من عواقب الاختلاط المحرم

7-2-2005 | إسلام ويب

السؤال:
جزاكم الله خيرا على ما تقدمون للإسلام من خير
أطمع في سعة صدركم وإليكم قصتي ، خنت صديقة لي مع زوجها وكانت تضع في كامل الثقة. حين تخاصمت معه أخبر زوجته بكل شيء ، شتمتني وقالت كلاما فاحشا وعايرتني بأسرار كنت قد حكيتها لها، و جرحني هذا كثيرا.
بعد جهد كبير أقنعناه-أنا وهو- أن ما قاله كذب وأنه قاله ليختبر حبها,
منذ ذلك الحين ونحن متقاطعتان ولا نتبادل حتى السلام رغم أنهما معا يشتغلان معي في نفس المصلحة
تبت لله وأرجو أن يتقبل مني ربي و يغفر لي لأني ندمت كثيرا كثيرا
سؤالي، هل في هده المقاطعة وزر علما إني لا أستطيع أن أنسى ما جرحتني به وعلما أنها لا تصلي ولن تقدر ما سأفعل إن بادرت بالكلام معها
رجائي أن تجيبوني مباشرة دون أن تحيلوني على فتوى أخرى وجزاكم الله خيرا

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذا من مظاهر مخالفة أمر الله في العمل بالمكان الذي يختلط فيه الأجانب.

واعلمي أن الخيانة العظمى هي معصية الله تعالى ومخالفة أمره بعدم الاختلاط ونظر المحرمات والخلوة بين الأجنبيين وما انجر عن ذلك فيما بعد من ارتكاب الفاحشة.

فالواجب أولا أن تتوبا إلى الله مما حصل منكما وتنيبا إليه إنابة صادقة قبل أن يحل بكما سخط الله وعقابه الدنيوي والأخروي، فلا تأمنا أن يصيبكما الله نتيجة معصيتكما بالأمراض الفتاكة كالإيدز أو غيره.

وأما فيما يتعلق بصديقتك فإنه مع تأكيدنا أنه لا يليق بك أن تشوشي خاطر زوجها عليها ولا أن تسعي فيما يؤدي لإفساد عصمتها ولا إفساد ثقتها بك، ولا يجوز للزوج أن يباشر الحرام ولو كان غير متزوج، فما بالك إذا كان متزوجا، إلا أننا ننبه إلى أن الحق أولا فيما حصل لله تعالى والوزر يترتب على فعلكما من حيث إنه معصية لله أولا لا من حيث إنه حق للمرأة فقط، فإن الرجل والمرأة يختلف حالهما شرعا بالنسبة لما يسميه الناس الخيانة الزوجية، فإن المرأة يحرم عليها شرعا أن تطمح لمخالطة أو معاشرة أي رجل ماعدا زوجها.

وأما الرجل فله أن يعاشر عند القدرة على العدل ثلاث زوجات أخريات، وإن عاشر امرأة أخرى ليست زوجا فقد ارتكب الإثم من حيث إنه عصى الله تعالى، فقد حرم الله ابتغاء الرجل من ليست زوجا له، ووصف من فعله بالعدوان، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون: 5-7}.

وقد حرم الله تعالى اعتداء الرجال على نساء الجيران وعده من أخطر وأكبر أنواع الذنوب، كما في حديث ابن مسعود قال: سالت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك. متفق عليه.

ويضاف إلى معصيته لله تعالى خيانته لزوجته بارتكابه للحرام، فإن مقارفته للحرام قد يؤدي لإصابته بالأمراض الفتاكة، وقد تنتقل هذه الأمراض إليها فتصيبها بالخطر.

وقد يؤثر فساد أخلاقه عليها هي وعلى أولادها، وقد يؤثر على سمعتها إضافة إلى ما قد يسبب من تفكك الأسرة وكثرة الخلافات، ولذلك، فإن أهل العلم أثبتوا لها الحق في طلب الطلاق عند ثبوت حصول الضرر في تصرفات زوجها، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتاوى التالية أرقامها: 4489، 37112، 33363، 7981.

وبناء عليه، فإن الوزر مترتب عليكما على كل، بسبب معصية الله تعالى وكشف الأمر ومجاهرة هذا الرجل بالمعصية وإخباره لزوجته بالموضوع.

وقد كان الواجب عليه أن يستر نفسه ولا يبوح لزوجته بما حصل، وأما إذا فعل ذلك فإنه ما كان لزوجته أن تصدقه فيما حكى عنك لأنه لا يثبت هذا الموضوع بمجرد إخبار شخص فاسق، إذ الأصل في الناس البراءة.

ولذلك قرر الشرع أنه لا يثبت اتهام الشخص بالزنى إلا بشهادة أربعة عدول.

وأما مقاطعتك لهذه المرأة فإنه يتعين عليك كسرها بإفشاء السلام عليها، فإن أبت عن رد السلام عليك كان الإثم  عليها.

ويجب عليك أولا وآخرا البدار بالتوبة إلى الله والبعد عن مخالطة هذا الفاجر وغيره من الأجانب وأن تلتزمي بالحجاب الشرعي وعدم الاختلاء بالأجانب وعدم الكلام معهم إلا فيما يتعلق بضرورة العمل، وإن لم تتمكني من الحفاظ على دينك فالواجب عليك أن تبحثي عن عمل آخر في مجال تأمنين فيه على دينك وعرضك، فإن دين المرأة وعرضها هما أهم ما ينبغي الحفاظ عليه، وإنما يتم الحفاظ عليه بالبعد عن المحرمات والشبهات، فمن اتقى الشهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، كما في حديث الصحيحين.

والله أعلم.

www.islamweb.net