أحكام وجود الكنز

18-2-2020 | إسلام ويب

السؤال:
نحن سبعة إخوة، خمسة ذكور، وبنتان. ورثنا أرضًا عن والدنا، وبعد وفاته بمدة علمنا أنه يوجد تحت الأرض كنز (ركاز)، ليس ملكًا لوالدنا، وكنا نريد معرفة هل يوزع بيننا كالميراث، أم بالتساوي بين الذكور والإناث؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن الكنز أعم من الركاز، وربما اختلف حكمهما، جاء في الموسوعة الفقهية: الْكَنْزُ أَعَمُّ مِنَ الرِّكَازِ؛ لأِنَّ الرِّكَازَ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَطْ، وَالْكَنْزُ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَهْل الإْسْلاَمِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الأْحْكَامِ. اهــ

فإذا كان الكنز المشار إليه من دفن أهل الجاهلية، لا أهل الإسلام، فهو ركاز. فإذا وجده الورثة في الأرض الموروثة، فإنه يكون لهم، ويقسمونه بينهم بعد أن يخرجوا منه الخمس.

جاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا انْتَقَل الْمِلْكُ عَنْ طَرِيقِ الإْرْثِ، وَوَجَدَ فِيهِ رِكَازًا، فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ.. اهــ

ولكل واحد منهم من الركاز بقدر ما يملك من الأرض، وانظر الفتوى: 105956 عن الركاز تعريفه، وحكمه، واستخراجه، ومصرفه.

وأما إن كان الكنز المشار إليه من دفن أهل الإسلام، فحكمه حكم اللقطة لا الركاز، يعرفه من عثر عليه سنة، ثم يملكه.

قال ابن قدامة في المغني: الرِّكَازَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْخُمْسِ مَا كَانَ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ. هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِأَنْ تُرَى عَلَيْهِ عَلَامَاتُهُمْ، كَأَسْمَاءِ مُلُوكِهِمْ، وَصُوَرِهِمْ وَصُلُبِهِمْ، وَصُوَرِ أَصْنَامِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ، أَوْ اسْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَحَدٌ مِنْ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ وَالٍ لَهُمْ، أَوْ آيَةٌ مِنْ قُرْآنِ أَوَ نَحْوُ ذَلِكَ، فَهُوَ لُقَطَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ مُسْلِمٍ لَمْ يُعْلَمْ زَوَالُهُ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ عَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ الْكُفْرِ، فَكَذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ. اهــ
جاء في الموسوعة الفقهية: الْكُنُوزُ الإْسْلاَمِيَّةُ هِيَ الَّتِي يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ نِسْبَتُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا نَقْشٌ مِنَ النُّقُوشِ الإْسْلاَمِيَّةِ، كَكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ أَوِ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَوِ اسْمِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الإْسْلاَمِ، أَوْ أَيَّةِ عَلاَمَةٍ أُخْرَى مِنَ الْعَلاَمَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نِسْبَةِ الْكَنْزِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِي الْحُكْمِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ اتِّجَاهَانِ:
أَوَّلُهُمَا: أَنَّهُ لاَ يَأْخُذُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ، وَيَلْزَمُ وَاجِدُهُ أَنْ يَحْفَظَهُ أَبَدًا، قَال النَّوَوِيُّ: فَعَلَى هَذَا يُمْسِكُهُ الْوَاجِدُ أَبَدًا وَلِلسُّلْطَانِ حِفْظُهُ فِي بَيْتِ الْمَال كَسَائِرِ الأْمْوَال الضَّائِعَةِ، فَإِنْ رَأَى الإْمَامُ حِفْظَهُ أَبَدًا فَعَل، وَإِنْ رَأَى اقْتِرَاضَهُ لِمَصْلَحَةٍ فَعَل، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لاَ يَمْلِكُهُ الْوَاجِدُ بِحَالٍ ..... أَمَّا الاِتِّجَاهُ الآْخَرُ: فَهُوَ إِلْحَاقُ مَا يُعَدُّ مِنْ هَذِهِ الْكُنُوزِ بِاللُّقَطَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ إِنْ عُرِفَ، وَفِي التَّعْرِيفِ، وَفِي التَّصَرُّفِ فِيهَا التَّصَرُّفَ الْوَاجِبَ فِي اللُّقَطَةِ، وَيُوَضِّحُ إِلْحَاقُ الْكَنْزِ بِاللُّقَطَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ إِغْفَالَهُمْ لِلرَّأْيِ السَّابِقِ وَعَدَمَ إِشَارَتِهِمْ إِلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ، جَاءَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ هَذَا الْكَنْزَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، فَعَلَيْهِ -أَيْ عَلَى وَاجِدِهِ- أَنْ يُعَرِّفَ مَا يَجِدُهُ مِنْهُ . اهــ.

والله أعلم.

www.islamweb.net