السعي لإعفاف النفس أولى من الاستفادة من مال الأب المختلط

15-3-2018 | إسلام ويب

السؤال:
أنا ساكن مع أبي، وعندي أولاد، وأبي الذي ينفق علينا، وماله مختلط من حرام وحلال، هو يشتغل في أمريكا. فماذا أفعل وأنا في اليمن، والأعمال صعبة في اليمن؛ خاصة هذه الأيام مع الحرب. وأنا أريد أن أطلب علما. هل أبحث عن عمل؟ أم أستمر على طلب العلم، وأنفق من مال أبي؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فأولا ينبغي أن تنصح والدك، وتبين له حرمة كسب المال بالطرق غير المشروعة، وأن فيما أحله الله غنية وكفاية وبركة للعبد، ولتكن تلك النصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن استجاب فالحمد لله، وإن لم يستجب فلا يلحقك إثم بسبب تقصيره، لقوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. {الزمر7}.

وأما الانتفاع بما يعطيك من نفقة او غيرها من ماله المختلط، فلا حرج عليك في ذلك؛ لأن مختلط المال تجوز معاملته فيه. قال المرداوي -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر الأقوال في مسألة مختلط المال: ... والرابع: عدم التحريم مطلقاً، قلَّ الحرام أو كثر، لكن يكره، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته، وجزم به في المغني وغيره، وقدمه الأزجي وغيره.. انتهى من الفروع 2/660.
وقال المرداوي في تصحيح الفروع بعد ذكر القول الرابع: قلت: الصحيح الأخير على ما اصطلحناه. ثم ذكر أن هذا هو الصحيح من المذهب. 

وإذا أمكنك السعي لكسب نفقتك ونفقة من تلزمك نفقته من حلال لا شية فيه، فالأولى لك ذلك، ولك الأجر العظيم في سعيك لإعفاف نفسك وعيالك، فقد روى كعب بن عجرة أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله؛ لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة، فهو في سبيل الشيطان. رواه الطبراني وقال المنذري والهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني.

وقد لا يحول ذلك بينك وبين طلب العلم، ولو قرأت في سير العلماء لوجدت بعضهم جمع بين طلب العلم والكسب، وإذا بارك الله للمرء في وقته وجهده نفعه اليسير من ذلك. 

والله أعلم.

www.islamweb.net