الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقرب بين أبي وأمي بعد أن اشتد خصامهما؟

السؤال

السلام عليكم.

لطالما كان أبي وأمي على خلاف دائم منذ طفولتي.

والحقيقة أن أبي صعب المراس، وخشن جدًا في طبعه، لكنه مؤخرًا اشتد الخصام بعد أن مد أبي يده على أمي، فغادرتُ المنزل معها.

لم أقطع صلتي بأبي البتة، وأحاول إبقاء التواصل معه بين كل فينة وأخرى، لكن بات من الصعب علي الانفراد معه؛ بحكم أني أصبحت خائفةً منه.

السؤال هو كالآتي: كيف أحاول صلة أبي رغم خوفي الشديد منه؟ وما حكم العلاقة بين أمي وأبي، خاصةً وأن كليهما يرفض المصالحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ابنتنا الكريمة– في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك حرصك على إيجاد المصالحة والموافقة بين والديك، وهذا من بِرّك بهما، والإحسان إليهما، ولا ينبغي أن تملِّي من هذا الأسلوب؛ فإن (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها كيف يشاء).

فحاولي أن تُلطفي الأجواء بين والديك؛ بأن تنقلي لكل واحد منهما عن الآخر أقوالاً جميلة، وهذا ليس من الكذب؛ فإن الكذب للإصلاح بين الناس يجوز، فإن نقلت لأبيك كلامًا طيبًا تقوله أُمُّك عنه، وفعلت ذلك أيضًا مع أُمّك؛ فإن هذا من شأنه أن يُخفف النزاع، ويُقرّب القلوب.

كما أنَّ دعاء الله سبحانه وتعالى من أعظم الأسباب للوصول إلى المقاصد والغايات الجميلة، فأكثري من دعاء الله تعالى، وحاولي الاستعانة بالأقارب من خالاتك وعمّاتك للتقريب بين والديك.

وهذه الجهود التي تبذلينها أولاً هي عملٌ صالحٌ مدَّخرٌ لك في صحائف أعمالك، ثم هي ذات ثمرة على إصلاح أسرتك وعائلتك، فلا تتهاوني أبدًا، ولا تتعبي، ولا تيئسي.

أمَّا البقاء مع والدك في البيت؛ فإذا كان فعلاً تخافين منه ضررًا عليك؛ فإنه لا يجب عليك أن تجلسي في البيت، ولكن يجب عليك أن تُحسني إليه، وتبرّيه، كما قال الله سبحانه في كتابه الكريم: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، فأمر بعدم طاعتهما في المعصية، ولكن مع ذلك أمر بالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف.

فهذا هو الميزان الشرعي في التعامل مع والدك؛ لأن له عليك حق في الأبوّة والبِرّ، ولا يُسقطه غِلْظتُه أو إساءته، ولكن لا يجب عليك أن تضرّي نفسك من أجله.

نرجو -إن شاء الله- أن يكون الجواب بهذا قد اتضح، وتبيّنت حدود المعاملة بينك وبين والدك.

أمَّا أُمُّك فإن العلاقة بينهما علاقة بين زوجين، لكل واحدٍ منهما حقوق على الآخر، مبيّنة في القرآن العزيز وفي السنّة النبوية، ومفصّلة في كتب الفقهاء، والخلاصة فيها أن الله تعالى أمر بمصاحبتها بالمعروف، ومعاشرتها بالمعروف، وفي هذا المعنى جاءت آيات كثيرة من القرآن الكريم.

فإذا هي وجدتْ تقصيرًا من زوجها ننصحها بأن تصبر وتحتسب، وتحاول الإصلاح بينها وبين زوجها، وهذا خيرٌ من الفراق، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، أي: الصلح خيرٌ من الفراق.

نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ عليكم بصلاح الأحوال كلها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً