ما يلزم الحامل والمرضع إن أفطرتا في رمضان

3-5-2007 | إسلام ويب

السؤال:
سؤالي عن الصيام الذي يفوت الحامل والمرضع ، فأنا أعرف الآراء الثلاثة في هذا الموضوع ، ولكن الشيخ الألباني استدل بقول ابن عباس وابن عمر أن على المرضع والحامل إطعام مسكين عن كل يوم أفطرتاه ، ولكن يوجد حديث صحيح في سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم وعن الحبلى والمرضع ، فكيف يجيب عن هذا الحديث أولئك العلماء الذين يقولون بالقضاء فقط ؟ وما هو رأي ابن تيمية رحمه الله في هذا الأمر ؟ وقد قال الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله إن القول بإطعام مسكين عن كل يوم هو رأي ابن عباس وابن عمر وهو قول ضعيف فكيف يتسنى تضعيف قول الصحابة وبخاصة رأي هذين الصحابيين (ابن عباس وابن عمر ) ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس بأن يؤتيه الله الفهم في الدين وفي القرآن؟ أرجو توضيح هذا الموضوع بالدليل لأن زوجتي لا تدري ماذا تفعل ، وقد فاتها صيام 60 يوما (شهر أثناء الحمل وآخر أثناء الرضاعة) ، وهي تقول إذا كان يشق عليها القضاء فهل لها أن تأخذ برأي من يقولون بإطعام مسكين عن كل يوم ، حتى لو تبين أن الرأي الآخر هو الأصح ؟

الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشتمل السؤال على النقاط التالية:

1ـ طلب السائل دليل العلماء الذين يقولون بقضاء الحامل والمرضع، مع وجود حديث ابن عباس وابن عمر الذي ورد في السؤال ، ومع الحديث الذي رواه النسائي ، والمذكور في السؤال أيضاً .

2ـ سؤاله عن رأي ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في هذا الأمر.

3ـ استنكاره لتضعيف الشيخ ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ لرأي ابن عباس وابن عمر، مع كونهما من الصحابة ، وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعاء لابن عباس بأن يؤتيه الله  الفهم في الدين وفي القرآن .

4ـ سؤاله عما إذا كان يحق لزوجته أن تأخذ برأي من يقولون بالاقتصار على إطعام مسكين عن كل يوم ، ولو كان الرأي الآخر هو الأصح.

وقبل الجواب عن جميع هذه النقاط، نريد أولاً أن نبين الحكم الشرعي الذي نرى رجحانه في المسألة ، وذلك أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان من غير أيام السفر أو الحيض أو النفاس ، فلا يكون ذلك إلا لواحدة من ثلاثة أسباب: إما الخوف على أنفسهما ، وإما الخوف على ولديهما ، وإما الخوف عليهما وعلى  الولدين . وللعلماء فيهما مذاهب أصحها ـ والله أعلم ـ هو ما ذهب إليه أحمد والشافعي : أنهما إن خافتا على الولد فقط وأفطرتا فعليهما القضاء والفدية ، وإن خافتا على أنفسهما فقط أو على أنفسهما وولديهما فعليهما القضاء فقط . ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم : 83511 .

وحول النقطة الأولى ، نقول : إن غاية ما يكون من أمر هو أن الحامل والمرضع تعتبران كالمريض والمسافر ، فيلزمهما القضاء فقط . وسكوت ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن القضاء محمول على أنه معلوم ، فلم يريا داعيا إلى ذكره ، وأما حديث :" إن الله تعالى وضع الصيام عن الحبلى والمرضع" فالمراد لذلك وجوب أدائه ، ولكن عليهما القضاء؛  لأنه لم يرد تصريح بسقوط القضاء.

وحول النقطة الثانية ، فإننا لم نقف لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على رأي في خصوص هذا الأمر.

وحول النقطة الثالثة ، فليس من شك في أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ هم أفضل الأمة بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،كما أنه ليس من شك في أن الصحابيين المذكورين  من  أعلم الصحابة، وقد دعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لابن عباس الدعاء الذي أشرت إليه . ومع هذا فإنه لا غرابة في تضعيف الشيخ ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ لرأيهما .

ذلك أن كل كلام فيه ما هو مقبول وما هو مردود إلا كلام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

وأهل العلم قد اختلفوا في حجية مذهب الصحابي، ومن رأى منهم حجيته لا يعني أنه معصوم من الخطأ ، وإنما يراه حجة ما لم يوجد ما هو أرجح منه .

ولو قيل بعدم جواز مخالفة قول الصحابي ، فماذا يمكن فعله في حالة اختلافهم في المسألة الواحدة ؟ مع العلم أنهم ـ رضي الله عنهم ـ قد اختلفوا في جزئيات كثيرة؟ وحو النقطة الأخيرة ، فالصحيح من أقوال أهل العلم هو أن الواجب على المسلم في اختلاف المذهب هو الأخذ بالقول الراجح.

وعليه ، فلا يجوز لزوجتك أن تأخذ برأي من يقولون بالاقتصار على إطعام مسكين عن كل يوم ، طالما أنها تستطيع الصيام .      

والله أعلم .

www.islamweb.net