الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا النساء في تعب من حيض وحمل وولادة والرجل مرتاح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

ما يجعلني أفكر وأقول هو: لماذا نحن النساء علينا العذاب، دورة (حيض) وحمل، وولادة، والرجل تجده مرتاحًا ويجد الحور العين وغيرهن؟! ولماذا نحن نتعذب ونموت بسبب الولادة، وإذا كانت البنت لا تُنجب تتعذب أيضاً، فما أجرها عند ربها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وكنّا نتمنَّى أن يكون كلامك على طريقة سؤال، وليس على سبيل الاعتراض، وإنما شفاء العي السؤال، نسأل الله أن يهديك إلى الخير، وأن يفقّهك في الدّين، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

أرجو أن تعلمي - بنتنا الفاضلة، وأخبري مَن وراءك من الفتيات ممَّن يحملن مثل هذه الأفكار - أن المرأة لها المنزلة الرفيعة، فهي الأُمّ الغالية، وهي البنت الحبيبة، وهي الأخت الكريمة، وهي الجدة العطوف الحنون، هذا في الدنيا، وهي عند الله تأخذ الأجر المضاعف، ولها البِرّ المضاعف، فهي تُؤجر على تعبها في حملها، وتؤجر في تعبها ووضعها، وتؤجر في إرضاعها، وتؤجر في طاعتها لزوجها، وهي كذلك مُقدَّمة، فأولى الناس بالرجل وبالإنسان عمومًا الأم، قال (ﷺ) (أُمُّك ثم أُمُّك ثم أُمُّك) قال بعد ثلاث في حق الأمِّ: (ثم أباك).

وقد روي عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، أنها أتت النبي (ﷺ) فقالت: إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، يقلن بقولي، وعلى مثل رأيي، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنَّا بك واتبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات، قواعد بيوتٍ وموضع شهوات الرجال، وحاملات أولادكم، وأن الرجال فُضِّلوا بالجماعات، وشهود الجنائز، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله (ﷺ) بوجهه إلى أصحابه وقال لهم: «هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالًا عن دينها من هذه؟» فقالوا: لا يا رسول الله، فقال رسول الله (ﷺ): «انصرفي يا أسماء. وأعلمي من وراءك من النساء، أن حسن ‌تبعّل ‌إحداكم لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته، تعدل كلّ ما ذكرت». فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبِّرُ استبشارًا بما قال لها رسول الله (ﷺ).

أمَّا في الآخرة فأنت أغلى من الحور العين، وأنت في أرفع منزلة، المؤمنة المُصلِّية الصائمة تُفاخر على الحور العين يوم القيامة، والسعادة التي كتبها الله تبارك وتعالى كتبها للرجال وللنساء، فقد قال الله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195] ، وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] ، فالعبرة بالإيمان والعمل الصالح.

ولولا المرأة لما كان الرجل، ولولا الرجل لما كانت المرأة، لأن «النِّسَاءَ ‌شَقَائِقُ ‌الرِّجَالِ» كما قال (ﷺ)، هي بحاجة للرجل وهو بحاجة لها، وليس عندنا مشكلات مع أخواتنا أو بناتنا أو عمَّاتنا أو خالاتنا، بل لا نتصوّر الحياة بغير الأُمّهات والأخوات والزوجات والبنات.

أرجو أن تكون هذه الأمور واضحة، واعلمي أن التعب أيضًا الزائد له أجر زائد وثواب زائد عند الله تبارك وتعالى، ومن المهم جدًّا أن يرضى الإنسان بما قسم الله له، والله يقول: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32].

حُقَّ للمرأة المؤمنة أن تُفاخر بأنوثتها وأن تفاخر بأدوارها، وأن تُفاخر بأمومتها وبالمنازل الرفيعة التي أعدَّها الله تبارك وتعالى لها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وندعوك إلى الدعاء لنفسك ولزميلاتك وأخواتك.

الأمر الثاني: ندعوك إلى التفقُّه في دين الله تبارك وتعالى.

الأمر الثالث: نحذّرك من الاعتراض بالطريقة المذكورة، لأننا في النهاية الله تبارك وتعالى هو الذي خلقنا، وهذا الكون ملْكٌ لله تبارك وتعالى، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله تبارك وتعالى.

فلا تشغلي نفسك بمثل هذه الأفكار، ولا تتابعي مثل هذه المصادر التي تطرح الشُّبهات، وكوني طالبة للعلم الشرعي الصحيح، وعندها تستطيعين أن تردّي على مثل هذه الشبهات التي لا وزن لها ولا مكانة لها، فالمرأة حُقّ لها أن تُفاخر بأنها أنثى وبأنها مؤمنة، والحياة لا يمكن أن يكون لها طعم دون وجود الأُمَّهات والبنات والأخوات – كما أشرنا – ونسأل الله لنا ولكنَّ التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات