( الفرق السابع والثمانون والمائة بين قاعدة ما يجوز بيعه على الصفة وبين قاعدة ما لا يجوز بيعه على الصفة )
فقاعدة ما اجتمع فيه ثلاثة شروط أن لا يكون قريبا جدا تمكن رؤيته من غير مشقة فإنه عدول عن اليقين إلى توقع الغرر وأن لا يكون بعيدا جدا لتوقع تغيره قبل التسليم أو يتعذر تسليمه . الشرط الثالث أن يصفه بصفاته التي تتعلق الأغراض بها وهي شروط التسليم ليكون مقصود المالية حاصلا فإن لم يذكر الجنس بأن يقول ثوب أو عبد امتنع إجماعا وإن ذكر الجنس جوزه ما لا يجوز بيعه على الصفة إذا عينه بمكانه فقط ، فيقول بعتك ثوبا في مخزني أبو حنيفة بالبصرة أو بعتك ما في كمي وللمشتري الخيار عند الرؤية ، ومنع بيع ثوب من أربعة وأجازه من ثلاثة أثواب لاشتمالهما على الجيد والرديء والوسط ، والرابع [ ص: 248 ] إذا انضاف إليها غرر ضرورة ، وكذلك أجاز خيار ثلاثة أيام فقط منع الاقتصار على الجنس فقط مالك والشافعي رضي الله عنهم لبعد العقد عن اللزوم بسبب توقع مخالفة الغرض عند الرؤية وابن حنبل يقول لا ضرر عليه ؛ لأن له الخيار فإن أضاف للجنس صفات السلم جوزه وأبو حنيفة مالك ووافقاه على الجواز وألزما البيع إذ رآه موافقا ومنع وابن حنبل الصحة للغرر وأثبت له الخيار الشافعي عند الرؤية وإن وافق الصفة ومنع بيع الحيوان على الصفة لعدم انضباطه بالصفة وهي سبب نفاسته وخساسته فالصفة عنده في غير الحيوان توجب الصحة دون اللزوم ، وعند أبو حنيفة لا توجبهما ، وعندنا توجبهما حجة الشافعي رضي الله عنه أن الجهل إنما وقع في الصفات دون الذوات ، ونهيه عليه السلام عن بيع المجهول إنما هو فيما جهلت ذاته ؛ لأن الجهل [ ص: 249 ] بالذوات أقوى ؛ لأن الصفة تبع للذات ، ولقوله عليه السلام { أبي حنيفة } ؛ ولأنه عقد معاوضة فلا يشترط فيه الصفة كالنكاح وباطن الصبرة والفواكه في قشرها وقياسا على الأخذ بالشفعة فإنه لا يشترط معرفة أوصافه ، والجواب عن الأول أن تفاوت المالية إنما هو بتفاوت الصفات دون الذوات ومقصود الشرع حفظ المال عن الضياع ، وعن الثاني قال من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه هو موضوع ، وعن الثالث إنا نقلبه عليهم فنقول عقد معاوضة فلا يثبت فيه خيار الرؤية كالنكاح وكل من قال بانتفاء خيار الرؤية قال باشتراط الصفة فتشترط ، ثم الفرق سترة المخدرات عن الكشف لكل خاطب لئلا يتسلط عليهن السفهاء وباطن الصبرة مساو لظاهرها ، وليست صفات المبيع مساوية لجنسه والعلم بأحد المتساويين علم بالآخر الدارقطني
( وعن الرابع ) أن [ ص: 250 ] الأخذ بالشفعة دفع للضرر فلا يلحق به ما لا ضرر فيه حجة رضي الله عنه القياس على السلم في المعين وإن وصف ونهيه عليه السلام عن بيع المجهول الشافعي
( والجواب عن الأول ) الفرق بأن من شرط السلم أن يكون في الذمة والمعين لا يكون في الذمة بدليل لو رآه وأسلم فيه لم يصح
( وعن الثاني ) أن الصفة تنفي الجهالة لقوله تعالى { ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين } فأخبر تعالى أن رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم كان معروفا عندهم لأجل الإحاطة بصفته في كتبهم وقياسا على السلم فهذا هو الفرق فمتى فقد شرط من هذه الشروط فهو مما لا يجوز بيعه على الصفة ( تنبيه )
حيث اشترطنا الصفات في الغائب أو السلم فينزل كل وصف على أدنى رتبة وصدق مسماه لغة لعدم انضباط مراتب الأوصاف في الزيادة والنقص فيؤدي [ ص: 251 ] ذلك للخصام والقتال والجهالة بالمبيع .
[ ص: 248 - 251 ]