من أقسم ألا يأكل أطعمة معينة إلى تاريخ محدد وأن يدفع مبلغًا في حال الحنث

30-5-2019 | إسلام ويب

السؤال:
أقسمت بالله أن لا آكل أطعمة معينة؛ لأني أريد إنقاص وزني، وشرطت الحلف بتاريخ معين، أي: إلى تاريخ كذا، فلن آكل هذه الأطعمة.
ونذرت إن خرقت هذا الحلف، أن أدفع مبلغًا كبيرًا من المال في لحظة الخرق، وهذا المبلغ لا أملكه أصلًا، ولا أقدر عليه، وقد تعبت من حلفي هذا، وخائف مما ورطت نفسي فيه، ولا أعلم ماذا أفعل؟ وماذا يجب عليّ إن حنثت في حلفي؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن حنثت في يمينك، فعليك كفارة يمين، وكفارة اليمين على التخيير بين الأنواع الثلاثة المذكورة في الآية الكريمة، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.

وفي حالة العجز عن كل واحد من تلك الثلاثة، يجزئ صيام ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعّامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}، وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 242041، 178179

وأما النذر الذي علقه السائل بتناول هذا الطعام، فهو من نذر المباح، وهو عند الجمهور لا ينعقد، ولا يصح التزامه، ولا كفارة في تركه.

ومن صححه من أهل العلم -كما هو مذهب الحنابلة-، فلا يلزم عنده الوفاء به، بل يخير فيه بين الفعل، وبين الترك مع كفارته كفارة يمين، وراجع في ذلك الفتوى: 110674.

ولكن السائل لم يعلق نذره بتناول الطعام، وإنما علقه بالحنث في يمينه، ومن ثم؛ فالمسألة معلقة بحكم الوفاء بهذه اليمين!

فإن كان الوفاء بها مباحًا، فهذا من نذر المباح، وقد سبق بيان حكمه.

وإن كان الوفاء بها مستحبًا، فهو نذر منعقد، وكفارته كفارة يمين، فالأمر متعلق بمعرفة الأفضل شرعًا في استمرار البر بهذه اليمين، وهذا فيه تفصيل، بحسب الغرض من ترك هذا الطعام، قال النووي في روضة الطالبين: إن حلف على ترك نفل، فاليمين مكروهة، والإقامة عليها مكروهة، والسنة أن يحنث. وعد الشيخ أبو حامد، وجماعة من هذا القبيل، ما إذا حلف لا يأكل طيبًا، ولا يلبس ناعمًا، وقالوا: اليمين عليه مكروهة؛ لقول الله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق). واختار القاضي أبو الطيب أنها يمين طاعة؛ لما عرف من اختيار السلف خشونة العيش. وقال ابن الصباغ: يختلف ذلك باختلاف أحوال الناس، وقصودهم، وفراغهم للعبادة، وإشغالهم بالضيق، والسعة، وهذا أصوب.

وإن حلف على مباح، لا يتعلق به مثل هذا الغرض، كدخول دار، وأكل طعام، ولبس ثوب، وتركها، فله أن يقيم على اليمين، وله أن يحنث، وهل الأفضل الوفاء باليمين، أم الحنث، أم يتخير بينهما، ولا ترجيح كما كان قبل اليمين؟ فيه أوجه، أصحها: الأول، وبه قال أبو علي الطبري، واختاره الصيدلاني، وابن الصباغ، والغزالي، وغيرهم؛ لقول الله تعالى: (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها)، ولما فيه من تعظيم اسم الله تعالى. انتهى.

وقال القاضي ابن العربي في أحكام القرآن: ذلك يختلف بحسب اختلاف حال المحلوف عليه ... وإن حلف على مباح، فإنه يجب النظر إليه: فإن كان تركه مضرًّا، وجب عليه الحنث. وإن كان في فعله منفعة، استحب له الحنث. اهـ.

وعلى ذلك؛ فحكم وفاء السائل بيمينه محل نظر، وتفصيل؛ بحسب غرضه منه.

وعليه؛ فالأحوط، والأفضل إن هو حنث في يمينه: أن يكفر عن نذره؛ باعتبار أن الوفاء بيمينه قد يكون مستحًبا، فيكون عليه كفارتان: كفارة ليمينه، وأخرى لنذره.

والله أعلم.

www.islamweb.net