الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوفق بين دراستي الجامعية وحفظ كتاب الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شيخي الفاضل: أنا أحفظ القرآن وأدرسه، والناس تقول أعط القرآن كل وقتك، لكني طالب ماجستير، ولدي أشياء كثيرة أتعلمها وأنجزها في يومي وحياتي، فمتى يكون لدي الوقت للقرآن؟

مع العلم أن طريقتي في الحفظ تكون على شكل دراسة، أكثر من مجرد الحفظ عن طريق التكرار، فأنا أقرأ تفسير الآية من أكثر من مكان، واطلع على قصص الأنبياء المذكورة في السور.

فلو كنت أدرس وأنام وأتعلم، وكل شيء فوق رأسي، فمتى يمكن فعل كل ذلك؟ وكيف أحصل على الوقت الكافي؟

أرهقني هذا الموضوع وأجهدني التفكير، وأنا مستاء جدًا لأن الوقت يمضي دون أي إنجاز، أعتذر عن أسلوبي في صياغة الكلام، لكنه من الضيق الداخلي.

حفظكم الله ورعاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق إلى كل خير، والزيادة من كُلِّ بِرٍّ وإحسانٍ ومعروف، ونهنئُك أوَّلًا بما مَنَّ الله تعالى به عليك من حفظ القرآن الكريم، فهذه نعمةٌ كبيرة، واصطفاء عظيم، وثوابه عظيم، قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [فاطر: 32-33]، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعك بها، وأن يثبتك عليها.

ونشكر لك حرصك على ملء أوقاتك بما يُفيدك وما ينفعك، وهذا من علوّ همّتك، ونحن على ثقة من أن علوّ هذه الهمّة لن يجرَّ إليك إلَّا الخير، ولكن ينبغي أن ترتّب أعمالك بحسب قدراتك وأوقاتك، فلا يُكلّف الله نفسًا إلَّا وسعها، فالقرآن الكريم ينبغي أن تُعطيه ما تقدر عليه من الأوقات، فإنه عملٌ صالح، قراءته عبادة، ومدارسته عبادة، والتفقُّه فيه عبادة، فكلَّما أكثرت من ذلك فأنت في عبادة، ولكن هذا لا يعني تعطيل حياتك، ولا إملال النفس بتكليفها فوق طاقتها، بحيث تضجر وتترك، فاحذر من هذه المسالك، حافظ على دينك، واشتغل أيضًا بتحقيق وإصلاح ما تحتاجه من دنياك، وحاول الموازنة بين الأمور.

والقرآن الكريم يكفيك أن تقرأه كلّه في أسبوع مثلًا، أن تختمه في الأسبوع مرّة، فإن ضاق وقتك عن ذلك ففي كل أسبوعين، فإن ضاق ففي كل شهرٍ مرَّة، ولا ننصحك بأن تتجاوز الشهر ولم تختم؛ فإن القرآن بالنسبة للحافظ بحاجة إلى دوام المعاهدة، فإنه يتفلّت، كما أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

والقراءة التفسيرية أيضًا ينبغي أن تكون معتدلًا فيها، بحيث تقرأ ما تقدر عليه من التفاسير، وتُخصص تفاسير معيّنة لتقرأ فيها، بحيث تستطيع الإنجاز والإكمال.

وبهذه الطريقة من الترتيب للأوقات ووضع البرنامج الذي يقبل التنفيذ والتطبيق؛ ستجد نفسك أنك تسعى دائمًا إلى الزيادة، وأنك تُحقق -بإذن الله تعالى- نجاحًا يتلوه نجاح.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً