إقراض الأخ المماطل

16-12-2019 | إسلام ويب

السؤال:
أخي يتعرض لأزمات مالية كثيرة في شغله، وقد أخذ مني مبلغًا ولم يرجعه، وبعدها وجدته أحضر لنفسه ولامرأته أغراضًا لا أقدر أن أشتريها، ويظل يعيّرني، ويقول لي: لماذا لا تشترين لنفسك حاجات مثلنا، ولا أرضى أن أقول له: لأنك آخذ فلوسي؛ حتى لا تحدث بيننا حساسية في تعاملنا؛ لأنه من النوع الذي يقلب الحق باطلًا، ويجعل نفسه هو صاحب الحق، وبعدها تعرض لأزمة ثانية، فأعطيته مبلغًا ثانيًا؛ وبهذا أخذ كل المال الذي ادّخرته من شغلي في السنوات العشر الفائتة، باستثناء مبلغ بسيط، وهذه المرة طالت الأزمة، وأنا أيضًا تركت شغلي، ولا أجد شغلًا آخر منذ فترة، وهو عنده أسرة، وليس عندي أسرة، فأزمتي أقلّ من أزمته، وأنا أفكّر أن أعطيه مبلغًا آخر، لكني مترددة؛ لأن الذي يأخذه لا يرجع، وبعد أن يكرمه ربنا يفكّر في نفسه وبيته، ويظلّ يعيرني أني لم أعمل شيئًا، وفي نفس الوقت غير قادرة أن أكون جزءًا من أزمته، ولا أدري ما هو التصرف الصحيح؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإذا لم يكن أخوك محتاجًا للمال للضرورة؛ فلا يجب عليك إقراضه، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والقرض مندوب إليه في حق المقرض ... وليس بواجب. قال أحمد: لا إثم على من سئل القرض، فلم يقرض؛ وذلك لأنه من المعروف، فأشبه صدقة التطوع. انتهى.

والذي ننصحك به إذا كان أخوك محتاجًا للمال للإنفاق على نفسه وعياله في المباح؛ أن تقرضيه ما تقدرين عليه، ولو لم يكن مضطرًّا.

وإذا خشيت ألا يرده، فلكِ أن تكتبي الدَّين، وتشهدي عليه حتى تطالبيه به.

وانصحي أخاك، أو وسّطي من ينصحه بالقصد في المعيشة، والاعتدال في الإنفاق، والاجتهاد في الكسب الحلال؛ ليعفّ نفسه، وعياله.

وننصحك أن يكون إقراضك له ابتغاء مرضاة الله، وصلة للرحم التي أمر الله بصلتها، واحتسابًا للأجر، وأبشري ببركة هذا العمل في الدنيا والآخرة، ففي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.

وفي صحيح مسلم عن أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.

وفي المعجم الصغير للطبراني، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ. 

والله أعلم.

www.islamweb.net