وضوء الجنب قبل النوم وهل يتيمم لعدم الماء

24-4-2007 | إسلام ويب

السؤال:
هل يسمى من توضأ قبل النوم ولم يغتسل وكان جنباً أنه نام على طهارة؟ ويرجى له من فضائل النوم على طهارة ما يرجى للمتطهر دون جنابة؟
وكيف يفعل من تعذر عليه استعمال الماء؟ هل يتيمم؟ وبأي نية؟ هل بنية الوضوء أم بنية الغسل؟ سواء أكان محدثاً حدثاً أصغر أو أكبر؟وجزاكم الله خيراً...............

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيكره للجنب -ومثله الحائض التي انقطع دمها- أن ينام قبل أن يتطهر، والأكمل في الطهارة أن يغتسل، ويدفع الكراهة أن يتوضأ كوضوئه للصلاة.

ويكون بوضوئه قد نام على طهارة ويرجى له الحصول على أصل ثواب من نام على طهارة كاملة وشهود الملائكة وما إلى ذلك، قال ابن تيمية رحمه الله: فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الجنب بالوضوء عند النوم، دل ذلك على أن الوضوء يرفع الجنابة الغليظة، وتبقى مرتبة بين المحدث وبين الجنب لم يرخص له فيما يرخص فيه للحدث من القراءة، ولم يمنع مما يمنع منه الجنب من اللبث في المسجد، فإنه إذا كان وضوؤه عند النوم يقتضي شهود الملائكة له دل على أن الملائكة تدخل المكان الذي هو فيه إذا توضأ.

وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم: بَاب جَوَاز نَوْم الْجُنُب وَاسْتِحْبَاب الْوُضُوء لَهُ وَغَسْلِ الْفَرْج إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُل أَوْ يَشْرَب أَوْ يَنَام أَوْ يُجَامِع ثم أورد حَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَام وَهُوَ جُنُب تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْل أَنْ يَنَام

وفِي رِوَايَة: إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُل أَوْ يَنَام تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَفِي رِوَايَة عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَا رَسُول اللَّه أَيَرْقُدُ أَحَدنَا وَهُوَ جُنُب ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ . وَفِي رِوَايَة نَعَمْ، لِيَتَوَضَّأ ثُمَّ لِيَنَمْ حَتَّى يَغْتَسِل إِذَا شَاءَ . وَفِي رِوَايَة: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَك ثُمَّ نَمْ . وَفِي رِوَايَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَانَ جُنُبًا رُبَّمَا اِغْتَسَلَ فَنَامَ وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ . وَفِي رِوَايَة: إِذَا أَتَى أَحَدكُمْ أَهْله، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُود فَلْيَتَوَضَّأْ، بَيْنهمَا وُضُوءًا، وَفِي رِوَايَة: أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوف عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِد، ثم قال رحمه الله: حَاصِل الْأَحَادِيث كُلّهَا أَنَّهُ يَجُوز لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَام وَيَأْكُل وَيَشْرَب وَيُجَامِع قَبْل الِاغْتِسَال، وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ بَدَن الْجُنُب وَعَرَقِهِ طَاهِرَانِ، وَفِيهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَضَّأ، وَيَغْسِل فَرْجه لِهَذِهِ الْأُمُور كُلّهَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا أَرَادَ جِمَاع مَنْ لَمْ يُجَامِعهَا ; فَإِنَّهُ يَتَأَكَّد اِسْتِحْبَاب غَسْلِ ذَكَرِهِ، وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابنَا أَنَّهُ يُكْرَه النَّوْم وَالْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع قَبْل الْوُضُوء، وَهَذِهِ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَيْهِ، وَلَا خِلَاف عِنْدنَا أَنَّ هَذَا الْوُضُوء لَيْسَ بِوَاجِبِ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِك وَالْجُمْهُور، وَذَهَبَ اِبْن حَبِيب مِنْ أَصْحَاب مَالِك إِلَى وُجُوبه، وَهُوَ مَذْهَب دَاوُدَ الظَّاهِرِيّ، وَالْمُرَاد بِالْوُضُوءِ وُضُوء الصَّلَاة الْكَامِل.

واختلف أهل العلم في الجنب إذا لم يجد ماء أو وجده ولكن تعذر عليه استعماله لمرض ونحوه هل يتيمم بدلا من الوضوء أم لا ؟

فذهب المالكية إلى أنه لا يتيمم، قال الخرشي في شرح مختصر خليل: ومن المستحب وضوء الجنب ولو أنثى للنوم ولو نهارا ومثله الحائض بعد انقطاع دمها وكذا غير الجنب من كل مريد النوم لقوله عليه الصلاة والسلام { من نام على طهارة سجدت روحه تحت العرش} ولا يتيمم الجنب إذا لم يجد ماء أو وجد ماء لا يكفيه للوضوء.

وذهب بعضهم إلى مشروعية ذلك لأن التيمم بدل عن الماء للفرض وللمستحب عند عدمه أو العجز عنه ولا يجزئ فيما سوى ذلك، قال النووي في المجموع: التيمم يقوم مقام الغسل عند العجز عن الماء، ولا يقوم الوضوء مقام الغسل، ولا يرد هذا على الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع فإنه يستحب له الوضوء ولا يستحب له التيمم ; لأن الجنب الذي فيه الكلام واجد لما يكفيه لغسله، ولا يفيده التيمم شيئا، ولا يصح للقدرة على الماء ويفيده الوضوء في رفع الحدث عن أعضائه فاستحب له.

وينوي بالتيمم استباحة النوم ولا ينوي كونه عن الغسل أو عن الوضوء لأنه استباحة فينوي ما يريد استباحته أو استباحة مفتقر إلى الطهارة أو ما تندب له ولا ينوي كونه عن حدث أكبر أو أصغر، ولا فرق في هذا بين من يريد التيميم للنوم أو من يريد أن يستبيح به ما ينوي من صلاة أو طواف لأنه لا يرفع الحدث بدليل أنه متى وجد الماء أو قدر على استعماله لزمه ذلك لما رواه الترمذي وصححه عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير.

وكذلك لو كان عليه حدث أكبر أو أصغر وأراد أن يصلي وتعذر عليه استعمال الماء فإنه ينوي استباحة فرض الصلاة للصلاة المفروضة، وأما ما دونها فيجزئه أن ينوي استباحة الصلاة.

والله أعلم.

 

 

www.islamweb.net