حكم البيع الصوري للأولاد قبل الموت

20-2-2006 | إسلام ويب

السؤال:
السؤال عن إرث رجل مات وله بنتان فقط وتوفيت زوجته قبله وإخوته الذكور والإناث متوفون ما نصيب أبناء أخويه المتوفين قبله وأخته المتوفاة مع العلم أن لكل منهم أبناء ذكورا وإناثا؟ وهل يصح أن يعتد ببيعه التركة لبنتيه بيعا صوريا قبل وفاته بحجة أن المال ماله وله حرية التصرف فيه أثناء حياته ؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا حكم تنازل المورث لبعض ورثته عن تركته أو بعضها عن طريق الهبة أو البيع الصوري وذلك في الفتوى رقم: 19637 .

وننبهك أيها السائل الكريم إلى أن الميت قد يكون وهب بنتيه ماله ولكن أجرى ذلك بصورة البيع، ولا حرج على الأب أن يهب كل ما يملك لبنتيه إذا عدل في ذلك ولم يكن قصده حرمان بعض الورثة والإضرار بهم ، والهبة ماضية إذا كانتا قد قبضتاها أو قبضت لهما في حياة الأب ، وتصرفتا فيها تصرف المالك لها، أو من قبض لهما .

أما إذا لم يحصل قبض قبل موته فإنها باطلة في المشهور من مذاهب الأئمة الأربعة ، فهي بمثابة الوصية للوارث ، وهي باطلة إلا إذا أمضاها بقية الورثة .

وعلى فرض أنها هبة فهي تصح بشروطها ومنها : أن تكون في حال الصحة ، وأن يعدل فيها ، وأن يتم حوزها قبل الوفاة، ولا عبرة بصورة البيع إن كان المقصود الهبة ؛ لأن العبرة في العقود بالمعاني لا للألفاظ  والمباني. قال السيوطي في الأشباه والنظائر : القاعدة الخامسة: هل العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها؟ ... خلاف والترجيح مختلف في الفروع فمنها إذا وهب بشرط الثواب فهل يكون بيعا اعتبارا بالمعنى أو هبة اعتبارا باللفظ؟ الأصح الأول . انتهى .

وإذا لم يكن قصد الهبة وإنما ستملكان المال بالإرث فقط وعملتا مع الوالد عقد بيع صوري على الورق لا ثمن فيه لحرمان باقي الورثة فهو لاغ لا اعتبار له، ولا يخرج المال من ذمة صاحبه، ويكون تركة لجميع الورثة؛ لأن العقد الصوري لا حقيقة له في الواقع إلا إذا كان قصد الهبة وعمل صورة البيع للتوثيق فقط فتكون هبة، وفصلنا القول فيها .

وعلى فرض كونه بيعا صحيحا فإن كان تسلم الثمن فقد انتهى الأمر، وإن كان الثمن باق في ذمتيهما فعليهما أداؤه وضمه إلى التركة، ولهما منه بحسب نصيبهما فيها، والباقي لباقي الورثة .

وإذا لم يكن للميت وراث غير من ذكروا في السؤال فإن لبنتيه الثلثان، والباقي لأبناء أخيه الذكور إن كانوا أبناء أخ شقيق أو لأب، وإذا تعددوا فكان منهم ابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب فابن الأخ الشقيق يحجب ابن الأخ لأب .. ولا شيء لبنات الإخوة مطلقا لأنهن من ذوات الأرحام، ولا لأبناء الأخت وبناتها، كما أنه لا شيء لأبناء الإخوة الذكور إن كانوا أبناء إخوة لأم ، ولا للأخت إن كانت توفيت قبله، وإن كانت ماتت بعده فهي وارثة إن كانت شقيقة أو لأب وتحجب أبناء الإخوة، ويكون لها الباقي بعد نصيب البنتين تعصيبا، ويضم نصيبها إلى تركتها ويوزع على ورثتها . فمن شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث ولو لحظة فيعتبر ذلك .

وعلى فرض عدم وجود عاصب من ابن أخ شقيق أو لأب أو عم شقيق أو لأب أو ابن عم شقيق أو لأب، وعلى فرض تقدم موت الأخت عليه فإن الباقي بعد ثلثي البنتين يرد عليهما أيضا فتأخذان جميع التركة فرضاً ورداً إن كان للميت تركة .

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه ، بل لا بد من أن ترفع لمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق ، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث ، وقد تكون هناك وصيايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها ، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال ، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات .

والله أعلم.

www.islamweb.net