صيام من كان في سجن مظلم ولا يعلم بدخول وقت الصلاة والصوم

20-10-2005 | إسلام ويب

السؤال:
أحبابي في الله كيف يصلي المسجون في غرفة مظلمة تحت الأرض لا يعلم شيئا عن وقت الصلاة ولا عن وقت دخول شهر رمضان؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن كان في سجن مظلم أو نحوه ولا يدري بدخول وقت الصلاة والصوم فإنه يجتهد ويصلي ويصوم. قال النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا : إذا اشتبه وقتها لغيم أو لحبس في موضع مظلم أو غيرهما لزمه الاجتهاد فيه ، ويستدل بالدرس والأوراد والأعمال وشبهها ، ويجتهد الأعمى كالبصير ، لأنه يشارك البصير في هذه العلامات بخلاف القبلة ، وإنما يجتهدان إذا لم يخبرهما ثقة بدخول الوقت عن مشاهدة ، فإن أخبر عن مشاهدة بأن قال : رأيت الفجر طالعاً أو الشفق غارباً ، لم يجز الاجتهاد ، ووجب العمل بخبره . وكذا لو أخبر ثقة عن أخبار عن مشاهدة وجب قبوله ، فإن أخبر عن اجتهاد لم يجز للبصير القادر على الاجتهاد تقليده ، لأن المجتهد لا يجوز له تقليد مجتهد ، ويجوز للأعمى والبصير العاجز عن الاجتهاد تقليده على أصح الوجهين لضعف أهليته ، وهذا ظاهر نص الشافعي رحمه الله ، وقطع به القاضي أبو الطيب في تعليقه في تقليد الأعمى ، وإذا وجب الاجتهاد فصلى بغير اجتهاد لزمه إعادة الصلاة وإن صادف الوقت ، لتقصيره وتركه الاجتهاد الواجب .... وإذا لم تكن له دلالة أو كانت فلم يغلب على ظنه شيء لزمه الصبر حتى يظن دخول الوقت ، والاحتياط أن يؤخر إلى أن يتيقنه أو يظنه ، ويغلب على ظنه أنه لو أخر خرج الوقت. نص عليه الشافعي رحمه الله ، واتفق الأصحاب عليه .

وأما الصوم فقد فصل حكمه أصحاب الموسوعة الفقهية فقالوا: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من اشتبهت عليه الشهور لا يسقط عنه صوم رمضان ، بل يجب لبقاء التكليف وتوجه الخطاب . فإذا أخبره الثقات بدخول شهر الصوم عن مشاهدة أو علم وجب عليه العمل بخبرهم ، وإن أخبروه عن اجتهاد منهم فلا يجب عليه العمل بذلك ، بل يجتهد بنفسه في معرفة الشهر بما يغلب على ظنه ، ويصوم مع النية ولا يقلد مجتهداً مثله . فإن صام المحبوس المشتبه عليه بغير تحر ولا اجتهاد ووافق الوقت لم يجزئه ، وتلزمه إعادة الصوم لتقصيره وتركه الاجتهاد الواجب باتفاق الفقهاء ، وإن اجتهد وصام فلا يخلو الأمر من خمسة أحوال :

الحال الأول : استمرار الإشكال وعدم انكشافه له ، بحيث لا يعلم أن صومه صادف رمضان أو تقدم أو تأخر ، فهذا يجزئه صومه ولا إعادة عليه في قول الحنفية والشافعية والحنابلة ، والمعتمد عند المالكية ، لأنه بذل وسعه ولا يكلف بغير ذلك ، كما لو صلى في يوم الغيم بالاجتهاد ، وقال ابن القاسم من المالكية : لا يجزئه الصوم ، لاحتمال وقوعه قبل وقت رمضان .

الحال الثانية : أن يوافق صوم المحبوس شهر رمضان فيجزئه ذلك عند جمهور الفقهاء ، قياساً على من اجتهد في القبلة ووافقها ، وقال بعض المالكية : لا يجزئه لقيامه على الشك ، لكن المعتمد الأول .

الحال الثالثة : إذا وافق صوم المحبوس ما بعد رمضان فيجزئه عند جماهير الفقهاء ، إلا بعض المالكية كما تقدم آنفاً ، واختلف القائلون بالإجزاء : هل يكون صومه أداء أو قضاء ؟ وجهان ، وقالوا: إن وافق بعض صومه أياما يحرم صومها كالعيدين والتشريق يقضيها .

الحال الربعة : وهي وجهان : الوجه الأول : إذا وافق صومه ما قبل رمضان وتبين له ذلك ولما يأت رمضان لزمه صومه إذا جاء بلا خلاف لتمكنه منه في وقته . الوجه الثاني : إذا وافق صومه ما قبل رمضان ولم يتبين له ذلك إلا بعد انقضائه ففي إجزائه قولان : القول الأول : لا يجزئه عن رمضان بل يجب عليه قضاؤه ، وهذا مذهب المالكية والحنابلة ، والمعتمد عند الشافعية . القول الثاني : يجزئه عن رمضان ، كما لو اشتبه على الحجاج يوم عرفة فوقفوا قبله ، وهو قول بعض الشافعية .

الحال الخامسة : أن يوافق صوم المحبوس بعض رمضان دون بعض ، فما وافق رمضان أو بعده أجزأه ، وما وافق قبله لم يجزئه ، ويراعى في ذلك أقوال الفقهاء المتقدمة . والمحبوس إذاصام تطوعاً أو نذراً فوافق رمضان لم يسقط عنه صومه في تلك السنة ، لانعدام نية صوم الفريضة ، وهو مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية . وقال الحنفية : إن ذلك يجزئه ويسقط عنه الصوم في تلك السنة ، لأن شهر رمضان ظرف لا يسع غير صوم فريضة رمضان ، فلا يزاحمها التطوع والنذر.

والله أعلم .

www.islamweb.net