الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      المغيرة بن شعبة ( ع )

                                                                                      ابن أبي عامر بن مسعود بن معتب . الأمير أبو عيسى ، ويقال : أبو عبد الله ، وقيل : أبو محمد . من كبار الصحابة أولي الشجاعة والمكيدة شهد بيعة الرضوان . كان رجلا طوالا مهيبا ، ذهبت عينه يوم اليرموك ، وقيل : يوم القادسية .

                                                                                      روى مغيرة بن الريان ، عن الزهري ، قالت عائشة : كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام المغيرة بن شعبة ينظر إليها ، فذهبت عينه .

                                                                                      [ ص: 22 ] قال ابن سعد كان المغيرة أصهب الشعر جدا ، يفرق رأسه فروقا أربعة ، أقلص الشفتين . مهتوما ، ضخم الهامة ، عبل الذراعين ، بعيد ما بين المنكبين . وكان داهية ، يقال له : مغيرة الرأي . وعن الشعبي : أن المغيرة سار من دمشق إلى الكوفة خمسا . حدث عنه بنوه : عروة ، وحمزة ، وعقار ، والمسور بن مخرمة ، وأبو أمامة الباهلي ، وقيس بن أبي حازم ، ومسروق ، وأبو وائل ، وعروة بن الزبير ، والشعبي ، وأبو إدريس الخولاني ، وعلى بن ربيعة الوالبي ، وطائفة خاتمتهم زياد بن علاقة .

                                                                                      الوليد بن مسلم : أخبرنا أبو النضر ، حدثنا يونس بن ميسرة ، سمع أبا إدريس قال : قدم المغيرة بن شعبة دمشق ، فسألته ، فقال : وضأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، فمسح على خفيه .

                                                                                      معمر ، عن الزهري قال : كان دهاة الناس في الفتنة خمسة ، فمن قريش : عمرو ، ومعاوية . ومن الأنصار : قيس بن سعد . ومن ثقيف : [ ص: 23 ] المغيرة . ومن المهاجرين : عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي . فكان مع علي قيس وابن بديل ، واعتزل المغيرة بن شعبة . زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن المغيرة قال : كناني النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي عيسى .

                                                                                      وروى حبيب بن الشهيد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ; أن عمر قال لابنه عبد الرحمن : ما أبو عيسى ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! اكتنى بها المغيرة بن شعبة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم . حماد بن سلمة ، عن زيد بن أسلم ; أن عمر غير كنية المغيرة بن شعبة ، وكناه أبا عبد الله وقال : هل لعيسى من أب ؟ وعن أبي موسى الثقفي قال : كان المغيرة رجلا طوالا ، أعور ، أصيبت عينه يوم اليرموك . [ ص: 24 ] وعن غيره : ذهبت عينه يوم القادسية ، وقيل : بالطائف ، ومر أنها ذهبت من كسوف الشمس .

                                                                                      وروى الواقدي ; عن محمد بن يعقوب بن عتبة ، عن أبيه ، وعن جماعة قالوا : قال المغيرة بن شعبة : كنا متمسكين بديننا ونحن سدنة اللات ، فأراني لو رأيت قومنا قد أسلموا ما تبعتهم . فأجمع نفر من بني مالك الوفود على المقوقس وإهداء هدايا له ، فأجمعت الخروج معهم ، فاستشرت عمي عروة بن مسعود ، فنهاني ، وقال : ليس معك من بني أبيك أحد ، فأبيت ، وسرت معهم ، وما معهم من الأحلاف غيري ; حتى دخلنا الإسكندرية ، فإذا المقوقس في مجلس مطل على البحر ، فركبت زورقا حتى حاذيت مجلسه ، فأنكرني ، وأمر من يسألني ، فأخبرته بأمرنا وقدومنا ، فأمر أن ننزل في الكنيسة ، وأجرى علينا ضيافة ، ثم أدخلنا عليه ، فنظر إلى رأس بني مالك ، فأدناه ، وأجلسه معه ، ثم سأله ، أكلكم من بني مالك ؟

                                                                                      قال : نعم ، سوى رجل واحد ، فعرفه بي . فكنت أهون القوم عليه ، وسر بهداياهم ، وأعطاهم الجوائز ، وأعطاني شيئا لا ذكر له . وخرجنا ، فأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم ، ولم يعرض علي أحد منهم مواساة ، وخرجوا ، وحملوا معهم الخمر ، فكنا نشرب ، فأجمعت على قتلهم ، فتمارضت ، وعصبت رأسي ، فوضعوا شرابهم ، فقلت : رأسي يصدع ولكني أسقيكم ، فلم ينكروا ، فجعلت أصرف لهم وأترع لهم الكأس ، فيشربون ولا يدرون ، حتى ناموا سكرا ، فوثبت ، وقتلتهم جميعا ، وأخذت ما معهم . فقدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجده جالسا في المسجد مع أصحابه ، وعلي ثياب سفري ، فسلمت ، فعرفني أبو بكر ; [ ص: 25 ] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الحمد لله الذي هداك للإسلام ، قال أبو بكر : أمن مصر أقبلتم ؟ قلت : نعم ، قال : ما فعل المالكيون ؟ قلت : قتلتهم ، وأخذت أسلابهم ، وجئت بها إلى رسول الله ليخمسها . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أما إسلامك فنقبله ، ولا آخذ من أموالهم شيئا ، لأن هذا غدر ، ولا خير في الغدر . فأخذني ما قرب وما بعد ، وقلت : إنما قتلتهم وأنا على دين قومي ، ثم أسلمت الساعة ، قال : فإن الإسلام يجب ما كان قبله
                                                                                      .

                                                                                      وكان قتل منهم ثلاثة عشر فبلغ ثقيفا بالطائف ، فتداعوا للقتال ، ثم اصطلحوا على أن يحمل عني عروة بن مسعود ثلاث عشرة دية . وأقمت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى اعتمر عمرة الحديبية ، فكانت أول سفرة خرجت معه فيها . وكنت أكون مع الصديق وألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن يلزمه .

                                                                                      قال : وبعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكلمه ، فأتاه ، فكلمه ، وجعل يمس لحيته ، وأنا قائم على رأس رسول الله مقنع في الحديد ، فقال المغيرة لعروة : كف يدك قبل أن لا تصل إليك ، فقال : من ذا يا محمد ؟ ما أفظه وأغلظه ، قال : ابن أخيك ، فقال : يا غدر ، والله ما غسلت عني سوءتك إلا بالأمس .

                                                                                      [ ص: 26 ] ابن إسحاق ، عن عامر بن وهب ، قال : خرج المغيرة في ستة من بني مالك إلى مصر تجارا ، حتى إذا كانوا ببزاق عدا عليهم ، فذبحهم ، واستاق العير ، وأسلم .

                                                                                      هشيم : حدثنا مجالد عن الشعبي عن المغيرة ، قال : أنا آخر الناس عهدا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دفن خرج علي بن أبي طالب من القبر ، فألقيت خاتمي ، فقلت : يا أبا الحسن ، خاتمي ! قال : انزل فخذه ، قال : فمسحت يدي على الكفن ، ثم خرجت .

                                                                                      ورواه محاضر عن عاصم الأحول ، عن الشعبي . قال الواقدي : حدثنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جده : قال علي لما ألقى المغيرة خاتمه : لا يتحدث الناس أنك نزلت في قبر نبي الله ، ولا يتحدثون أن خاتمك في قبره ، ونزل علي ، فناوله إياه . حسين بن حفص ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ; أن عمر استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين ، فكرهوه ، فعزله عمر ، فخافوا أن يرده . فقال دهقانهم إن فعلتم ما آمركم لم يرده علينا . قالوا : مرنا . قال : تجمعون مائة ألف حتى أذهب بها إلى عمر ، فأقول : إن المغيرة اختان هذا ، فدفعه إلي . قال : فجمعوا له مائة ألف ، وأتى عمر ، فقال ذلك . فدعا المغيرة ، فسأله ، قال : كذب أصلحك الله ، إنما كانت مائتي ألف ، قال : فما حملك على هذا ؟ قال : العيال والحاجة . فقالعمر [ ص: 27 ] للعلج : ما تقول ؟ قال : لا والله لأصدقنك ما دفع إلي قليلا ولا كثيرا . فقال عمر للمغيرة : ما أردت إلى هذا ؟ قال : الخبيث كذب علي ، فأحببت أن أخزيه .

                                                                                      سلمة بن بلال ، عن أبي رجاء العطاردي قال : كان فتح الأبلة على يد عتبة بن غزوان ، فلما خرج إلى عمر ، قال للمغيرة بن شعبة : صل بالناس . فلما هلك عتبة ، كتب عمر إلى المغيرة بإمرة البصرة ، فبقي عليها ثلاث سنين .

                                                                                      عبد الوهاب بن عطاء : أخبرنا سعيد ، عن قتادة ; أن أبا بكرة ، ونافع بن الحارث وشبل بن معبد ، شهدوا على المغيرة أنهم رأوه يولجه ويخرجه ، وكان زياد رابعهم ، وهو الذي أفسد عليهم . فأما الثلاثة فشهدوا ، فقال أبو بكرة : والله لكأني بأير جدري في فخذها . فقال عمر حين رأى زيادا : إني لأرى غلاما لسنا ، لا يقول إلا حقا ، ولم يكن ليكتمني ، فقال : لم أر ما قالوا ، لكني رأيت ريبة ، وسمعت نفسا عاليا . فجلدهم عمر ، وخلاه . وهو زياد بن أبيه . ذكر القصة سيف بن عمر ، وأبو حذيفة النجاري مطولة بلا سند .

                                                                                      [ ص: 28 ] وقال أبو عتاب الدلال : حدثنا أبو كعب صاحب الحرير ، عن عبد العزيز بن أبي بكرة قال : كنا جلوسا وأبو بكرة وأخوه نافع ، وشبل ، فجاء المغيرة ، فسلم على أبي بكرة ، فقال : أيها الأمير ! ما أخرجك من دار الإمارة ؟ قال : أتحدث إليكم . قال : بل تبعث إلى من تشاء . ثم دخل ، فأتى باب أم جميل العشية ، فدخل . فقال أبو بكرة : ليس على هذا صبر . وقال لغلام : ارتق غرفتي ، فانظر من الكوة . فانطلق ، فنظر وجاء ، فقال : وجدتهما في لحاف ، فقال للقوم : قوموا معي ، فقاموا ، فنظر أبو بكرة فاسترجع ، ثم قال لأخيه : انظر ; فنظر ، فقال : رأيت الزنا محضا ؟ قال : وكتب إلى عمر بما رأى ، فأتاه أمر فظيع . فبعث على البصرة أبا موسى ، وأتوا عمر ، فشهدوا حتى قدموا زيادا ، فقال : رأيتهما في لحاف واحد ، وسمعت نفسا عاليا ولا أدري ما وراءه . فكبر عمر ، وضرب القوم إلا زيادا . شعبة ، عن مغيرة ، عن سماك بن سلمة قال : أول من سلم عليه بالإمرة المغيرة بن شعبة . يعني قول المؤذن عند خروج الإمام إلى الصلاة : السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته .

                                                                                      عن ابن سيرين ، كان الرجل يقول للآخر : غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة ، عزله عن البصرة ، فولاه الكوفة . قال الليث : وقعة أذربيجان كانت سنة اثنتين وعشرين ، وأميرها المغيرة بن شعبة . وقيل : افتتح المغيرة همذان عنوة .

                                                                                      [ ص: 29 ] قال الليث : وحج بالناس المغيرة سنة أربعين . جرير بن عبد الحميد : عن مغيرة ; أن المغيرة بن شعبة قال لعلي حين قتل عثمان : اقعد في بيتك ولا تدع إلى نفسك ، فإنك لو كنت في جحر بمكة لم يبايعوا غيرك . وقال لعلي : إن لم تطعني في هذه الرابعة ، لأعتزلنك ، ابعث إلى معاوية عهده ، ثم اخلعه بعد . فلم يفعل ، فاعتزله المغيرة باليمن . فلما شغل علي ومعاوية ، فلم يبعثوا إلى الموسم أحدا ; جاء المغيرة ، فصلى بالناس ، ودعا لمعاوية .

                                                                                      سعيد بن داود الزنبري : حدثنا مالك ، عن عمه أبي سهيل ، عن أبيه ; قال : لقي عمار المغيرة في سكك المدينة ، وهو متوشح سيفا ، فناداه يا مغيرة ! فقال : ما تشاء ؟ قال : هل لك في الله ؟ قال : وددت والله أني علمت ذلك ، إني والله ما رأيت عثمان مصيبا ، ولا رأيت قبله صوابا ، فهل لك يا أبا اليقظان أن تدخل بيتك ، وتضع سيفك حتى تنجلي هذه الظلمة ، ويطلع قمرها فنمشي مبصرين ؟ قال : أعوذ بالله أن أعمى بعد إذ كنت بصيرا . قال : يا أبا اليقظان ، إذا رأيت السيل ، فاجتنب جريته .

                                                                                      حجاج بن أبي منيع : حدثنا جدي ، عن الزهري ; قال : دعا معاوية عمرو بن العاص بالكوفة ، فقال : أعني على الكوفة ، قال : كيف بمصر ؟ قال : أستعمل عليها ابنك عبد الله بن عمرو ، قال : فنعم . فبينا هم على ذلك جاء المغيرة بن شعبة - وكان معتزلا بالطائف - فناجاه معاوية . فقال المغيرة : تؤمر عمرا على الكوفة ، وابنه على مصر ، وتكون كالقاعد بين لحيي الأسد . قال : ما ترى ؟ قال : أنا أكفيك الكوفة . قال : فافعل . فقال [ ص: 30 ] معاوية لعمرو حين أصبح : إني قد رأيت كذا ، ففهم عمرو ، فقال : ألا أدلك على أمير الكوفة ؟ قال : بلى ، قال : المغيرة ، واستغن برأيه وقوته عن المكيدة ، واعزله عن المال ، قد كان قبلك عمر وعثمان ففعلا ذلك ، قال : نعم ما رأيت . فدخل عليه المغيرة ، فقال : إني كنت أمرتك على الجند والأرض ، ثم ذكرت سنة عمر وعثمان قبلي ، قال : قد قبلت . قال الليث : كان المغيرة قد اعتزل ، فلما صار الأمر إلى معاوية كاتبه المغيرة .

                                                                                      طلق بن غنام : حدثنا شريك ، عن عبد الملك بن عمير قال : كتب المغيرة إلى معاوية ، فذكر فناء عمره ، وفناء أهل بيته ، وجفوة قريش له . فورد الكتاب على معاوية وزياد عنده ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ولني إجابته ، فألقى إليه الكتاب ، فكتب : أما ما ذكرت من ذهاب عمرك ; فإنه لم يأكله غيرك . وأما فناء أهل بيتك ، فلو أن أمير المؤمنين قدر أن يقي أحدا لوقى أهله ، وأما جفوة قريش ; فأنى يكون ذاك وهم أمروك . قال ابن شوذب : أحصن المغيرة أربعا من بنات أبي سفيان ، وكان آخر من تزوج منهن بها عرج . ابن عيينة ، عن مجالد ، عن الشعبي : سمعت قبيصة بن جابر يقول : صحبت المغيرة بن شعبة ، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب ، لا يخرج من باب منها إلا بمكر ، لخرج من أبوابها كلها .

                                                                                      [ ص: 31 ] يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ; قيل للمغيرة : إنك تحابي ، قال : إن المعرفة تنفع عند الجمل الصؤول ، والكلب العقور ، فكيف بالمسلم . عاصم الأحول ، عن بكر بن عبد الله ، عن المغيرة بن شعبة قال : لقد تزوجت سبعين امرأة أو أكثر .

                                                                                      أبو إسحاق الطالقاني : حدثنا ابن المبارك قال : كان تحت المغيرة بن شعبة أربع نسوة . قال : فصفهن بين يديه وقال : أنتن حسنات الأخلاق ، طويلات الأعناق ، ولكني رجل مطلاق ، فأنتن الطلاق .

                                                                                      ابن وهب : حدثنا مالك قال : كان المغيرة نكاحا للنساء ، ويقول : صاحب الواحدة إن مرضت مرض ، وإن حاضت حاض ، وصاحب المرأتين بين نارين تشعلان ، وكان ينكح أربعا جميعا ويطلقهن جميعا . شعبة ، عن زياد بن علاقة ، سمعت جريرا يقول حين مات المغيرة بن شعبة : أوصيكم بتقوى الله ، وأن تسمعوا وتطيعوا حتى يأتيكم أمير ، استغفروا للمغيرة غفر الله له ، فإنه كان يحب العافية . وفي لفظ أبي عوانة عن زياد : فإنه كان يحب العفو . أبو بكر بن عياش ، عن حصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم قال : كان المغيرة ينال في خطبته من علي ، وأقام خطباء ينالون منه ، [ ص: 32 ] وذكر الحديث في العشرة المشهود لهم بالجنة ، لسعيد بن زيد . حجاج الصواف : حدثني إياس بن معاوية ، عن أبيه قال : لما كان يوم القادسية ، ذهب المغيرة بن شعبة في عشرة إلى صاحب فارس ، فقال : إنا قوم مجوس ، وإنا نكره قتلكم لأنكم تنجسون علينا أرضنا . فقال : إنا كنا نعبد الحجارة حتى بعث الله إلينا رسولا ، فاتبعناه ، ولم نجئ لطعام ، بل أمرنا بقتال عدونا ، فجئنا لنقتل مقاتلتكم ، ونسبي ذراريكم . وأما ما ذكرت من الطعام فما نجد ما نشبع منه ; فجئنا فوجدنا في أرضكم طعاما كثيرا وماء ، فلا نبرح حتى يكون لنا ولكم . فقال العلج : صدق . قال : وأنت تفقأ عينك غدا ، ففقئت عينه بسهم . قال عبد الملك بن عمير : رأيت زيادا واقفا على قبر المغيرة يقول :

                                                                                      إن تحت الأحجار حزما وعزما وخصيما ألد ذا معلاق     حية في الوجار أربد لا ين
                                                                                      فع منه السليم نفثة راق



                                                                                      وقال الجماعة : مات أمير الكوفة المغيرة في سنة خمسين في شعبان وله سبعون سنة . وله في " الصحيحين " اثنا عشر حديثا ، وانفرد له البخاري بحديث ، ومسلم بحديثين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية