الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال المشترك بين الزوج وزوجته، إنما تجب الزكاة فيه في نصيب كل واحدٍ منهما على انفراد إذا بلغ نصابًا، وحال عليه الحول، ومن لم يبلغ نصيبه من ذلك المال نصابًا، فلا زكاة عليه فيه، ولا يضم مال بعضهما إلى بعض في تكميل النصاب؛ لأن الخلطة غير معتبرة في زكاة غير السائمة، في قول أكثر أهل العلم.
قال ابن أبي عمر ابن قدامة الحنبلي في كتابه (الشرح الكبير على متن المقنع): لا تؤثر الخُلْطَةُ في غير السائمة، كالذهب والفضة، والزروع والثمار، وعروض التجارة، ويكون حكمهم حكم المنفردين. وهذا قول أكثر أهل العلم. انتهى.
وإذا كنت وزوجتك لا تعلمان مقدار نصيب كل واحد منكما؛ فلا مناص من التقدير والاجتهاد، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
فإن كان نصيبك من ذلك المال المشترك لم يبلغ نصابًا فلا زكاة عليك فيه؛ وإذا استفدت مالًا جديدًا فضمه إلى نصيبك من ذلك المال المشترك، فإن بلغ مجموع ذلك نصابًا؛ فابدأ حساب الحول من تاريخ بلوغ مجموع مالك الجديد ونصيبك من المال المشترك نصابًا.
وأما إن كان نصيبك من ذلك المال المشترك بالغًا نصابًا، فعليك زكاته كلما حال حوله، فإذا استفدت مالًا جديدًا أثناء الحول من راتبك أو من غيره مما ليس أرباحًا لذلك المال القديم؛ فأنت مخير في وقت إخراج زكاته بين أمرين:
الأول: أن تخرج زكاته مع زكاة النصاب الموجود عندك سابقًا، وتكون بذلك قد عجلت زكاة المال المستفاد - وهذا جائز.
والأمر الآخر: أن تجعل للمال المستفاد حولاً مستقلاً، وتخرج زكاته بعد مرور حول على دخوله في ملكك، وتزكيه ولو كان أقل من نصاب؛ لأنه بالغ النصاب بضمه إلى النصاب الأول.
جاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية): القسم الثالث: أن يستفيد مالًا من جنس نصاب عنده قد انعقد حوله، وليس المستفاد من نماء المال الأول. كأن يكون عنده عشرون مثقالاً ذَهَبًا مَلَكَهَا في أول الْمُحَرَّمِ، ثم يستفيد ألف مثقال في أول ذي الحجة، فقد اختلف العلماء في ذلك؛ فذهب الشافعية والحنابلة، إلى أنه يضم إلى الأول في النصاب دون الحول، فيزكي الأول عند حوله أي في أول المحرّم في المثال المتقدم، ويزكي الثاني لحوله أي في أول ذي الحجة ولو كان أقل من نصاب؛ لأنه بلغ بضمه إلى الأول نصاباً ...
وذهب الحنفية إلى أنه يضم كل ما يأتي في الحول إلى النصاب الذي عنده فيزكيهما جميعًا عند تمام حول الأول، قالوا: لأنه يضم إلى جنسه في النصاب فوجب ضمه إليه في الحول كالنصاب؛ ولأن النصاب سبب، والحول شرط، فإذا ضم في النصاب الذي هو سبب، فضمه إليه في الحول الذي هو شرط أولى؛ ولأن إفراد كل مال يستفاد بحول يفضي إلى تشقيص الواجب في السائمة، واختلاف أوقات الواجب، والحاجة إلى ضبط مواقيت التملك، ووجوب القدر اليسير الذي لا يتمكن من إخراجه، وفي ذلك حرج، وإنما شرع الحول للتيسير، وقد قال الله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}، وقياسًا على نتاج السائمة، وربح التجارة. انتهى.
والله أعلم.