الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      عباس : حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا عبد الرزاق : سمعت الثوري يقول : امسح عليهما ما تعلقتا بالقدم ، وإن تخرقا . قال : وكذلك كانت خفاف المهاجرين والأنصار مخرقة مشققة . مشايخ حدث عنهم الثوري ، وحدثوا هم عنه : محمد بن عجلان ، محمد بن إسحاق ، ابن أبي ذئب ، عبد الله بن المبارك ، أبو إسحاق الفزاري ، المعتمر بن سليمان ، سلمة الأبرش ، إبراهيم بن أدهم ، أبان بن تغلب ، حمزة الزيات ، جعفر الصادق ، حماد بن سلمة ، الحسن بن صالح بن حي ، خارجة بن مصعب ، خصيف بن عبد الرحمن ، سليمان الأعمش ، أبو الأحوص ، سلام بن سليم ، سفيان بن عيينة ، شعبة بن الحجاج ، شريك القاضي ، الأوزاعي ، أبو بكر بن عياش ، ابن جريج ، فضيل بن عياض ، أبو حنيفة ، وكيع بن الجراح . سمى هؤلاء الحاكم .

                                                                                      وروى سليمان بن بلال ، عن ابن عجلان ، عن الثوري .

                                                                                      وروي عن الثوري قال : أحب أن يكون صاحب العلم في كفاية ، فإن الآفات إليه أسرع ، والألسنة إليه أسرع .

                                                                                      قال زائدة : كان سفيان أفقه الناس .

                                                                                      وقال ابن المبارك : ما أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان . وعن ابن عيينة : ما رأى سفيان مثل نفسه . [ ص: 255 ]

                                                                                      قال إبراهيم بن محمد الشافعي : قلت لابن المبارك : رأيت مثل سفيان الثوري ؟ فقال : وهل رأى هو مثل نفسه ؟

                                                                                      وقال الخريبي : ما رأيت محدثا أفضل من الثوري .

                                                                                      وقال يحيى بن سعيد : ما كتبت عن سفيان ، عن الأعمش ، أحب إلي مما كتبت عن الأعمش .

                                                                                      وقال أبو أسامة : من حدثك أنه رأى بعينه مثل سفيان ، فلا تصدقه .

                                                                                      وقال شريك : نرى أن سفيان حجة لله على عباده . قال أبو الأحوص : سمعت سفيان يقول : وددت أني أنجو من هذا الأمر كفافا ، لا علي ولا لي .

                                                                                      وقال أبو أسامة : سمعت سفيان يقول : ليس طلب الحديث من عدة الموت ، لكنه علة يتشاغل به الرجل .

                                                                                      قلت : يقول هذا مع قوله للخريبي : ليس شيء أنفع للناس من الحديث ؟ !

                                                                                      وقال أبو داود : سمعت الثوري يقول : ما أخاف على شيء أن يدخلني النار إلا الحديث .

                                                                                      وعن سفيان قال : وددت أني قرأت القرآن ، ووقفت عنده لم أتجاوزه إلى غيره ، وعن سفيان قال : من يزدد علما يزدد وجعا ، ولو لم أعلم كان أيسر لحزني .

                                                                                      وعنه قال : وددت أن علمي نسخ من صدري ، ألست أريد أن أسأل غدا عن كل حديث رويته : أيش أردت به ؟ قال يحيى القطان : كان الثوري قد غلبت عليه [ ص: 256 ] شهوة الحديث ، ما أخاف عليه إلا من حبه للحديث

                                                                                      قلت : حب ذات الحديث ، والعمل به لله مطلوب من زاد المعاد ، وحب روايته وعواليه والتكثر بمعرفته وفهمه مذموم مخوف ، فهو الذي خاف منه سفيان ، والقطان ، وأهل المراقبة ، فإن كثيرا من ذلك وبال على المحدث .

                                                                                      وروى موسى بن عبد الرحمن بن مهدي : أنه سمع أباه يقول : رأيت الثوري في النوم ، فقلت : ما وجدت أفضل ؟ قال : الحديث .

                                                                                      وقال الفريابي : سمعته يقول : ما عمل أفضل من الحديث إذا صحت النية فيه .

                                                                                      وقال ضمرة : كان سفيان ربما حدث بعسقلان ، يبتدأهم ، يقول : انفجرت العيون ! يعجب من نفسه . مهنا بن يحيى : حدثنا عبد الرزاق : قال صاحب لنا لسفيان : حدثنا كما سمعت . فقال : لا والله لا سبيل إليه ، ما هو إلا المعاني .

                                                                                      وقال زيد بن الحباب : سمعت سفيان يقول : إن قلت : إني أحدثكم كما سمعت ، فلا تصدقوني .

                                                                                      أحمد بن سنان : حدثنا ابن مهدي ، قال : كنا نكون عند سفيان ، فكأنه قد أوقف للحساب ، فلا نجترئ أن نكلمه ، فنعرض بذكر الحديث ، فيذهب ذلك الخشوع فإنما هو حدثنا حدثنا .

                                                                                      قال عبد الرزاق : رأيت سفيان بصنعاء يملي على صبي ، ويستملي له . [ ص: 257 ] وعن سفيان قال : لو لم يأتني أصحاب الحديث لأتيتهم سيأتي بقية هذا الفصل .

                                                                                      الفريابي : عن سفيان قال : دخلت على المهدي ، فقلت : بلغني أن عمر - رضي الله عنه - أنفق في حجته اثني عشر دينارا ، وأنت فيما أنت فيه . فغضب ، وقال : تريد أن أكون مثل هذا الذي أنت فيه . قلت : إن لم يكن مثل ما أنا فيه ، ففي دون ما أنت فيه . فقال وزيره : جاءتنا كتبك ، فأنفذتها . فقلت : ما كتبت إليك شيئا قط . الخريبي : عن سفيان ، قال : ما أنفقت درهما في بناء .

                                                                                      وقال يحيى بن يمان : عن سفيان : لو أن البهائم تعقل من الموت ما تعقلون ، ما أكلتم منها سمينا . ثم قال ابن يمان : ما رأيت مثل سفيان ! أقبلت الدنيا عليه ، فصرف وجهه عنها .

                                                                                      قال أبو أحمد الزبيري : كنت في مسجد الخيف مع سفيان ، والمنادي ينادي : من جاء بسفيان ، فله عشرة آلاف . وقيل : إنه لأجل الطلب هرب إلى اليمن ، فسرق شيء ، فاتهموا سفيان . قال : فأتوا بي معن بن زائدة وكان قد كتب إليه في طلبي ، فقيل له : هذا قد سرق منا . فقال : لم سرقت متاعهم ؟ قلت : ما سرقت شيئا . فقال لهم : تنحوا لأسائله . ثم أقبل علي ، فقال : ما اسمك ؟ قلت : عبد الله بن عبد الرحمن . فقال : نشدتك الله لما انتسبت . [ ص: 258 ]

                                                                                      قلت : أنا سفيان بن سعيد بن مسروق . قال : الثوري ؟ قلت : الثوري . قال : أنت بغية أمير المؤمنين قلت : أجل ، فأطرق ساعة ، ثم قال : ما شئت فأقم ، ومتى شئت فارحل ، فوالله لو كنت تحت قدمي ما رفعتها .

                                                                                      قرأتها على إسحاق بن طارق ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا أحمد بن محمد ، أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا أبو الشيخ ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيبة ، سمعت صالح بن معاذ البصري ، سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، سمعت سفيان ، فذكرها . وكيع : عن سفيان ، قال : ما عالجت شيئا أشد علي من نفسي ، مرة علي ، ومرة لي . الخريبي : عن سفيان : سنستدرجهم الأعراف : 182 ، والقلم : 44 ، قال : نسبغ عليهم النعم ، ونمنعهم الشكر . أبو إسحاق الفزاري ، عن سفيان ، قال : البكاء عشرة أجزاء : جزء لله ، وتسعة لغير الله ، فإذا جاء الذي لله في العام مرة ، فهو كثير .

                                                                                      قال خلف بن تميم : سمعت سفيان يقول : من أحب أفخاذ النساء ، لم يفلح .

                                                                                      وقال عبد الرحمن رسته : سمعت ابن مهدي يقول : بات سفيان عندي ، فجعل يبكي ، فقيل له ، فقال : لذنوبي عندي أهون من ذا - ورفع شيئا من الأرض - إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت

                                                                                      . وعن سفيان : السلامة في أن لا تحب أن تعرف . وروى رسته ، عن ابن مهدي قال : قدم سفيان البصرة ، والسلطان [ ص: 259 ] يطلبه ، فصار إلى بستان ، فأجر نفسه لحفظ ثماره فمر به بعض العشارين فقال : من أنت يا شيخ ؟ قال : من أهل الكوفة . قال : أرطب البصرة أحلى أم رطب الكوفة ؟ قال : لم أذق رطب البصرة . قال : ما أكذبك ! البر والفاجر والكلاب يأكلون الرطب الساعة . ورجع إلى العامل ، فأخبره ليعجبه ، فقال : ثكلتك أمك ! أدركه ، فإن كنت صادقا ، فإنه سفيان الثوري ، فخذه لنتقرب به إلى أمير المؤمنين ، فرجع في طلبه ، فما قدر عليه .

                                                                                      قال شجاع بن الوليد : كنت أحج مع سفيان ، فما يكاد لسانه يفتر من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ذاهبا وراجعا . وعن سفيان : أنه ذهب إلى خراسان في حق له ، فأجر نفسه من جمالين .

                                                                                      وقال إبراهيم بن أعين : كنت مع سفيان والأوزاعي ، فدخل علينا عبد الصمد بن علي - وهو أمير مكة - وسفيان يتوضأ ، وأنا أصب عليه ، كأنه بطأه ، وهو يقول : لا تنظروا إلي ، أنا مبتلى . فجاء عبد الصمد ، فسلم ، فقال له سفيان : من أنت ؟ فقال : أنا عبد الصمد . فقال : كيف أنت ؟ اتق الله ، اتق الله ، وإذا كبرت ، فأسمع .

                                                                                      قال يحيى بن يمان : سمعت سفيان يقول : إني لأرى المنكر ، فلا أتكلم ، فأبول أكدم دما .

                                                                                      قلت : مع جلالة سفيان ، كان يبيح النبيذ الذي كثيره مسكر . [ ص: 260 ] أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة ، عن اللبان ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، حدثنا الأبار ، حدثنا عبد الملك الميموني : سمعت يعلى بن عبيد يقول : قال سفيان : إنى لآتي الدعوة ، وما أشتهي النبيذ ، فأشربه لكي يراني الناس .

                                                                                      المحاربي : سمعت الثوري يقول للغلام إذا رآه في الصف الأول : احتلمت ؟ فإن قال : لا . قال : تأخر .

                                                                                      يوسف بن أسباط : سمعت الثوري يقول : ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول : لا إله إلا الله .

                                                                                      عن سفيان : وسئل : ما الزهد ؟ قال : سقوط المنزلة . وعنه : قال : إني لألقى الرجل أبغضه ، فيقول : كيف أصبحت ؟ فيلين له قلبي . فكيف بمن آكل طعامهم ؟ .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية