل يوم. الحمد لله أنه منَّ علي بالهداية، وقد شعرت برضا وسعادة لم أشعر بهما سابقا مطلقا، وكأنني قد دخلت جنة من الرضا والقناعة.
وبعد بضعة أشهر من الشعور بالرضا، بدأت الأمور تتغير في حياتي. حيث إنني بصدد محاولة ثانية للذهاب للبلد الذي يسكنه أهلي وخطيبي، وحين لاح الأمل، صرح خطيبي لي أنه لم يعد يريدني، وأنني تغيرت، رغم أنني ورغم عدم التزامي سابقا، إلا أنني واظبت على صلاة الاستخارة، وقد تيسرت أمورنا بشكل عجيب، وكنت أرى أحلاما تفسر أنه نصيبي.
والآن بعد أن التزمت قال خطيبي إنني تغيرت، وأنه يريد مراجعة مشاعره، وبدأ يظهر كل مرة عذرا، ويحاول خلق المشاكل، وأنا مثل الضائعة فقد كان منتهى أملى أن أرتبط به، وأبقى قرب أهلي، ورغم صعوبة العيش في البلد الذي هم فيه مقارنة بالبلد الذي أنا فيه، إلا أنني قلت إنني بكامل الرضا أريد العيش تحت أي ظرف، ونيتي هي إكمال نصف ديني. وفعلا لم تبق فرصة سوى أن أذهب من غير تأشيرة إلى البلد، أو أن أغامر بحياتي وأذهب بطرق غير شرعية، وأتكلف أموالا لا أقدر عليها.
أشعر بالخذلان والوحدة القاتلة، وأنني رغم أنني بصدق قررت الالتزام، وأنني تبت ونيتي هي الاجتماع مع خطيبي وأهلي. غلقت كل الأبواب في وجهي، وخطيبي بدأ بالتهرب وأنا أمام كل الناس مخطوبة، وهو يرفض حتى المجيء ولو لعقد القران، وأنا لا أريد أن أعصي أمر ربي، وأن أبقى وحيدة في السفر، ولكنني اهتديت منذ أشهر وأنا هنا منذ أكثر من سنة ونصف، ولا طريق أسلكه ولا أعلم هل هذا عقاب من الله تعالى؟ وأنا أستغفر وأتوب كثيرا، وأحاول تغيير كل حياتي، حتى إن بعض الناس قاطعوني بحجة أنني تدينت، وأنا لا مشكلة لدي، فهمِّي هو رضا رب العالمين، وأحاول كل يوم مراجعة نفسي خوفاً من ألا تكون نيتي صافية، وأدعو الله كثيراً، ولكن جفت دموعي، ولم تتحقق رغبتي التي ما هي سوى أن أبقى قرب أهلي وأرعاهم، وأن أكمل ديني وأتزوج، وألا أدع الأشواق تعصف بقلب والدي ووالدتي دون أن أستطيع أن أحقق رغبتهما، ووالدي كبير وأخشى أن يطول بي الأمر بعيدا عنه، وأخشى أن يكون الله غضبانَ علي، ولا يقبل هدايتي وتوبتي ويعاقبني.
يعتصر قلبي حزنا وهما وغما، ولا أجد أي حل، وأدعو طويلا وأختار أدعية من القرآن والسنة، وعبثاً أدعو.
بقيت وحيدة تماماً، أرضي بالوحدة إن كان رب العالمين راضيا عني، ولكني لا أعلم. بقيت بلا أهل، وبلا معين ولا زوج، ولا أمل يريح قلبي.
بالله عليكم ماذا أفعل كي يرضى الله عني، ويدخلني الجنة، ويجمعني بأهلي ويريح قلبي بالزواج والاستقرار الذي صار بعيداً كل البعد عني.
من حقي أن أعيش كأي فتاة في بيت وأهل وأبناء، ولا أريد أن أظل وحيدة كل عمري، ولكن أرضى فقط إن كان نصيبي في الحياة.
عودتي إلى بلدي رغم الحرب حاليا غير ممكنة، ويجب أن أظل هنا فترة، إذ إني بعودتي وبغض النظر عن مخاطر وظروف الحرب، سيضطر والدي للعودة، وسيتفكك شمل الأسرة الآن في البلد الذي هم فيه. هم الآن كل وأنا فقط بعيدة، وإن نزلت فسنتشتت أكثر، ويبقى والدي بمكان وتبقى والدتي مع أختي الصغيرة، حيث إن والدتي تتحدث اللغة، وتستطيع أن تساعد، أما أبي فلا يستطيع إعالة أختي حاليا، وهو كبير في السن.
الأمور معقدة، ودعواتي لا تستجاب، وأنا في هم وغم كبيرين.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد أحسنت بسلوكك طريق الاستقامة، فهذه نعمة عظيمة تستحق أن تشكري ربك عليها ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، فبالشكر تزيد النعم، وتدوم بإذن الحي القيوم، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}. واحرصي على كل ما يمكن أن يعينك في هذا الطريق من الحرص على العلم النافع والعمل الصالح، وصحبة الخيرات. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 1208، ورقم: 10800.

 ولا شك في أن الزوج الصالح من أعظم ما يعين المرأة في أمر دينها وثباتها عليه. وإن رغب هذا الشاب عنك ولم يرتض الزواج منك، فلا تيأسي، فلعل الله عز وجل صرف عنك شرا، فتوجهي لربك وسليه الزوج الصالح، وأحسني الظن به، فسيحقق لك سؤلك بإذنه؛ فإنه مجيب الدعاء، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

 وما أنت فيه من ضيق، وكذا إعراض هذا الشاب عنك، لا يلزم أن يكون عقوبة على ذنب، بل قد يكون مجرد ابتلاء، فالمؤمن يبتلى؛ ليميز الله الصادق من الكاذب، والصابر من غيره، قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت2 : 3}.

وفي مسند أحمد عن فاطمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. وقد يكون الابتلاء دلالة على رضا الرب عن عبده، روى الترمذي وابن ماجة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. فاصبري وارضي عن الله يكسبك الرضا.
 ولا حرج على المرأة في الإقامة في بلد ليس معها فيه محرم، إن كانت في مكان تأمن فيه على نفسها، فالمحرم يشترط للسفر لا للإقامة، كما بيناه في الفتوى رقم: 339469.

والله أعلم.

www.islamweb.net