الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي طموحات لكن لا أدري ما الذي يمنعني عن الدراسة!!

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب مجتهد، أحاول الالتزام بأوامر الله قدر ما أستطيع، أتجنب الكبائر، ولي خلق حسن مع الناس، وحسن جوار، بدأت مشكلتي بعد دراسة البكالوريا والتحضير لدخول الجامعة؛ حيث إني أضعت سنين لأجل أن أتمكن الدخول لفرع الطب البشري، وبعد أن دخلت وبدأت في السنة الأولى رسبت فيها، وها أنا الآن أعيد السنة الأولى مرة أخرى، ولا أرى إلا أني سأرسب أيضاً إلا أن يشاء الله!

أنا شابٌ لي أحلام وطموحات تصل عنان السماء، وأريد إنجازها، والله يعلم أن كثيراً من طموحاتي هي لخدمة الدين والعباد، لكن بعد كل هذه السنين التي هدرت، وكثير من هذه السنين كانت لأسباب لا أعلم كيف حدثت! بعض هذه الأسباب كانت بسبب القضاء والقدر، وبعضها كانت مني!

المشكلة أني لما بدأت السنة حاولت بشدة أن أدرس، ولكني دائماً ما كنت أشعر أن هناك شيئاً يمنعني، هناك شيء يحجبني، وعندما بدأت أصر على نفسي وأدرس كنت أقضي أسابيع على دروس لا يجب أن تستمر لأكثر من ساعات، مع أني كنت أحاول قدر الإمكان أن أدرسها بسرعة وبتركيز، ولكن كثيراً ما كان يضيع تركيزي لأتفه الأسباب!

أنا الآن أشعر أني محطم، وأنه لم يعد لي أي شغف لأي شيء، لا أريد فعل أي شيء، وأريد فقط أن أكمل يومي الذي أنا فيه الآن، لطالما دعوت الله كثيراً! ولطالما استغفرت! ولطالما دعوت الله أن يغيرني ويعينني في دراستي! ولكني أشعر أني ذاهب من فشل لآخر! وأني ما عدت أصلح لشيء في الحياة، أنا لا أعترض على قضاء الله وقدره -ولله الحمد- لكن أرجو منكم الإفادة؛ فلقد بلغ صبري منتهاه!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك – ابننا الفاضل – في الموقع، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

أوّل ما نوصيك به هو:
- كثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
- المحافظة على الصلوات والطاعات.
- إصلاح ما بينك وبين الله؛ ليُصلح الله ما بينك وبين الخلق.
- اتخاذ الأسباب الصحيحة الموصلة للنجاح.
- التشاور والقرب من الأساتذة والمعلمين؛ حتى يُحددوا لك الأمور التي هي أكثر أهمية وتحتاج منك إلى تركيز.
- تجنب الانطباعات السالبة المعلّبة.

فوصولك إلى هذه المرحلة يعني أنك قادر على الفهم، فاستعن بالله، وابدأ الحياة بصفحة جديدة، بأملٍ جديد وبثقةٍ في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.

لا تتوقف عن اتخاذ الأسباب، ثم توكل على الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى- واتخذ أيضًا من الأصحاب مَن يُعينك على حسن المذاكرة والاهتمام بالدروس، ولا تستسلم للانطباعات السالبة، وتعوذ بالله من العجز والكسل؛ فإن العجز نقصٌ في التخطيط والكسل نقص في التنفيذ.

من المهم جدًّا أيضًا – ابننا الكريم – أن تركّز على ما تريده؛ فبعض الطلاب يقول (أريد أن أخدم ديني) فيصرف وقته لأشياء، أمَّا لو علم أن نجاحه في الدراسة فيه خدمة للدين؛ فالأمّة بحاجة لكل هذه الوظائف، وبحاجة لمن يُراقبون الله ويعملون من أجل نفع خلق الله تبارك وتعالى.

وعليه أرجو أن تستمر في الدراسة، وتُغيّر طريقة المذاكرة، وحاول أن تعمل جدولاً، وكن أكثر قُربًا من الأساتذة، وحاول أن تشرح حالتك للأستاذ المختص حتى يُبيّن لك مواطن الإشكال، وحاول أن تعرض الإجابات على الأساتذة حتى يُقيّموها، الإنسان عليه أن يتخذ الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.

والدعاء لا تتوقف عنه؛ لأن الشيطان لا يريد لنا أن نستمر في الدعاء، (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل) قيل: وما الاستعجال يا نبي الله؟ قال: (يقول: قد دعوتُ وقد دعوتُ وقد دعوتُ فلم أرَ يُستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).

فلا تترك الدعاء، واعلم أنك رابحٌ كلما توجهت إلى الله -سبحانه وتعالى- ونسأل الله أن يُعينك على الصبر، وأن يجعلك ممّن يتوكل على الله ويقوم بما عليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً