( الفرق الخامس والستون والمائتان بين ) ورد قوله تعالى { قاعدة الخوف من غير الله - تعالى - المحرم وقاعدة الخوف من غير الله - تعالى - الذي لا يحرم ولم يخش إلا الله } وقوله تعالى { فلا تخشوهم واخشوني } وقوله تعالى { وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } ونحو ذلك من النصوص المانعة من خوف غير الله - تعالى - وهو المستفيض على ألسنة الجمهور ، وهذه النصوص محمولة على خوف غير الله - تعالى - المانع من فعل واجب أو ترك محرم أو خوف مما لم تجر العادة بأنه سبب للخوف كمن يتطير بما لا يخاف منه عادة كالعبور بين الغنم يخاف لذلك أن لا تقضى حاجته بهذا السبب فهذا كله خوف حرام ، ومما ورد في هذا الباب ، وهو قليل أن يتفطن له قوله تعالى { ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله } فمعنى هذا التشبيه في هذه الكاف قل من يحققه ، وهو قد ورد في هذا الباب في سياق الذم والإنكار مع أن فتنة الناس مؤلمة ، وعذاب الله مؤلم ، ومن شبه مؤلما بمؤلم كيف ينكر عليه هذا التشبيه ومدرك الإنكار بين ، وهو أن الله - تعالى - وضع عذابه حاثا على طاعته وزاجرا عن معصيته فمن جعل أذية الناس حاثة على طاعتهم في ارتكاب معصية الله - تعالى - وزاجرة له عن طاعة الله تعالى فقد سوى بين عذاب الله وفتنة الناس في الحث والزجر وشبه الفتنة بعذاب الله - تعالى - من هذا الوجه ، والتشبيه من هذا الوجه حرام قطعا موجب للتحريم واستحقاق الذم الشرعي فأنكر على فاعله ذلك ، وهو من باب خوف غير الله المحرم ، وهو سر التشبيه ها هنا ، وقد يكون الخوف من غير الله - تعالى - ليس محرما كالخوف من الأسود والحيات والعقارب والظلمة ، وقد يجب الخوف من غير الله - تعالى - كما أمرنا بالفرار من أرض الوباء والخوف منها على أجسامنا من الأمراض والأسقام ، وفي الحديث { } فصون النفس والأجسام والمنافع والأعضاء والأموال والأعراض عن الأسباب المفسدة واجب ، وعلى هذه القواعد فقس يظهر لك ما يحرم من الخوف من غير الله - تعالى - وما لا يحرم وحيث تكون الخشية من الخلق محرمة وحيث لا تكون فاعلم ذلك فر من المجذوم فرارك من الأسد
[ ص: 238 ]