الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحسب أن الأمر -فيما ذكرت- يسير، ولا يتطلب كل هذا التشدد، فحرصك على التنظيف الجيد، أو التطهير للَّحم، أمر محمود، ولكن لا ينبغي جعله محلاً للخلاف داخل الأسرة؛ ففي الأحوال الاعتيادية فإن الدم المسفوح يكون في جزء معين من اللحم، وغالبه يسلم منه، فلا يصيبه شيء منه، فيسع المرء أن يأكل من اللحم النظيف، ويَدَعُ غيره.
ثم إن من العلماء من يرى أن الدم الذي يوجد على اللحم معفو عنه على كل حال.
قال الرملي في غاية البيان: والدم الباقي على اللحم وعظامه، نجس معفو عنه؛ لأنه من الدم المسفوح وإن لم يسل لقلته، ولعله مراد من عبر بطهارته. انتهى.
وجاء في فتاوى ابن تيمية: أكل الشوى والشريح جائز، سواء غسل اللحم أو لم يغسل؛ بل غسل لحم الذبيحة بدعة، فما زال الصحابة -رضي الله عنهم- على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يأخذون اللحم، فيطبخونه، ويأكلونه بغير غسله، وكانوا يرون الدم في القدر خطوطًا؛ وذلك أن الله إنما حرم عليهم الدم المسفوح، أي: المصبوب المهراق، فأما ما يبقى في العروق فلم يحرمه. ولكن حرم عليهم أن يتبعوا العروق، كما تفعل اليهود. انتهى.
وإذا أبيت إلا أن تخرج عن أهلك، فلا حرج عليك في بيع حصتك من الأضحية؛ لأنك لست أنت المضحي، بل المضحي هو أبوك، وأنت ممن أُهدي إليه نصيب من الأضحية، وأصبح ملكاً، فلا حرج عليك في التصرف فيه بما هو مباح، والقاعدة الشرعية: أن من ملك الشيء جاز له التصرف فيه. وراجع الفتوى: 470578.
لكن لا يجوز لك أن تبيعه بما لا يجوز أن يباع به نسيئة -كلحم الدجاج، أو غيره من الأطعمة- إذ لا يجوز بيع طعام بطعام من غير جنسه إلا يدًا بيد.
والله أعلم.