من أعظم بر الوالدين السعي في هدايتهما

5-12-2019 | إسلام ويب

السؤال:
والدي لا يهتم بما يقول الدِّين كثيرًا، ولا يصلي بصفة مستمرة، ولا يؤدي الفروض، ويفعل الكثير من المعاصي، أشهرها مشاهدة المواقع الإباحية، ولنا بيت فيه شقق: شقة بدورين له ووالدتي، وشقتان لي ولأخي كل مع زوجته وأولاده، ونصف شقة بالسطح.
ونحن من قام بتشطيب شققنا بالكامل -أنا وأخي-، فقد كانتا على الطوب الأحمر، وساهمنا في تشطيبات أخرى في المنزل عمومًا.
ونحن حريصون أن نكون بارين به، ولكنه صعب المعاملة، وحاليًّا علمنا دون علمه أنه على علاقة بسيدة مطلقة، وقد تواعدا على الزواج، وهو لا ينفق على أمّي وأختي حق الإنفاق، كأنه ليس موجودًا، ونحن نتشارك في تلبية متطلبات والدتي وأختي دون علمه؛ لأنه لو علم فسيستولي على ذلك المال أيضًا، ويمنعهما إياه.
الموقف حاليًّا أننا جميعًا معترضون على هذا الوضع، وعلى زواجه، ولم نتحدث معه إلى الآن؛ لأننا نعلم دون معرفته بذلك، ونخاف أن ندخل في مشاكل معه لو علم أننا معترضون على ذلك، ومن الممكن أن يطردني أنا وأخي من شققنا ليضغط علينا.
وموقف أمي أنها ستطلب الطلاق لو تزوج؛ لأنها تتحمله طيلة هذه السنين، وتضغط على نفسها لأجلنا، وأصابها تعب نفسي، فما العمل في مثل هذا الموقف؟ وكيف يمكننا التعامل معه؟! ونحن لا نريد أن نغضب الله، وندخل في مشاكل معه ونعقه. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان الحال ما ذكرت عن أبيك، فإنه قد جمع جملة من الشرور والمنكرات، ومن أخطرها وأعظمها: تفريطه في الصلاة، والتي هي أحد أركان الإسلام، بل أفضل الأركان العملية، والصلة بين العبد وربه، وهي التي من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.

ولذلك لا يستغرب منه أن يأتي ما هو دونها من المنكرات، أو أن يقصّر في شيء من حقوق الخلق، كالتقصير في نفقة أمّك وأختك، إن كان لا ينفق عليهما بالمعروف، وانظر الفتاوى: 47422، 1195، 113285.

ومشاهدة الأفلام الإباحية محرمة، وهي وسيلة للوقوع في الزنى الذي هو فاحشة وساء سبيلًا، فأمرها خطير، وخطبها جسيم، وسبق أن نبهنا على ذلك في بعض الفتاوى نحيلك منها على الفتوى: 3605، والفتوى: 27224.

ومن الغريب أن تتأتى مشاهدتها من رجل متزوج، يمكنه أن يعفّ نفسه بالحلال، فيستبدل ذلك بالحرام.

ويجب عليكم البر بأبيكم، مهما أساء، فإساءته لا تسقط عنكم برّه، كما بينا في الفتوى: 370030.

ومن أعظم ما تبرونه به السعي في هدايته بالدعاء له، محسنين ظنكم بربكم، وعدم اليأس من هدايته، وتسليط بعض الرفقاء الحلماء الحكماء من أهل العلم والفضل؛ لبذل النصح له، وتذكيره بالله عز وجل، وتخويفه من أليم عقابه، هذا مع التنبه على فضل دعوة الناس للحق، والتسبب في هدايتهم، وراجع النصوص في ذلك في الفتوى: 37677.

 وزواجه من امرأة ثانية مباح له، إن كان قادرًا على العدل بين زوجتيه، كما قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}، فلا يجوز لكم الاعتراض عليه لغير مسوغ شرعي.

ولا يحق لأمّكم طلب الطلاق لمجرد كونه سيتزوج من امرأة ثانية، ولمعرفة مسوغات طلب الطلاق، انظر الفتوى: 37112.

  فالذي ننصحكم به تحرّي الحكمة في التعامل مع والديكم، وعدم المصير إلى أي تصرف يمكن أن يكون سببًا لوقوعكم في العقوق، والذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، روى النسائي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنان بما أعطى.

والله أعلم.

www.islamweb.net