الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى من النوم خارج المنزل وعند السفر، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

أعاني من الخوف من النوم خارج المنزل أو في السفر، ومنذ فترة عانيت من الأرق، وكنت أستيقظ لأربعة أيام متواصلة، ومنذ ذلك الوقت وهذا الأرق يراودني على فترات متباعدة، وكنت وقتها أتناول التريبتزول عند الحاجة، وسبب لي جفافًا، فاستعملت الريميرون نصف حبة قبل النوم فقط عند اللزوم، وكنت أستيقظ وأنا متعب جسديًا وغير مستقر ذهنيًا، وكنت أتناولها بعد فشل محاولاتي للنوم وبعد الصداع والتعب بسبب قلة النوم.

حاليًا -ولله الحمد- أنام بشكل طبيعي، وما زلت أفكر في الأمر كثيرًا وأخاف منه، وأخاف من السفر أو البعد عن منزلي وأن لا أستطيع النوم، هذا الأمر أصبح عقدة في حياتي لا أستطيع نسيانه أبدًا، وأفكر فيه حتى بعد أن عاد وضعي طبيعيًا.

عندما أرى المسافرين ومن ينامون خارج منازلهم أشعر بالخوف الداخلي، كيف ينامون؟ بمجرد معرفتي بالأمر أخاف من النوم، حتى إذا رغبت في السفر للعمل أخاف كثيرًا، وأول ما يشغل تفكيري هل سوف أنام هناك؟ علمًا أني كنت قبل هذه الحالة أسافر وأعمل وأنام، والنوم لا يشغل بالي.

أعيش في حالة نفسية من هذا الأمر، فكيف أتخطى تفكيري فيه، فهو لا يتركني، أريد العيش بشكل طبيعي، وأخاف من أن يصيبني مكروه وأنا مسافر وبعيد عن أهلي، ما الحل؟

جزاكم الله خيرَا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

أنت لديك قلق توقعي وسواسي، بأنك لن تنام خارج المنزل، وبناءً عليه تكونت لديك هذه المخاوف وظلت تراودك من وقت لآخر، وهذه الظاهرة معروفة جدًا أيضًا، حتى إذا بحثنا في واقع الناس، نجد أن بعض الناس فعلًا يصعب عليهم جدًا النوم خارج منازلهم، هذه حقيقة، وقد جربنا هذا حتى عند السفر مثلًا، الواحد حين ينزل في فندق أو شيء من هذا القبيل قد يجد صعوبة في النوم، مهما كان مستوى الفندق مريحًا.

هذه موجودة لدى بعض الناس، لكن أريدك أن تقضي على القلق التوقعي هذا، بأن تتذكر أن النوم حاجة بيولوجية طبيعية، نعم، ليس هنالك إنسان لا يستطيع أن ينام، هذا غير موجود، النوم قد يكون مضطربًا نعم، لكن أي إنسان لا بد أن ينام، لأن النوم حاجة بيولوجية تتحكم فيها أجسادنا من خلال مواد دماغية معينة، وتحضيرات فسيولوجية، والنوم أمره عجيب، قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.

عمومًا أقول لك: هذه الظاهرة طبيعية إلى حد كبير، أعرف أنها مزعجة، وأود أن أشير إلى أن دراسات كثيرة جدًا أشارت أن الأشخاص الذين لديهم فعلًا صعوبات في النوم عند تغيير المكان أو الزمان، قد يكون لديهم اضطراب ونقص في مادة تعرف باسم ميلاتونين، هذه المادة موجودة طبيعيًا في دماغ الإنسان، وتفرزها غدة تسمى غدة بانيل، لسبب ما هذه الغدة قد تكون عاجزة في إفرازها لهذه المادة، خاصة بالنسبة لكبار السن.

فيا أخي الكريم: يمكن أن تتناول الميلاتونين؛ هو مكون طبيعي، هرموني -ليس دوائياً- ومتوفر في الصيدليات ولا يحتاج أبدًا لوصفه طبية، وطبعًا الميلاتونين أثره ليس أثراً آنيًا، إنما أثره أثرًا تجمعيًا، وأنت يمكن أن تتناوله بجرعة 5 مليجرامات عند المغرب يوميًا لمدة ثلاثة أشهر مثلًا، البعض يتناول 10 مليجرامات ويستفيد منه كثيرًا.

إذًا يجب أن تحقر هذا الفكر الوسواسي التوقعي، وأرجو أن تتناول الميلاتونين، وأنا أيضًا أقلل من مخاوفك وهي ذات طابع وسواسي، أقول لك أيضًا: لا مانع من أن تتناول أحد مضادات قلق المخاوف، ومن أفضلها عقار السيبرالكس، لا تتناوله ليلًا، تناوله نهارًا، لأننا نريد أن نقتلع السبب وليس علاجات تسكينية لتحسين النوم، جرعة السيبرالكس المقبولة في حالتك هي أن تبدأ بـ 5 مليجرامات، أي تتناول نصف حبة من الحبة التي قوتها 10 مليجرامات، تتناولها لمدة 10 أيام، بعد ذلك تجعل الجرعة 10 مليجرامات يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها 5 مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم 5 مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

طبعًا من المهم: حسن إدارة الوقت، وتجنب النوم النهاري، وعدم تناول محتويات الكافيين: كالشاي والقهوة والبيبسي بعد الساعة السادسة مساء، وتثبيت وقت النوم، يجب أن لا تكون هنالك تفاوت كبير أو فوارق كبيرة للزمن الذي يذهب فيه الإنسان للفراش، وطبعًا الحرص على الأذكار، أذكار النوم مفيدة جدًا، وهي مجربة.

نشكرك -أخي الكريم- على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك نومًا هانئًا وسعيدًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً