عمل المرأة إذا تعارض مع واجباتها تجاه زوجها وأولادها

27-12-2008 | إسلام ويب

السؤال:
أريد فتوى في عمل المرأة إذا احتاج لها بيتها وأولادها وزوجها مع العلم بأن كل راتبها يأخذه منها أبوها وهو الذي يصر على عملها لأجل المال، مع العلم بأن زوجها لا يريدها أن تعمل وقد ذهبت إلى بيت أبيها ولم يوافق أبوها على إرجاعها إلى زوجها إلا بعد الموافقة من زوجها على مضض على عملها لأنه اشترط الطلاق أو العمل ولديه طفلان 6 أشهر وسنة ونصف وقد أفتى أحد الشيوخ بأنه لا يحق لي أن أوقفها من العمل وأفتى كذلك بأنها غير ناشز بذهابها لبيت أبيها لهذا السبب، وهو لم يسمع مني شيئا بل أفتي بما سمع منها ومن والدها، مع أني أخذت منها عهدا قبل الزواج إذا احتاج لها البيت عليها التوقف فوافقت، فأفتوني في من يفتي ويحكم ولم يسمع من الطرفين، أفتوني في الشرط الذي أقررت به لأسترجع زوجتي إلى البيت، عملها ورديات؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فدور المرأة الأول والأهم هو حسن سياستها لبيتها وتربيتها لأبنائها والتبعل لزوجها، وهي راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، فإن تعارض هذا الدور العظيم وهو بناء اللبنة الأولى في كيان المجتمع مع غيره من الأعمال فالواجب عليها تقديم عملها في بيتها على غيره، وكل هذا على افتراض موافقة الزوج، وعدم ممانعته من ممارسة الأعمال خارج البيت.

أما إذا أمر الزوج زوجته بالبقاء في بيتها فالواجب عليها هو طاعته لورود الأمر النبوي بذلك، ففي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوماً من غير شهر رمضان إلا بإذنه.

وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.

وفي النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره.

 فإذا انضم إلى ذلك أن زوجها قد عاهدها قبل العقد أنها إن احتاجها بيتها تركت عملها ووافقت على هذا الشرط فهنا يتأكد عليها وجوب الاستجابة لزوجها وترك العمل، وما يفعله أبوها من تحريضها على مخالفة زوجها حرام بل هو كبيرة من الكبائر، وهذا عين التخبيب الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد واللفظ له والبزار وابن حبان في صحيحه.

وجاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة السابعة والثامنة والخمسون بعد المائتين: تخبيب المرأة على زوجها: أي إفسادها عليه، والزوج على زوجته. انتهى.

 وما اشترطه الأب من الطلاق أو العمل إن كان في صلب العقد -وهذا غير ظاهر من كلامك- فعلى الزوج الوفاء به، أما إن كان بعد ذلك ووافق عليه الزوج تحت الضغوط حتى يرجع زوجته فلا يلزمه الوفاء به، وله منع زوجته من العمل.

 وليعلم هذا الأب أن الزوج أملك بزوجته من أبيها وطاعة زوجها أوجب عليها من طاعة أبيها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.

أما خروج المرأة من بيتها بدون إذن زوجها فلا يجوز وهو من النشوز، وقد استدل العلماء على وجوب استئذان المرأة زوجها قبل الخروج من البيت، بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن. رواه البخاري. من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: قال النووي: استدل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن. انتهى كلامه.

 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى: فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة. انتهى.

فالزوجة إذا خرجت من بيت الزوجية بغير إذن زوجها ورضاه تعتبر ناشزاً، وتسقط بذلك حقوقها الزوجية فلا سكنى لها ولا نفقة حتى ترجع إلى طاعة زوجها، أما الذي أفتاها بالاستمرار في العمل فقد أخطأ في فتواه، ولعل الصورة لم تنقل له على الحقيقة، فإن المفتي أسير المستفتي... كما أنه يجوز للمفتي أن يفتي دون أن يسمع من الطرفين، لأنه إنما يفتي بناء على ما يسمعه من المستفتي ودقة توصيفه للواقع، ولذا فقد استحب بعض أهل العلم أن يقول المفتي للمستفتي قبل فتواه "إن كان الأمر على ما ذكرت فالحكم كذا" ولأن الفتوى غير ملزمة في محل النزاع بخلاف حكم الحاكم أو المحكم فإنهما لا يجوز لهما الحكم دون سماع الطرفين.

 وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 94880، والفتوى رقم: 64660.

والله أعلم.

www.islamweb.net