الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      شعبة ( ع )

                                                                                      ابن الحجاج بن الورد ، الإمام الحافظ ، أمير المؤمنين في الحديث [ ص: 203 ] أبو بسطام الأزدي العتكي ، مولاهم الواسطي ، عالم أهل البصرة وشيخها ، سكن البصرة من الصغر ، ورأى الحسن ، وأخذ عنه مسائل .

                                                                                      وحدث عن : أنس بن سيرين ، وإسماعيل بن رجاء ، وسلمة بن كهيل ، وجامع بن شداد ، وسعيد بن أبي سعيد المقبري ، وجبلة بن سحيم ، والحكم بن عتيبة ، وعمرو بن مرة ، وزبيد بن الحارث اليامي ، وقتادة بن دعامة ، ومعاوية بن قرة ، وأبي جمرة الضبعي ، وعمرو بن دينار ، ويحيى بن أبي كثير ، وعبيد بن الحسن ، وعدي بن ثابت ، وطلحة بن مصرف ، والمنهال بن عمرو ، وسعيد بن أبي بردة ، وسماك بن الوليد ، وأيوب السختياني ، ومنصور بن المعتمر ، وخلق كثير سواهم . ورأى ناجية بن كعب شيخ أبي إسحاق السبيعي .

                                                                                      وكان من أوعية العلم ، لا يتقدمه أحد في الحديث في زمانه ، وهو من نظراء الأوزاعي ومعمر والثوري في الكثرة . قال علي بن المديني : له نحو من ألفي حديث .

                                                                                      قلت : ما أظنه إلا يروي أكثر من ذلك بكثير .

                                                                                      قيل : ولد سنة ثمانين في دولة عبد الملك بن مروان . وقال أبو زيد الهروي : ولد سنة اثنتين وثمانين .

                                                                                      روى عنه عالم عظيم ، وانتشر حديثه في الآفاق . [ ص: 204 ] حدث عنه : أيوب السختياني ، وسعيد الجريري ، ومنصور بن المعتمر ، ومطر الوراق ، ومنصور بن زاذان - وهؤلاء هم أحد شيوخه - وابن إسحاق ، وأبان بن تغلب ، وسفيان الثوري ، وإبراهيم بن طهمان ، وإبراهيم بن سعد ، وأبو حمزة محمد بن ميمون السكري ، وزائدة بن قدامة ، وزهير بن معاوية ، وعلي بن حمزة الكسائي ، وعبد السلام بن حرب ، وإسماعيل بن علية ، وعبد الله بن المبارك ، وعباد بن عباد ، وعباد بن العوام ، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي ، وعبيد الله الأشجعي ، ومحمد بن جعفر غندر ، وعبدة بن سليمان .

                                                                                      وأبو إسحاق الفزاري ، وأبو معاوية الضرير ، ومحمد بن سواء ، ومحمد بن فضيل ، ومحمد بن يزيد الواسطي ، وأحمد بن بشير ، وبشر بن المفضل ، وخالد بن الحارث ، وخالد بن عبد الله الطحان ، وبشر بن السري ، وبشر بن منصور ، وبقية بن الوليد ، والحمادان ، وزافر بن سليمان ، وأبو خالد الأحمر ، وسفيان بن عيينة ، وشريك القاضي ، وعبد الله بن إدريس ، وعبد الله بن داود الخريبي ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأبو عبيدة عبد الواحد الحداد .

                                                                                      وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ، وعلي بن عاصم ، وعيسى بن يونس ، ومعتمر بن سليمان ، ومعاذ بن معاذ ، ومعاذ بن هشام ، وأبو عبيدة معمر بن المثنى ، ومعاوية بن هشام القصار ، ومصعب بن سلام ، ومصعب بن المقدام ، والمعافى بن عمران ، ومسكين بن بكير ، ومخلد بن يزيد ، وورقاء ، ووكيع ، وهشيم ، والنضر بن شميل ، وهارون الرشيد ، ويحيى بن أبي زائدة ، ويحيى بن سليم ، ويحيى بن حمزة القاضي ، ويزيد بن زريع ، ويزيد بن هارون ، ويونس بن بكير ، والقاضي أبو يوسف ، ويعقوب الحضرمي ، وأبو داود الطيالسي ، ومحمد بن أبي عدي ، وآدم بن أبي إياس .

                                                                                      وأمية بن خالد ، ومحمد بن عرعرة ، وأسود بن عامر ، وأسد بن موسى ، وعفان ، وأبو جابر محمد بن عبد الملك ، وأبو عامر عبد الملك العقدي ، [ ص: 205 ] ومحمد بن كثير العبدي ، وسليمان بن حرب ، والقعنبي ، وأبو الوليد الطيالسي ، وبكر بن بكار ، وبدل بن المحبر ، وبهز بن أسد ، والحسن بن موسى الأشيب ، وحفص بن عمر الحوضي ، وحجاج بن محمد ، وحجاج بن نصير ، وحجاج بن منهال ، والحكم بن عبد الله أبو النعمان ، وحرمي بن عمارة ، وحبان بن هلال ، وحسان بن حسان البصري ، وخلف بن الوليد ، ووهب بن جرير ، وروح بن عبادة ، والربيع بن يحيى الأشناني ، ومسلم بن إبراهيم ، وسعد بن الربيع أبو زيد الهروي ، وسعيد بن أوس أبو زيد اللغوي ، وشعيث بن محرز .

                                                                                      وشاذ بن فياض ، وأبو عاصم النبيل ، وعبد الله بن خيران ، وأبو عبد الرحمن المقرئ ، وعبد الله بن عثمان عبدان ، وعبد الله بن رجاء الغداني ، وعبد الله بن أبي بكر العتكي ، وعبيد الله بن موسى ، وعبد الملك الأصمعي ، وعبد السلام بن مطهر ، وعثمان بن عمر بن فارس ، وعلي بن قادم ، وعلي بن حفص المدائني ، وعمرو بن حكام ، وعمرو بن عاصم الكلابي ، وعمرو بن مرزوق ، وعاصم بن علي ، وعصام بن يوسف البلخي ، وأبو نعيم الملائي ، وقرة بن حبيب ، وموسى بن إسماعيل التبوذكي ، شيئا يسيرا ، وموسى بن مسعود النهدي ، ومظفر بن مدرك الحافظ ، ويحيى بن آدم ، ويحيى بن أبي بكير ، ويحيى بن كثير أبو غسان ، ويحيى بن عبد ربه ، وعلي بن الجعد ، وشيبان بن فروخ حكاية ، وأمم سواهم . ذكرت عامتهم في " تاريخ الإسلام " .

                                                                                      استفدت أسماءهم من خط الحافظ أبي عبد الله بن منده ، فإنه سود كتاب الرواة عن شعبة ، وخرج لكثير منهم . ومن جلالته قد روى مالك الإمام ، عن رجل ، عنه ، وهذا قل أن عمله مالك . [ ص: 206 ]

                                                                                      قال أبو حاتم البستي : حدثنا الهيثم بن خلف ، والحسين بن عبد الله القطان ، قالا : حدثنا إسحاق بن موسى ، حدثنا معن القزاز ، عن مالك ، عن ابن إدريس ، عن شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، قال : بعث عمر إلى ابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وأبي مسعود الأنصاري ، فقال : ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فحبسهم بالمدينة حتى استشهد .

                                                                                      وكان أبو بسطام إماما ثبتا حجة ، ناقدا ، جهبذا ، صالحا ، زاهدا ، قانعا بالقوت ، رأسا في العلم والعمل ، منقطع القرين ، وهو أول من جرح وعدل ، أخذ عنه هذا الشأن يحيى بن سعيد القطان ، وابن مهدي ، وطائفة . وكان سفيان الثوري يخضع له ويجله ، ويقول : شعبة أمير المؤمنين في الحديث .

                                                                                      وقال الشافعي : لولا شعبة لما عرف الحديث بالعراق .

                                                                                      قال أبو عبد الله الحاكم : شعبة إمام الأئمة بالبصرة في معرفة الحديث ، رأى أنس بن مالك ، وعمرو بن سلمة الجرمي ، وسمع من أربعمائة شيخ من التابعين ، قال : وحدث عنه من شيوخه : منصور ، والأعمش ، وأيوب ، وداود بن أبي هند ، وسعد بن إبراهيم - يعني قاضي المدينة .

                                                                                      قال حماد بن زيد : إذا خالفني شعبة في حديث ، صرت إليه .

                                                                                      وقال أبو داود الطيالسي : سمعت من شعبة سبعة آلاف حديث ، وسمع منه غندر سبعة آلاف .

                                                                                      قلت : يعني بالآثار والمقاطيع .

                                                                                      قال أبو قطن : كتب لي شعبة إلى أبي حنيفة يحدثني فأتيته ، فقال : كيف أبو بسطام ؟ قلت : بخير . قال : نعم حشو المصر هو . [ ص: 207 ]

                                                                                      أحمد بن زهير : حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الرحمن ، عن شعبة ، سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول : كلما نعق بهم ناعق اتبعوه .

                                                                                      قال : وحدثنا أحمد ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا شعبة : رأيت الحسن قام إلى الصلاة وقال : لا بد لهؤلاء الناس من وزعة .

                                                                                      قرأت على أحمد بن محمد الحافظ بمصر ، وأحمد بن عبد الرحمن العلوي بدمشق ، قالا : أنبأنا عبد الله بن عمر ، أنبأنا عبد الأول بن عيسى ، أنبأنا عبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي في سنة سبع وسبعين وأربع مائة ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري ، بهراة ، أنبأنا أبو القاسم البغوي سنة سبع عشرة وثلاث مائة ، حدثني أحمد بن زهير ، حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدثني صالح بن سليمان ، قال : كان شعبة مولى للأزد ، ومولده ومنشؤه بواسط ، وعلمه كوفي . كان له ابن يقال له سعد ، وكان له أخوان : بشار ، وحماد ، وكانا يعالجان الصرف . وكان شعبة يقول لأصحاب الحديث : ويلكم الزموا السوق ، فإنما أنا عيال على أخوي . قال : وما أكل شعبة من كسبه درهما قط .

                                                                                      وبه : قال البغوي : حدثني جدي أحمد بن منيع : سمعت أبا قطن يقول : ما رأيت شعبة ركع قط إلا ظننت أنه نسي ، ولا قعد بين السجدتين إلا ظننت أنه نسي . وحدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، سمعت أبا الوليد ، سمعت شعبة يقول : إذا كان عندي دقيق وقصب ما أبالي ما فاتني من الدنيا . [ ص: 208 ]

                                                                                      حدثني عباس بن محمد ، حدثني قراد أبو نوح قال : رأى علي شعبة قميصا ، فقال : بكم اشتريت هذا ؟ فقلت : بثمانية دراهم . فقال لي : ويحك أما تتقي الله ؟ ! ألا اشتريت قميصا بأربعة دراهم ، وتصدقت بأربعة كان خيرا لك ؟ قلت : يا أبا بسطام ، إنا مع قوم نتجمل لهم . قال : أيش نتجمل لهم ! ؟

                                                                                      حدثنا علي بن سهل النسائي ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن زيد ، قال : قال أيوب : الآن يقدم عليكم رجل من أهل واسط ، يقال له : شعبة ، هو فارس في الحديث ، فإذا قدم فخذوا عنه . قال حماد : فلما قدم أخذنا عنه .

                                                                                      حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي ، حدثنا وليد بن حماد : سمعت عبد الله بن إدريس ، قال : ما جعلت بينك وبين الرجال مثل سفيان وشعبة .

                                                                                      حدثنا ابن زنجويه ، حدثنا عبد الرزاق ، عن أبي أسامة ، قال : وافقنا من شعبة طيب نفس ، فقلنا له : حدثنا ، ولا تحدثنا إلا عن ثقة ، فقال : قوموا .

                                                                                      حدثنا عبد الله بن عمر القواريري : سمعت يحيى بن سعيد يقول : قال لي شعبة : كل من كتبت عنه حديثا ، فأنا له عبد .

                                                                                      حدثنا ابن زنجويه ، حدثنا يعقوب الحضرمي ، قال : قال سفيان : شعبة أمير المؤمنين في الحديث . وروى عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، نحوه .

                                                                                      حدثنا ابن شبويه ، حدثنا عبدان بن عثمان ، عن أبيه ، قال : قومنا حمار شعبة ، وسرجه ولجامه ، بضعة عشر درهما .

                                                                                      حدثنا أبو بكر الأعين ، حدثنا قراد : أنه سمع شعبة يقول : كل شيء ليس في الحديث " سمعت " فهو خل وبقل . [ ص: 209 ] حدثنا أبو بكر الأعين ، حدثنا محمد بن جعفر المدائني ، عن ورقاء :

                                                                                      قلت لشعبة : لم تركت حديث أبي الزبير ؟ قال : رأيته يزن ، فاسترجح في الميزان ، فتركته .

                                                                                      حدثنا علي بن سهل ، حدثنا عفان : سمعت شعبة يقول : لولا حوائج لنا إليكم ، ما جلست لكم . قال عفان : كان حوائجه : يسأل لجيرانه الفقراء .

                                                                                      وسمعت شعبة يقول : من ذهبنا إلى أبيه ، فأكرمنا ، فجاءنا ابنه ، أكرمناه ، ومن أتيناه ، فأهاننا ، أتانا ابنه ، أهناه . حدثنا عمر بن شبة ، حدثنا عفان قال : قال يحيى بن سعيد : ما رأيت أحدا قط أحسن حديثا من شعبة .

                                                                                      قال أبو بحر البكراوي : ما رأيت أحدا أعبد لله من شعبة ، لقد عبد الله حتى جف جلده على عظمه واسود .

                                                                                      قال حمزة بن زياد الطوسي : سمعت شعبة - وكان ألثغ ، قد يبس جلده من العبادة - يقول : لو حدثتكم عن ثقة ما حدثتكم عن ثلاثة .

                                                                                      وقال عمر بن هارون : كان شعبة يصوم الدهر كله . ذكر شيخنا أبو الحجاج في " تهذيبه " لشعبة ثلاث مائة شيخ ، سماهم .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية