209 - مسألة :
ومن
nindex.php?page=treesubj&link=511_22646كان على ذراعيه أو أصابعه أو رجليه جبائر أو دواء ملصق لضرورة فليس عليه أن يمسح على شيء من ذلك ، وقد سقط حكم ذلك المكان ، فإن سقط شيء من ذلك بعد تمام الوضوء فليس عليه إمساس ذلك المكان بالماء ، وهو على طهارته ما لم يحدث .
برهان ذلك قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9510إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء ، وكان التعويض منه شرعا ، والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة ، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله ، فسقط القول بذلك فإن قيل فإنه قد روي من طريق
زيد عن أبيه عن جده عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47709قلت يا رسول الله أمسح على الجبائر ؟ قال نعم امسح عليها } قلنا : هذا خبر لا
[ ص: 317 ] تحل روايته إلا على بيان سقوطه ; لأنه انفرد به
أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي وهو مذكور بالكذب .
فإن قيل : فقد جاء أنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47710عليه السلام أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين } قلنا : هذا لا يصح من طريق الإسناد ، ولو كان لما كانت فيه حجة ، لأن العصائب هي العمائم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
وركب كأن الريح تطلب عندهم لها ترة من جذبها بالعصائب
والتساخين هي الخفاف .
وإنما أوجب من أوجب المسح على الجبائر قياسا على المسح على الخفين ، والقياس باطل ، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا ، لأن المسح على الخفين فيه توقيت ، ولا توقيت في المسح على الجبائر ، مع أن قول القائل : لما جاز المسح على الخفين وجب المسح على الجبائر ، دعوى بلا دليل ، وقضية من عنده ، ثم هي أيضا موضوعة وضعا فاسدا لأنه إيجاب فرض قيس على إباحة وتخيير ، وهذا ليس من القياس في شيء .
وقد روينا مثل قولنا عن بعض السلف ، كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
عبد الملك بن أبجر عن
الشعبي أنه قال في الجراحة : اغسل ما حولها ، فإن قيل : قد رويتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه ألقم أصبع رجله مرارة فكان يمسح عليها .
قلنا : هذا فعل منه ، وليس إيجابا للمسح عليها ، وقد صح عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47711رضي الله عنه [ ص: 318 ] أنه كان يدخل الماء في باطن عينيه في الوضوء والغسل } ، وأنتم لا ترون ذلك ، فضلا عن أن توجبوه فرضا ، وصح أن كان يجيز بيع الحامل واستثناء ما في بطنها ، وهذا عندكم حرام ، ومن المقت عند الله تعالى أن تحتجوا به فيما اشتهيتم وتسقطوا الحجة به حيث لم تشتهوا ، وهذا عظيم في الدين جدا .
وإذ قد صح ما ذكرنا فالوضوء إذا تم وجازت به الصلاة فلا ينقضه إلا حدث أو نص جلي وارد بانتقاضه ، وليس
nindex.php?page=treesubj&link=27065_22656_22646_77سقوط اللصقة أو الجبيرة أو الرباط حدثا ، ولا جاء نص بإيجاب الوضوء من ذلك ، والشرائع لا تؤخذ إلا عن الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وممن رأى المسح على الجبائر
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ولم ير ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود وأصحابنا ، وبالله تعالى التوفيق .
209 - مَسْأَلَةٌ :
وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=511_22646كَانَ عَلَى ذِرَاعَيْهِ أَوْ أَصَابِعِهِ أَوْ رِجْلَيْهِ جَبَائِرُ أَوْ دَوَاءٌ مُلْصَقٌ لِضَرُورَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَدْ سَقَطَ حُكْمُ ذَلِكَ الْمَكَانِ ، فَإِنْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إمْسَاسُ ذَلِكَ الْمَكَانِ بِالْمَاءِ ، وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9510إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ } فَسَقَطَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كُلُّ مَا عَجَزَ عَنْهُ الْمَرْءُ ، وَكَانَ التَّعْوِيضُ مِنْهُ شَرْعًا ، وَالشَّرْعُ لَا يُلْزَمْ إلَّا بِقُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ، وَلَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ بِتَعْوِيضِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالدَّوَاءِ مِنْ غَسْلِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهِ ، فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ
زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47709قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ ؟ قَالَ نَعَمْ امْسَحْ عَلَيْهَا } قُلْنَا : هَذَا خَبَرٌ لَا
[ ص: 317 ] تَحِلُّ رِوَايَتُهُ إلَّا عَلَى بَيَانِ سُقُوطِهِ ; لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ
أَبُو خَالِدٍ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ جَاءَ أَنَّهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47710عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ } قُلْنَا : هَذَا لَا يَصِحُّ مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ ، وَلَوْ كَانَ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ ، لِأَنَّ الْعَصَائِبَ هِيَ الْعَمَائِمُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقُ :
وَرَكْبٍ كَأَنَّ الرِّيحَ تُطْلَبُ عِنْدَهُمْ لَهَا تِرَةٌ مِنْ جَذْبِهَا بِالْعَصَائِبِ
وَالتَّسَاخِينُ هِيَ الْخِفَافُ .
وَإِنَّمَا أَوْجَبَ مَنْ أَوْجَبَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ ، ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا ، لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِيهِ تَوْقِيتٌ ، وَلَا تَوْقِيتَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ ، مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ : لَمَّا جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَجَبَ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبَائِرِ ، دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ ، وَقَضِيَّةُ مَنْ عِنْدَهُ ، ثُمَّ هِيَ أَيْضًا مَوْضُوعَةٌ وَضْعًا فَاسِدًا لِأَنَّهُ إيجَابُ فَرْضٍ قِيسَ عَلَى إبَاحَةٍ وَتَخْيِيرٍ ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْقِيَاسِ فِي شَيْءٍ .
وَقَدْ رُوِّينَا مِثْلُ قَوْلِنَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيق
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ عَنْ
الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْجِرَاحَةِ : اغْسِلْ مَا حَوْلَهَا ، فَإِنْ قِيلَ : قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَلْقَمَ أُصْبُعَ رِجْلِهِ مَرَارَةً فَكَانَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا .
قُلْنَا : هَذَا فِعْلٌ مِنْهُ ، وَلَيْسَ إيجَابًا لِلْمَسْحِ عَلَيْهَا ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47711رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [ ص: 318 ] أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ الْمَاءَ فِي بَاطِنِ عَيْنَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ } ، وَأَنْتُمْ لَا تَرَوْنَ ذَلِكَ ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تُوجِبُوهُ فَرْضًا ، وَصَحَّ أَنْ كَانَ يُجِيزُ بَيْعَ الْحَامِلِ وَاسْتِثْنَاءَ مَا فِي بَطْنِهَا ، وَهَذَا عِنْدَكُمْ حَرَامٌ ، وَمِنْ الْمَقْتِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تَحْتَجُّوا بِهِ فِيمَا اشْتَهَيْتُمْ وَتُسْقِطُوا الْحُجَّةَ بِهِ حَيْثُ لَمْ تَشْتَهُوا ، وَهَذَا عَظِيمٌ فِي الدِّينِ جِدًّا .
وَإِذْ قَدْ صَحَّ مَا ذَكَرْنَا فَالْوُضُوءُ إذَا تَمَّ وَجَازَتْ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَا يَنْقُضُهُ إلَّا حَدَثٌ أَوْ نَصٌّ جَلِيٌّ وَارِدٌ بِانْتِقَاضِهِ ، وَلَيْسَ
nindex.php?page=treesubj&link=27065_22656_22646_77سُقُوطُ اللَّصْقَةِ أَوْ الْجَبِيرَةِ أَوْ الرِّبَاطِ حَدَثًا ، وَلَا جَاءَ نَصٌّ بِإِيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ ، وَالشَّرَائِعُ لَا تُؤْخَذُ إلَّا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ رَأَى الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15858دَاوُد وَأَصْحَابُنَا ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .