عبجر : العبنجر : الغليظ .
عبد :
العبد : الإنسان ، حرا كان أو رقيقا ، يذهب بذلك إلى أنه مربوب لباريه ، جل وعز . وفي حديث عمر في الفداء : " مكان عبد عبد " . كان من مذهب عمر - رضي الله عنه - فيمن سبي من العرب في الجاهلية وأدركه الإسلام ، وهو عند من سباه ، أن يرد حرا إلى نسبه ، وتكون قيمته عليه يؤديها إلى من سباه ، فجعل مكان كل رأس منهم رأسا من الرقيق . وأما قوله : وفي ابن الأمة عبدان ، فإنه يريد الرجل العربي يتزوج أمة لقوم فتلد منه ولدا فلا يجعله رقيقا ، ولكنه يفدى بعبدين ، وإلى هذا ذهب الثوري ، وسائر الفقهاء على خلافه . والعبد : المملوك خلاف الحر . قال وابن راهويه : هو في الأصل صفة ، قالوا : رجل عبد ، ولكنه استعمل استعمال الأسماء ، والجمع أعبد وعبيد مثل : كلب وكليب ، وهو جمع عزيز ، وعباد وعبد مثل : سقف وسقف ؛ وأنشد سيبويه الأخفش :
انسب العبد إلى آبائه أسود الجلدة من قوم عبد
ومنه قرأ بعضهم : وعبد الطاغوت ؛ ومن الجمع أيضا عبدان ، بالكسر ، مثل : جحشان . وفي حديث علي : هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم . وعبدان ، بالضم : مثل : تمر وتمران . وعبدان ، مشددة الدال ، وأعابد جمع أعبد . قال أبو دواد الإيادي يصف نارا :
لهن كنار الرأس بال علياء تذكيها الأعابد
ويقال : فلان عبد بين العبودة والعبودية والعبدية ؛ وأصل العبودية الخضوع والتذلل . والعبدى ، مقصور ، والعبداء ، ممدود ، والمعبوداء ، بالمد ، والمعبدة أسماء الجمع . وفي حديث : " أبي هريرة " . هذا على نفي الاستكبار عليهم وأن ينسب عبوديتهم إليه ، فإن المستحق لذلك الله تعالى [ ص: 9 ] هو رب العباد كلهم والعبيد ، وجعل بعضهم العباد لله ، وغيره من الجمع لله والمخلوقين ، وخص بعضهم بالعبدى العبيد الذين ولدوا في الملك ، والأنثى عبدة . قال لا يقل أحدكم لمملوكه : عبدي وأمتي وليقل : فتاي وفتاتي الأزهري : اجتمع العامة على تفرقة ما بين عباد الله والمماليك فقالوا : هذا عبد من عباد الله ، وهؤلاء عبيد مماليك . قال : ولا يقال : عبد يعبد عبادة إلا لمن يعبد الله ، ومن عبد دونه إلها فهو من الخاسرين .
قال : وأما عبد خدم مولاه فلا يقال : عبده . قال الليث : ويقال للمشركين : هم عبدة الطاغوت ، ويقال للمسلمين : عباد الله يعبدون الله . والعابد : الموحد . قال الليث : العبدى جماعة العبيد الذين ولدوا في العبودية تعبيدة ابن تعبيدة أي : في العبودة إلى آبائه . قال الأزهري : هذا غلط ، يقال : هؤلاء عبدى الله أي : عباده . وفي الحديث الذي جاء في الاستسقاء : " هؤلاء عبداك بفناء حرمك " . العبداء ، بالمد والقصر ، جمع العبد . وفي حديث عامر بن الطفيل : " أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - - : ما هذه العبدى حولك يا محمد ؟ " . أراد فقراء أهل الصفة ، وكانوا يقولون : اتبعه الأرذلون . قال شمر : ويقال للعبيد : معبدة ؛ وأنشد : للفرزدق
وما كانت فقيم حيث كانت بيثرب غير معبدة قعود
قال الأزهري : ومثل معبدة جمع العبد مشيخة جمع الشيخ ، ومسيفة جمع السيف . قال اللحياني : عبدت الله عبادة ومعبدا . وقال في قوله تعالى : الزجاج وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، المعنى : ما خلقتهم إلا لأدعوهم إلى عبادتي وأنا مريد للعبادة منهم ، وقد علم الله قبل أن يخلقهم من يعبده ممن يكفر به ، ولو كان خلقهم ليجبرهم على العبادة لكانوا كلهم عبادا مؤمنين . قال الأزهري : وهذا قول أهل السنة والجماعة . والعبدل : العبد ، ولامه زائدة . والتعبدة : المعرق في الملك ، والاسم من كل ذلك العبودة والعبودية ولا فعل له عند أبي عبيد . وحكى اللحياني : عبد عبودة وعبودية . الليث : وأعبده عبدا ملكه إياه . قال الأزهري : والمعروف عند أهل اللغة : أعبدت فلانا أي : استعبدته . قال : ولست أنكر جواز ما قاله الليث إن صح لثقة من الأئمة فإن السماع في اللغات أولى بنا من خبط العشواء ، والقول بالحدس وابتداع قياسات لا تطرد . وتعبد الرجل وعبده وأعبده : صيره كالعبد ، وتعبد الله العبد بالطاعة أي : استعبده ؛ وقال الشاعر :
حتام يعبدني قومي وقد كثرت فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان ؟
وعبده واعتبده واستعبده ؛ اتخذه عبدا ؛ عن اللحياني ؛ قال رؤبة :
يرضون بالتعبيد والتأمي
أراد : والتأمية . يقال : تعبدت فلانا أي : اتخذته عبدا مثل : عبدته سواء . وتأميت فلانة أي : اتخذتها أمة . وفي الحديث : " " . أي : اتخذه عبدا ، وهو أن يعتقه ثم يكتمه إياه ، أو يعتقله بعد العتق فيستخدمه كرها ، أو يأخذ حرا فيدعيه عبدا ويتملكه . والقياس : أن يكون أعبدته جعلته عبدا . وفي التنزيل : ثلاثة أنا خصمهم : رجل اعتبد محررا " . وفي رواية : " أعبد محررا وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ، قال الأزهري : وهذه آية مشكلة وسنذكر ما قيل فيها ونخبر بالأصح الأوضح . قال الأخفش في قوله تعالى : وتلك نعمة قال : يقال : هذا استفهام كأنه قال : أو تلك نعمة تمنها علي ، ثم فسر فقال : أن عبدت بني إسرائيل ، فجعله بدلا من النعمة . قال أبو العباس : وهذا غلط لا يجوز أن يكون الاستفهام ملقى وهو يطلب ، فيكون الاستفهام كالخبر . وقد استقبح ومعه أم وهي دليل على الاستفهام ، استقبحوا قول امرئ القيس :
تروح من الحي أم تبتكر
قال بعضهم : هو أتروح من الحي أم تبتكر فحذف الاستفهام أولى والنفي تام . وقال أكثرهم : الأول : خبر . والثاني : استفهام . فأما وليس معه أم لم يقله إنسان . قال أبو العباس : وقال الفراء : وتلك نعمة تمنها علي لأنه قال : وأنت من الكافرين لنعمتي أي : لنعمة تربيتي لك ، فأجابه فقال : نعم هي نعمة علي أن عبدت بني إسرائيل ولم تستعبدني ، فيكون موضع ( أن ) رفعا ويكون نصبا وخفضا ، من رفع ردها على النعمة كأنه قال : وتلك نعمة تمنها علي تعبيدك بني إسرائيل ولم تعبدني ، ومن خفض أو نصب أضمر اللام . قال الأزهري : والنصب أحسن الوجوه . المعنى : أن فرعون لما قال لموسى : قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ، فاعتد فرعون على موسى بأنه رباه وليدا منذ ولد إلى أن كبر ، فكان من جواب موسى له : تلك نعمة تعتد بها علي لأنك عبدت بني إسرائيل ، ولو لم تعبدهم لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم ، فإنما صارت نعمة لما أقدمت عليه مما حظره الله عليك . قال أبو إسحاق : المفسرون أخرجوا هذه على جهة الإنكار أن تكون تلك نعمة ، كأنه قال : وأي نعمة لك علي في أن عبدت بني إسرائيل ، واللفظ لفظ خبر . قال : والمعنى يخرج على ما قالوا على أن لفظه لفظ الخبر وفيه تبكيت المخاطب ، كأنه قال له : هذه نعمة أن اتخذت بني إسرائيل عبيدا ولم تتخذني عبدا . وعبد الرجل عبودة وعبودية وعبد : ملك هو وآباؤه من قبل . والعباد : قوم من قبائل شتى من بطون العرب اجتمعوا على النصرانية فأنفوا أن يتسموا بالعبيد وقالوا : نحن العباد ، والنسب إليه عبادي كأنصاري ، نزلوا بالحيرة ، وقيل : هم العباد ، بالفتح ، وقيل لعبادي : أي حماريك شر ؟ فقال : هذا ثم هذا . وذكره الجوهري : العبادي ، بفتح العين . قال : هذا غلط بل مكسور العين ؛ كذا قال ابن بري وغيره ؛ ومنه ابن دريد ، بكسر العين ، وكذا وجد بخط عدي بن زيد العبادي الأزهري . وعبد الله يعبده عبادة ومعبدا ومعبدة : تأله له ؛ ورجل عابد من قوم عبدة وعبد وعبد وعباد . والتعبد : التنسك . والعبادة : الطاعة . وقوله تعالى : قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت ، قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأبو عمرو : والكسائي وعبد الطاغوت . قال الفراء : وهو معطوف على قوله عز وجل : وجعل منهم القردة والخنازير ومن عبد الطاغوت . وقال [ ص: 10 ] : قوله : الزجاج وعبد الطاغوت ، نسق على من لعنه الله . المعنى : من لعنه الله ومن عبد الطاغوت من دون الله عز وجل ، قال : وتأويل " عبد الطاغوت " أي : أطاعه يعني : الشيطان فيما سول له وأغواه . قال : والطاغوت هو الشيطان . وقال في قوله تعالى : إياك نعبد ، أي : نطيع الطاعة التي يخضع معها ، وقيل : إياك نوحد ، قال : ومعنى العبادة في اللغة : الطاعة مع الخضوع ، ومنه طريق معبد إذا كان مذللا بكثرة الوطء . وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة : ( وعبد الطاغوت ) . قال الفراء : ولا أعلم له وجها إلا أن يكون عبد بمنزلة حذر وعجل . وقال نصر الرازي : عبد وهم من قرأه ولسنا نعرف ذلك في العربية . قال الليث : وعبد الطاغوت معناه : صار الطاغوت يعبد كما يقال : ظرف الرجل وفقه . قال الأزهري : غلط الليث في القراءة والتفسير ، ما قرأ أحد من قراء الأمصار وغيرهم : ( وعبد الطاغوت ) ، برفع الطاغوت ، إنما قرأ حمزة : ( وعبد الطاغوت ) وهي مهجورة أيضا . قال الجوهري : وقرأ بعضهم : ( وعبد الطاغوت ) وأضافه . قال : والمعنى فيما يقال : خدم الطاغوت ، قال : وليس هذا بجمع لأن فعلا لا يجمع على فعل مثل : حذر وندس ، فيكون المعنى : وخادم الطاغوت . قال الأزهري : وذكر الليث أيضا قراءة أخرى ما قرأ بها أحد قال وهي : ( وعابدو الطاغوت ) جماعة . قال : وكان - رحمه الله - قليل المعرفة بالقراآت ، وكان نوله أن لا يحكي القراآت الشاذة وهو لا يحفظها ، والقارئ إذا قرأ بها جاهل ، وهذا دليل أن إضافته كتابه إلى غير صحيح ، لأن الخليل بن أحمد الخليل كان أعقل من أن يسمي مثل هذه الحروف قراآت في القرآن ولا تكون محفوظة لقارئ مشهور من قراء الأمصار ، ونسأل الله العصمة والتوفيق للصواب . قال : وقرئ : ( وعبد الطاغوت ) جماعة عابد . قال ابن سيده : هو جمع عبيد كرغيف ورغف . وروي عن الزجاج النخعي أنه قرأ : ( وعبد الطاغوت ) بإسكان الباء وفتح الدال . وقرئ : ( وعبد الطاغوت ) وفيه وجهان : أحدهما : أن يكون مخففا من عبد كما يقال في عضد : عضد ، وجائز أن يكون عبد اسم الواحد يدل على الجنس ويجوز في عبد النصب والرفع ، وذكر الفراء أن أبيا وعبد الله قرآ : ( وعبدوا الطاغوت ) . وروي عن بعضهم أنه قرأ : ( وعباد الطاغوت ) وبعضهم : ( وعابد الطاغوت ) . قال الأزهري : وروي عن : ( وعبد الطاغوت ) وروي عنه أيضا : ( وعبد الطاغوت ) ومعناه : عباد الطاغوت . وقرئ : ( وعبد الطاغوت ) وقرئ : ( وعبد الطاغوت ) . قال ابن عباس الأزهري : والقراءة الجيدة التي لا يجوز عندي غيرها هي قراءة العامة التي بها قرأ القراء المشهورون ، وعبد الطاغوت على التفسير الذي بينته أولا . وأما قول أوس بن حجر :
أبني لبينى لست معترفا ليكون ألأم منكم أحد
أبني لبينى إن أمكم أمة وإن أباكم عبد
فإنه أراد وإن أباكم عبد فثقل للضرورة ، فقال : عبد لأن القصيدة من الكامل وهي حذاء . وقول الله تعالى : وقومهما لنا عابدون ، أي : دائنون . وكل من دان لملك فهو عابد له . وقال : فلان عابد وهو الخاضع لربه المستسلم المنقاد لأمره . وقوله عز وجل : ابن الأنباري اعبدوا ربكم ، أي : أطيعوا ربكم . والمتعبد : المنفرد بالعبادة . والمعبد : المكرم المعظم كأنه يعبد ؛ قال :
تقول ألا تمسك عليك فإنني أرى المال عند الباخلين معبدا ؟
سكن آخر تمسك لأنه توهم سكع من تمسك عليك بناء فيه ضمة بعد كسرة ، وذلك مستثقل فسكن ، كقول جرير :
سيروا بني العم فالأهواز منزلكم ونهر تيرى ولا تعرفكم العرب
والمعبد : المكرم في بيت حاتم حيث يقول :
تقول : ألا تبقي عليك فإنني أرى المال عند الممسكين معبدا ؟
إلى أن تحامتني العشيرة كلها وأفردت إفراد البعير المعبد
قال شمر : المعبد من الإبل الذي قد عم جلده كله بالقطران . ويقال : المعبد الأجرب الذي قد تساقط وبره فأفرد عن الإبل ليهنأ ، ويقال : هو الذي عبده الجرب أي : ذلله . وقال ابن مقبل :
وضمنت أرسان الجياد معبدا إذا ما ضربنا رأسه لا يرنح
قال : المعبد هاهنا الوتد . قال شمر : قيل للبعير إذا هنئ بالقطران : معبد لأنه يتذلل لشهوته القطران وغيره فلا يمتنع . وقال أبو عدنان : سمعت الكلابيين يقولون : بعير متعبد ومتأبد إذا امتنع على الناس صعوبة وصار كآبدة الوحش . والمعبد : المذلل . والتعبد : التذلل ، ويقال : هو الذي يترك ولا يركب . والتعبيد : التذليل . وبعير معبد : مذلل . وطريق معبد : مسلوك مذلل ، وقيل : هو الذي تكثر فيه المختلفة . قال الأزهري : والمعبد الطريق الموطوء في قوله :
وظيفا وظيفا فوق مور معبد
وأنشد شمر :
وبلد نائي الصوى معبد قطعته بذات لوث جلعد
قال : أنشدنيه أبو عدنان وذكر أن الكلابية أنشدته وقالت : المعبد الذي ليس فيه أثر ولا علم ولا ماء . والمعبدة : السفينة المقيرة ؛ قال بشر في سفينة ركبها :
معبدة السقائف ذات دسر مضبرة جوانبها رداح
قال أبو عبيدة : المعبدة المطلية بالشحم أو الدهن أو القار ؛ وقول بشر : [ ص: 11 ]
ترى الطرق المعبد من يديها لكذان الإكام به انتضال
الطرق : اللين في اليدين . وعنى بالمعبد : الطرق الذي لا يبس يحدث عنه ولا جسوء فكأنه طريق معبد قد سهل وذلل . والتعبيد : الاستعباد وهو أن يتخذه عبدا وكذلك الاعتباد . وفي الحديث : " " . والإعباد مثله وكذلك التعبد ؛ وقال : تعبدني ورجل اعتبد محررا نمر بن سعد وقد أرى ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع
وعبد عليه عبدا وعبدة فهو عابد وعبد : غضب . وعداه بغير حرف فقال : الفرزدق
علام يعبدني قومي وقد كثرت فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان ؟
أنشده يعقوب وقد تقدمت رواية من روى : يعبدني . وقيل : عبد عبدا فهو عبد وعابد : غضب وأنف ، والاسم العبدة . والعبد : طول الغضب . قال الفراء : عبد عليه وأحن عليه وأمد وأبد أي : غضب . وقال الغنوي : العبد الحزن والوجد . وقيل في قول : الفرزدق
أولئك قوم إن هجوني هجوتهم وأعبد أن أهجو كليبا بدارم
أعبد أي : آنف . وقال يصف ابن أحمر الغواص :
فأرسل نفسه عبدا عليها وكان بنفسه أربا ضنينا
قيل : معنى قوله : عبدا أي : أنفا . يقول : أنف أن تفوته الدرة . وفي التنزيل : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، ويقرأ : ( العبدين ) . قال الليث : العبد ، بالتحريك ، الأنف والغضب والحمية من قول يستحيا منه ويستنكف ، ومن قرأ : ( العبدين ) فهو مقصور من عبد يعبد فهو عبد . وقال الأزهري : هذه آية مشكلة وأنا ذاكر أقوال السلف فيها ثم أتبعها بالذي قال أهل اللغة وأخبر بأصحها عندي . أما القول الذي قاله الليث في قراءة العبدين ، فهو قول أبي عبيدة على أني ما علمت أحدا قرأ : ( فأنا أول العبدين ) ، ولو قرئ مقصورا كان ما قاله أبو عبيدة محتملا ، وإذ لم يقرأ به قارئ مشهور لم نعبأ به . والقول الثاني : ما روي عن أنه سئل عن هذه الآية فقال : معناه : إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، يقول : فكما أني لست أول من عبد الله فكذلك ليس لله ولد . وقال ابن عيينة : قال الله السدي لمحمد : قل إن كان على الشرط للرحمن ولد كما تقولون لكنت أول من يطيعه ويعبده . وقال الكلبي : إن كان ما كان . وقال الحسن وقتادة : إن كان للرحمن ولد على معنى ما كان ، فأنا أول العابدين أول من عبد الله من هذه الأمة . قال : قال بعضهم : إن كان أي : ما كان للرحمن فأنا أول العابدين أي : الآنفين ، رجل عابد وعبد وآنف وأنف أي : الغضاب الآنفين من هذا القول ، وقال : فأنا أول الجاحدين لما تقولون ، ويقال : أنا أول من تعبده على الوحدانية مخالفة لكم . وفي حديث الكسائي علي - رضي الله عنه - : " وقيل له : أنت أمرت بقتل عثمان أو أعنت على قتله فعبد وضمد " . أي : غضب غضب أنفة . عبد ، بالكسر ، يعبد عبدا ، بالتحريك ، فهو عابد وعبد . وفي رواية أخرى عن علي - كرم الله وجهه - أنه قال : " عبدت فصمت " . أي : أنفت فسكت . وقال : ما كان للرحمن ولد ، والوقف على الولد ثم يبتدئ : فأنا أول العابدين له ، على أنه لا ولد له ، والوقف على العابدين تام . قال ابن الأنباري الأزهري : قد ذكرت الأقوال وفيه قول أحسن من جميع ما قالوا وأسوغ في اللغة وأبعد من الاستكراه وأسرع إلى الفهم . روي عن مجاهد فيه أنه يقول : إن كان لله ولد في قولكم فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم بما تقولون . قال الأزهري : وهذا واضح ، ومما يزيده وضوحا أن الله عز وجل قال لنبيه : قل يا محمد للكفار إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين إله الخلق أجمعين الذي لم يلد ولم يولد ، وأول الموحدين للرب الخاضعين المطيعين له وحده لأن من عبد الله واعترف بأنه معبوده وحده لا شريك له فقد دفع أن يكون له ولد في دعواكم ، والله عز وجل واحد لا شريك له ، وهو معبودي الذي لا ولد له ولا والد . قال الأزهري : وإلى هذا ذهب إبراهيم بن السري وجماعة من ذوي المعرفة . قال : وهو الذي لا يجوز عندي غيره . وتعبد كعبد ؛ قال جرير :
يرى المتعبدون علي دوني حياض الموت واللجج الغمارا
وأعبدوا به : اجتمعوا عليه يضربونه . وأعبد بفلان : ماتت راحلته أو اعتلت أو ذهبت فانقطع به ، وكذلك أبدع به . وعبد الرجل : أسرع . وما عبدك عني أي : ما حبسك ؛ حكاه . وعبد به : لزمه فلم يفارقه ؛ عنه أيضا . والعبدة : البقاء ؛ يقال : ليس لثوبك عبدة أي : بقاء وقوة ؛ عن ابن الأعرابي اللحياني . والعبدة : صلاءة الطيب . : العبد نبات طيب الرائحة ؛ وأنشد : ابن الأعرابي
حرقها العبد بعنظوان فاليوم منها يوم أرونان
قال : والعبد تكلف به الإبل لأنه ملبنة مسمنة ، وهو حار المزاج إذا رعته الإبل عطشت فطلبت الماء . والعبدة : الناقة الشديدة ؛ قال معن بن أوس :
ترى عبداتهن يعدن حدبا تناولها الفلاة إلى الفلاة
وناقة ذات عبدة أي : ذات قوة شديدة وسمن . وقال أبو دواد الإيادي :
إن تبتذل تبتذل من جندل خرس صلابة ذات أسدار لها عبده
والدراهم العبدية : كانت دراهم أفضل من هذه الدراهم وأكثر وزنا . ويقال : عبد فلان إذا ندم على شيء يفوته يلوم نفسه على تقصير ما كان منه . والمعبد : المسحاة . : المعابد المساحي والمرور . قال ابن الأعرابي : عدي بن زيد العبادي
إذ يحرثنه بالمعابد
وقال أبو نصر : المعابد العبيد . [ ص: 12 ] وتفرق القوم عباديد وعبابيد . والعباديد والعبابيد : الخيل المتفرقة في ذهابها ومجيئها ولا واحد له في ذلك كله ، ولا يقع إلا في جماعة ولا يقال للواحد : عبديد . الفراء : العباديد والشماطيط لا يفرد له واحد . وقال غيره : ولا يتكلم بهما في الإقبال إنما يتكلم بهما في التفرق والذهاب . : يقال : صاروا عباديد وعبابيد أي : متفرقين ؛ وذهبوا عباديد كذلك إذا ذهبوا متفرقين . ولا يقال : أقبلوا عباديد . قالوا : والنسبة إليهم عباديدي . قال الأصمعي أبو الحسن : ذهب إلى أنه لو كان له واحد لرد في النسب إليه . والعباديد : الآكام . والعباديد : الأطراف البعيدة . قال الشماخ :
والقوم آتوك بهز دون إخوتهم كالسيل يركب أطراف العباديد
وبهز : حي من سليم . قال : هي الأطراف البعيدة والأشياء المتفرقة . قال : العبابيد الطرق المختلفة . والتعبيد : من قولك : ما عبد أن فعل ذلك أي : ما لبث ؛ وما عتم وما كذب كله : ما لبث . ويقال : انثل يعدو وانكدر يعدو وعبد يعدو إذا أسرع بعض الإسراع . الأصمعي والعبد : واد معروف في جبال طيئ . وعبود : اسم رجل ضرب به المثل فقيل : نام نومة عبود ، وكان رجلا تماوت على أهله وقال : اندبيني لأعلم كيف تندبينني ، فندبته فمات على تلك الحال . قال : كان عبود عبدا أسود حطابا فغبر في محتطبه أسبوعا لم ينم ، ثم انصرف وبقي أسبوعا نائما ، فضرب به المثل وقيل : نام نومة عبود . وأعبد ومعبد وعبيدة وعباد وعبد وعبادة وعابد وعبيد وعبديد وعبدان وعبيدان ، تصغير عبدان ، وعبدة وعبدة : أسماء . ومنه المفضل بن سلمة علقمة بن عبدة ، بالتحريك ، فإما أن يكون من العبدة التي هي البقاء ، وإما أن يكون سمي بالعبدة التي هي صلاءة الطيب ،وعبدة بن الطبيب ، بالتسكين . قال : النسب إلى سيبويه عبد القيس : عبدي ، وهو من القسم الذي أضيف فيه إلى الأول لأنهم لو قالوا : قيسي ، لالتبس بالمضاف إلى قيس عيلان ونحوه ، وربما قالوا : عبقسي . قال سويد بن أبي كاهل :
وهم صلبوا العبدي في جذع نخلة فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
قال : قوله : بأجدعا أي : بأنف أجدع فحذف الموصوف وأقام صفته مكانه . والعبيدتان : ابن بري عبيدة بن معاوية ، . وعبيدة بن عمرو وبنو عبيدة : حي ، النسب إليه عبدي ، وهو من نادر معدول النسب . والعبيد ، مصغر : اسم فرس العباس بن مرداس ؛ وقال :
أتجعل نهبي ونهب العبي د بين عيينة والأقرع ؟
وعابد : موضع . وعبود : موضع أو جبل . وعبيدان : موضع . وعبيدان : ماء منقطع بأرض اليمن لا يقربه أنيس ولا وحش . قال النابغة :
فهل كنت إلا نائيا إذ دعوتني منادى عبيدان المحلاء باقره
وقيل : عبيدان - في البيت - رجل كان راعيا لرجل من عاد ثم أحد بني سويد وله خبر طويل . قال الجوهري : وعبيدان اسم واد يقال : إن فيه حية قد منعته فلا يرعى ولا يؤتى . قال النابغة :
ليهنأ لكم أن قد نفيتم بيوتنا مندى عبيدان المحلاء باقره
يقول : نفيتم بيوتنا إلى بعد كبعد عبيدان ؛ وقيل : عبيدان هنا الفلاة . وقال أبو عمرو : عبيدان اسم وادي الحية . قال : صواب إنشاده : المحلئ باقره ، بكسر اللام من المحلئ وفتح الراء من باقره ، وأول القصيدة : ابن بري
ألا أبلغا ذبيان عني رسالة فقد أصبحت عن منهج الحق جائره
وقال : قال : ابن الكلبي عبيدان راع لرجل من بني سويد بن عاد وكان آخر عاد ، فإذا حضر عبيدان الماء سقى ماشيته أول الناس وتأخر الناس كلهم حتى يسقي فلا يزاحمه على الماء أحد ، فلما أدرك لقمان بن عاد واشتد أمره أغار على قوم عبيدان فقتل منهم حتى ذلوا ، فكان لقمان يورد إبله فيسقي ويسقي عبيدان ماشيته بعد أن يسقي لقمان فضربه الناس مثلا . والمندى : المرعى يكون قريبا من الماء يكون فيه الحمض ، فإذا شربت الإبل أول شربة نحيت إلى المندى لترعى فيه ، ثم تعاد إلى الشرب فتشرب حتى تروى وذلك أبقى للماء في أجوافها . والباقر : جماعة البقر . والمحلئ : المانع . الفراء : يقال : صك به في أم عبيد ، وهي الفلاة ، وهي الرقاصة . قال : وقلت للعتابي : ما عبيد ؟ فقال : ابن الفلاة . وعبيد في قول الأعشى :
لم تعطف على حوار ولم يق طع عبيد عروقها من خمال
اسم بيطار . وقوله عز وجل : فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ؛ أي : في حزبي . والعبدي : منسوب إلى بطن من بني عدي بن جناب من قضاعة يقال لهم : بنو العبيد ، كما قالوا في النسبة إلى بني الهذيل : هذلي ، وهم الذين عناهم الأعشى بقوله :
بنو الشهر الحرام فلست منهم ولست من الكرام بني العبيد
قال : سبب هذا الشعر أن ابن بري عمرو بن ثعلبة بن الحرث بن حضر بن ضمضم بن عدي بن جناب كان راجعا من غزاة ، ومعه أسارى ، وكان قد لقي الأعشى فأخذه في جملة الأسارى ، ثم سار عمرو حتى نزل عند شريح بن حصن بن عمران بن السموأل بن عادياء فأحسن نزله ، فسأل الأعشى عن الذي أنزله ، فقيل له : هو شريح بن حصن . فقال : والله لقد امتدحت أباه السموأل وبيني وبينه خلة ، فأرسل الأعشى إلى شريح يخبره بما كان بينه وبين أبيه ، ومضى شريح إلى عمرو بن ثعلبة فقال : إني أريد أن تهبني بعض أساراك هؤلاء ، فقال : خذ منهم من شئت ، فقال : أعطني هذا الأعمى ، فقال : وما تصنع بهذا الزمن ؟ خذ أسيرا فداؤه مائة أو مائتان من الإبل . فقال : ما أريد إلا هذا الأعمى فإني قد رحمته ، فوهبه له ، ثم إن الأعشى هجا عمرو [ ص: 13 ] بن ثعلبة ببيتين وهما هذا البيت " بنو الشهر الحرام " وبعده :
ولا من رهط جبار بن قرط ولا من رهط حارثة بن زيد
فبلغ ذلك عمرو بن ثعلبة فأنفذ إلى شريح أن رد علي هبتي . فقال له شريح : ما إلى ذلك سبيل . فقال : إنه هجاني . فقال شريح : لا يهجوك بعدها أبدا . فقال الأعشى يمدح شريحا :
شريح لا تتركني بعدما علقت حبالك اليوم بعد القد أظفاري
يقول فيها :
كن كالسموأل إذ طاف الهمام به في جحفل كسواد الليل جرار
بالأبلق الفرد من تيماء منزله حصن حصين وجار غير غدار
خيره خطتي خسف فقال له : مهما تقله فإني سامع حاري
فقال : ثكل وغدر أنت بينهما فاختر وما فيهما حظ لمختار
فشك غير طويل ثم قال له : أقتل أسيرك ! إني مانع جاري !
وبهذا ضرب المثل في الوفاء بالسموأل فقيل : أوفى من السموأل . وكان الحارث الأعرج الغساني قد نزل على السموأل ، وهو في حصنه ، وكان ولده خارج الحصن فأسره الغساني وقال للسموأل : اختر إما أن تعطيني السلاح الذي أودعك إياه امرؤ القيس ، وإما أن أقتل ولدك ؛ فأبى أن يعطيه فقتل ولده . والعبدان في بني قشير : عبد الله بن قشير ، وهو الأعور ، وهو ابن لبينى ، وعبد الله بن سلمة بن قشير ، وهو سلمة الخير . والعبيدتان : عبيدة بن معاوية بن قشير ، وعبيدة بن عمرو بن معاوية . والعبادلة : ، عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر . وعبد الله بن عمرو بن العاص