الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن ييسّر أمرك، ويصلح تجارتك، ويرزقك من حيث لا تحتسب، وأن يصلح الحال بينك وبين زوجتك.
ونوصيك بكثرة الدعاء، والتضرّع إلى الله سبحانه؛ فإنه قريب مجيب.
والأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراش زوجها، وأنها تأثم بذلك؛ فقد ورد فيه الوعيد الشديد في السنة النبوية، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. وهذا فيما إذا لم يكن لها فيه عذر شرعي.
فإن كان لها عذر، لم تأثم.
ومن حق الزوجة على زوجها أن ينفق عليها بقدر الكفاية -في المطعم، والمشرب، والملبس، والمسكن-، كما سبق بيانه في الفتوى: 105673.
فإن لم يقم الزوج بهذا الواجب، كان لزوجته الحقّ في الامتناع عن فراشه، وانظر الفتوى: 255364، ولا تأثم حينئذ بمنعه حقه.
وأما مجرد كون الشركة قد خسرت، فلا يسوّغ لها هجره، إن كان قائمًا بما يجب عليه من النفقة، ولو تعمّد خسارتها.
ويأثم الزوج إن قصّر في نفقة أهله وولده الواجبة عليه، مع قدرته على ذلك.
فإن أنفق بقدر وسعه؛ فلا إثم عليه، روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت.
قال المناوي في فيض القدير: وهذا صريح في وجوب نفقة مَن يقوت؛ لتعليقه الإثم على تركه، لكن إنما يتصوّر ذلك في موسِر لا معسِر؛ فعلى القادر السعي على عياله لئلا يضيعهم... انتهى.
وفي حال وجود تفريط من الزوج، فتجب عليه التوبة، والقيام بما يجب في أمر النفقة، ويجب عليه السعي في الكسب لتحصيل النفقة الواجبة، وتراجع الفتويان: 5450، 382594.
وننصح بالحرص على الحوار، والتفاهم من منطلق المصلحة، والبحث عن سبيل لاستقرار الأسرة؛ ففي ذلك أهميته للزوجين في السكن النفسي، وللأولاد من أجل النشأة الصحيحة، والتربية السليمة.
والله أعلم.