حكم صدور الطلاق من المحاكم الغربية دون إرادة الزوج

26-2-2018 | إسلام ويب

السؤال:
تزوجت منذ سبع سنوات بامرأة من بلدي، وأخذتها للعيش معي في أوربا، ورزقنا المولى عز وجل طفلين، لكن حياتنا لم تكن لتخلو من المشاكل؛ لتدخل عائلتها في حياتنا رغم بعد المسافة، وذلك لاتصالها اليومي بهم.
ساعدت زوجتي على تعلم اللغة والتأقلم في هذا البلد الجديد، وكلفني أموالا كثيرة، وعشت كل تلك السنوات زاهدا في نفسي حتى أوفر مطالبها الكثيرة، واحتياجات الأسرة، ولكن رغم كل تضحياتي إلا أنها كانت لاتشعر بحالي، ولا تحترمني، وتهجرني في الفراش بالأشهر.
ولما حصلت على الإقامة الدائمة، وجواز السفر تقدمت لسلطات البلد الأوربي لطلب الطلاق، واشتكتني إلى جمعيات حماية الطفولة، واتهمتني بأني شخص عنيف وعدواني، وأنها تريد الخلاص بالأولاد مني، فزارني في البيت واجتمع بي ما يقارب الثلاثين مرة كاملة، واقتنعوا أخيرا أني أب حنون، وأن علاقتي بأبنائي رائعة، وأُغلق هذا الموضوع.
وبعدها أوكلَتْ محاميا لبدء إجراء الطلاق، واقتسام الممتلكات بين الزوجين، فكلمتها مرارا وتكرارا للرجوع للبيت، والحفاظ على أركانه، والرأفة بأبنائي الصغار الذين ضاعوا في هذا الصراع المفتعل، لكن كل هذا لم يثنها عن رأيها، وكلفْتُ محاميا للدفاع عني، فأخذ من أموالي الكثير(محاميها مجاني طالما أنها لا تعمل)، فوجدت نفسي مجبرا على اقتسام كل ممتلكاتي معها، وأصبح وضعي المالي في الحضيض، وستلزمني سنوات طوالاً للعودة إلى الوضع الذي كنت عليه.
نشترك الآن في تربية الأطفال (أيامًا عندي، وأخرى عندها) ورغم الجهد الكبير الذي أبذله للعناية بهم إضافة إلى مشقة العمل، وغياب العائلة والأصدقاء؛ إلا أن عزمي كبير على أن أبذل كل ما أستطيع لحمايتهم، وتوفير الجو الضروري حتى يكونوا أطفالا ذوي تربية إسلامية وخلق حسن.
لقد تأثرت نفسيا وفكريا واقتصاديا من هذا الصراع الذي سيبلغ عامه الثاني قريبا، وأنا في بلد تعطى الحقوق كلها للمرأة دون الرجل، وهو ما جعل الكثير من المسلمات ينتهزن هذا الوضع الذي يخدمهن، فيطلبن الطلاق ليحصلن على نصف ما يملك الزوج، ويظفرن بتربية الأطفال، ويحصلن على سكن إضافة للدعم الاجتماعي ومساعدتهن بعد هذا على الحصول على وظيفة.
بعد صدور الطلاق عن المحكمة بعد توكيلها للمحامي، أصبحَتْ تصر علي أن أرمي عليها يمين الطلاق حتى لا تبقى في ذمتي، وتبعث لي يوميا بالآيات الدالة على ذلك؛ رغم أنها تخلت عن حجابها بعد مغادرتها لبيت الزوجية، فأخبرتها أني لم أطلقها، وأنها هي من بدأت رفع قضية الطلاق التي تعتبر خلعا في نظري.
فهل يجب علي أن أطلقها طالما أن القاضي الذي أصدر الطلاق غير مسلم؟
وهل لي أن أطلب تعويضا عن الخلع؟ وهل لها الحق في اقتسام ممتلكاتي معي وطلب الطلاق؟
وكيف سأسوي وضعي معها طالما أني طويت صفحتها بعد أن تخلت عن الحجاب، ولايمكنني أن أراجعها مطلقا؟ لقد أصبحت تهددني باللجوء لأحد الأئمة للحصول على لفظ الطلاق إن لم أتلفظ به.
لكم جزيل الشكر على النصح والجواب.

الإجابــة:

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فما ذكرته من حيثيات قصتك مع زوجتك، وكون القوانين في تلك البلاد في كثير من الأحيان تقف إلى جانب المرأة على حساب الرجل، إضافة إلى محاذير أخرى، من أجل هذا كله حذر العلماء والمصلحون - وما زالوا يحذرون - من أمر التهاون في الإقامة فيها لغير ضرورة أو حاجة شديدة، فلو أقام المسلم في بلد من بلاد المسلمين لكان - بإذن الله - في عافية من ذلك كله، فلينتبه لهذا! وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 311917 .

 وإن لم تتلفظ بطلاق زوجتك، ولم تكتب الطلاق بنية إيقاعه، فزوجتك لا تزال في عصمتك. ولا يقع الطلاق بمجرد صدوره من المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية، وقد صدر بذلك فتوى من مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، ونص كلامهم ما يلي: أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً شرعياً فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية. اهـ.

ولا يجب عليك أن تطلق زوجتك، ولكن الأولى أن تطلقها ما دام حالها في تعاملها معك على ما ذكرت، ففراق المرأة سيئة الخلق مستحب؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 331651. بالإضافة إلى كونك لا تريد الرجوع إليها.  ويمكنك أن تمتنع عن تطليقها حتى تفتدي منك بمال، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 352879.

وليس لها أن تقتسم معك مالك بغير وجه حق، ولا يحل لها أن تأخذه، ولا عبرة بقانون يخول لها ذلك؛ لأن فيه مخالفة لشرع الله. وحقوق المطلقة بينها العلماء، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 8845، وإن خالعتك على شيء منها كالمهر مثلا سقط عنك، وللمزيد فيما يتعلق بأحكام الخلع راجع الفتوى رقم: 73322، ورقم: 11543، ورقم: 20199.

وحسن أن يكون بينكما توافق على رفع الأمر إلى جهة موثوقة من الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين، وظننا بها أن تحكم بينكما بما يقتضيه الشرع، وهذه المراكز تقوم مقام القضاء الشرعي، جاء في بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:" .... فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة ....".

  وننبه إلى الحذر من تدخل أهل الزوجين بينهما بما يؤدي للإفساد، فإن الشرع يريد منهم أن يكونوا مصلحين لا مفسدين، قال الله سبحانه: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.
والله أعلم.

www.islamweb.net