مسائل في منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه

10-11-2008 | إسلام ويب

السؤال:
أنا طالبة من مصر بكلية الطب 19سنة تقدم إلي مهندس ميسور الحال ويعمل بإعطاء دروس خصوصية وسمعتة طيبة وبسبب انشغاله بالتدريس تأخر في إنهاء دراسته وتقدم لخطبتي وهو فى البكالوريوس ولديه مادتين باقي على موعد امتحانه 3 شهور وأعلمني بذلك فطلبت منه ألا يخبر والدي حتى تنتهي الامتحانات كما أني في سنة أولى وبعدما يأخذ الشهادة سنعرفه ورفض خطيبي وقال أتقدم بعد الشهادة فتوسلت إليه أن يسرع فى التقدم لخطبتي والموضوع سيوافق عليه فوافق تحت ضغطي -وتمت الخطبة وبعد أسبوعين علم والدي وغضب فأبلغت خطيبي فعاتبني عتابا مريراً وتوسلت إليه ألا يتخلى عني وبالفعل جاء واعتذر لأبي وأخبره بالحقيقة وبعلمي للأمر وطالت جلسة العتاب حتى هدأ أبي وأحضر خطيبي معه للبيت وعاتبه أمامي وسبني أمامه ثم تصافيا واصطلحا وبعد عدة أيام قرر أبي فسخ الخطبة وتوسلت إلى خطيبي ألا يتخلى عني وتحايلنا أنا وخطيبى وأهله عليه أنه يراجع نفسه وقبلت حذاءه ألا ينهي الأمر بلا جدوى فأخفيت ذهب الخطوبة حتى يراجع نفسه فضربني بقسوة ورجع الذهب- وامتنعت عن الأكل والدراسة حتى كنت أذهب فى إغماءة طويلة وبعد 3 أسابيع قال اتصلى عليه وخليه يرجع الذهب ولا يدخل البيت إلى أن ينهي الكلية- ففرحت واتصلت على خطيبي وجاء إليه بنفسه وأعطاه الذهب وقال لبابا اجعل بنتك تروح الكلية وتنهي امتحاناتها وبعد أن تنهي الامتحانات سأفعل ما يرضيك لو نفسك هديت نكمل الزواج ولو مازلت غضبان اعتبر الذهب هدية لبنتك وعامله أبي بمنتهى الكبر وقال له اترك الذهب ولا تأتي البيت ولا تكلمها وصبر خطيبي على هذه المذلة لأجلي وكلما اتصلت عليه يرفض أن يكلمني حتى يوفي بوعده أمام الله وبعد فترة تعبت جداً وكشفت فوجدت أنني مصابة بالقلب وطلبت من أبي أن يخبر خطيبي فشتمني فاتصلت عليه وأعلمته فقال إنه يستحيل يتخلى عني وأنهيت امتحاناتي وكذلك خطيبي وطلبت من والدي أن يرجع الخطوبة قال اسمعي يا بنتي أنا كنت أخدعكم أنت خلصت امتحاناتك تريدين أن تنتحري براحتك تسيبي البيت براحتك ترمي نفسك تحت القطار براحتك وجهزي الذهب حتى أرجعه وأنهي هذه المهزلة ، فبكيت بجنون وقبلت قدميه وتوسلت إليه فنهرني فأخذت الذهب وخرجت من البيت لا أدري إلى أين وذهبت لإحدى صديقاتي فى بلد مجاورة وخبأت الذهب عندها وما زال عندها حتى تلك اللحظة- كنا ليلاً وكنت لا أريد أرجع البيت حتى أمي وقفت ضدي لما قال لها سأطلقك- وخفت أرجع البيت يتعبوني ورجعت بعد الفجر وبابا قال لي سأعمل لك ما تريدين لما أختك تخلص امتحانات الثانوية وتأسفت لهم وقبلت أرجلهم وعرفتهم أني مشيت رغما عني، وأخبرت خطيبي بما حدث فلامني جداً على ما فعلت وبعد أسبوع دخل علي أبي وأعمامي ومعهم سلوك كهرباء وقالوا لي أين الذهب بدل ما نقتلك فلم أخبرهم بشيء وضربوني حتى نزفت بلا أي رحمة حتى أغمي علي من شدة الضرب وحبسوني وكان بابا كل شويه يدخل يشتمني ويضربني برجله ويقول لي إما أن تحضري الذهب أو أقتلك وبعد 3 أيام تمكنت من الهروب من البيت واتصلت على خطيبي ولما رأى منظري بكى لما حدث لي ولما علموا بهروبي ذهبوا لبيت خطيبي وفضحوهم واشتكوهم فى المركز- وطلبت من خطيبي العودة حتى لا يحدث له مشاكل وأصر على إرجاعي فأقنعته بأنهم لو شافوني سيقتلوني- وذهبت لأحد أصدقائي فرق لهم حالي ومكثت أسبوعا حتى توسط الناس لحل المشكلة وتقابل بابا وخطيبي وبابا قال له "هشربها لك" تريدها جهزها لن أصرف عليها ولا مليم وستخرج من بيتي بملابسها، فرفض خطيبي وقال يستحيل أتزوجها بالطريقة هذه لم تصل بنا العلاقة إلى هذا الحد ولا أهلي سيوافقون على المهزلة هذه، ومن يومها وتعقدت الأمور وبابا بعث لهم فلوسا بدل الذهب وبدأت المشاكل تكبر عند أهل خطيبي، ولكن لما وجدوه متمسكا بي لم يقفوا في طريقه، والدي منعني من الذهاب للجامعة وقال إما أسحب ملفك أو تنهي الموضوع وتعرفي الناس، حاولت استرضاءه بلا جدوى فقلت لن أتعلم لكن لا استطيع تركه طردني من البيت وذهب بي عند أخوالي يتعبونني هناك وبعد شهرين من الدراسة خالي ذهب بي إلى الجامعة -مرضت وكان الذي يصرف علي تقريبا هو خطيبى لأن عائلتي كانوا ينفذون تعليمات بابا واحتجت عملية بواسير فرفض وكنت أنزف يوميا ساومني تتركين خطيبك وأنا أعمل لك العملية فبدأت أكره والدي وقلت لو سأموت لن أتركه وعمل العملية بعد عذاب شهرين ومن يومها للآن وأنا فى البيت مع أهلي يعاملونني أسوأ معاملة يصرفون على تعليمي مع إظهار التضرر- كلمت والدي ماذا سنعمل؟ خطيبى خلص كليته من سنة- رد علي لو أصبح دكتورا فى الجامعة لن أوافق على زواجكما تريدين أن تمشى معه فى الحرام امشي - لا يوجد أي أفق للحل– نحن مخطوبان من سنة و7 شهور أنا سأعرض على والدي بكل أدب وتوسل أنه يجهزني وأخرج من بيته بشرف لأني ماعملت عملة بعدها سنتزوج من غير أهلى ويوجد رأي للإمام أبي حنيفة لأن أبي ظالم ويمنع الحلال وأجد أن خطيبي كفء ولي مهر وللأسف لا يوجد محاكم شرعية عندنا- فأرجو الرد؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يفرج كربك، وأن يذهب همك، وأن يحقق لك فيما يرضيه آمالك، ولا شك أن أباك هذا -هداه الله- قد وقع في الظلم والبغي والعدوان وتضييع الأمانة التي استأمنه الله عليها، بما فعله معك من سب وضرب موجع وحبس وحرمان من العلاج والدواء، وإخراج لك من البيت وترك النفقة عليك كل هذا ظلم بين، وسيئات وأوزار يسود بها صحائفه، ويسخط بها مولاه.. وإن من الظلم لك ما فعله من العضل وهو منعك من الزواج بهذا الشاب إذا كان صاحب دين وخلق، وقد تقرر في شرع الله أن العضل من الولي مسقط لعدالته وولايته، وموجب لفسقه وجرحه، قال الموفق ابن قدامة في المغني: ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. إلى أن قال: فإن رغبت في كفء بعينه وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً لها، فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها بهذا، لأنه لو زوجت من غير كفئها كان له فسخ النكاح، فلأن تمنع منه ابتداء أولى. انتهى.

وقال خليل بن إسحاق المالكي: وعليه الإجابة لكفء، وكفؤها أولى، فيأمره الحاكم ثم زَوَّج. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة، الأولى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا -كما هو الغالب- فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي. انتهى..

ولكن مع هذا فلا يجوز لك أن تزوجي نفسك بدون ولي حتى وإن كان هذا مذهب الأحناف لأنه رأي مرجوح مخالف لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. أخرجه ابن حبان في صحيحه.

ولكن نقول: إن كانت نفسك قد تعلقت بهذا الرجل وخفت إن أنت تركت الزواج منه أن تصيبك فتنة في دينك أو أذى في دنياك، فإنه يجوز لك في هذه الحالة أن ترفعي أمرك للقضاء، حتى وإن لم توجد في بلدك محاكم شرعية، ووجدت القوانين الوضعية خصوصاً وأن هذه القوانين في كثير من بلاد المسلمين تحافظ على الحكم بأحكام الشريعة فيما يخص جانب الأحوال الشخصية، وقد نص بعض أهل العلم على أنه يجوز التحاكم للقوانين الوضعية عند الضرورة، ومثلها الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز للمسلم التحاكم إلى المحاكم الوضعية إلا عند الضرورة إذا لم توجد محاكم شرعية، وإذا قضي له بغير حق له فلا يحل له أخذه. انتهى.

وسئُل الشيخ عبد الرزاق عفيفي عن حكم التحاكم إلى المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية؟ فقال رحمه الله: بقدر الإمكان لا يتحاكم إليها، أما إذا كان لا يمكن أن يستخلص حقه إلا عن طريقها فلا حرج عليه. انتهى. وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 105534، والفتوى رقم: 112265، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 77097، 8799، 110794، 32593.

والله أعلم.

www.islamweb.net