حكم ركوب المواصلات العامة في بلد غير مسلم بلا مقابل

14-1-2010 | إسلام ويب

السؤال:
أدرس في بلد أجنبيّ وأقطن قرب الجامعة وأخاف في بعض الأحيان من العودة مترجّلة إلى البيت في الليل فأركب الميترو وقد لا أقتني تذكرة، فهل عليّ شىء في ذلك؟ وهل عليّ كفّارة في ما فعلت حتى ولو كان الأمر متعلّقا بشخص في بلده وكانت السّلطة ظالمة وهي السّبب في احتياجه وقلّة ماله؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد نهى الله تعالى عن أكل المال بالباطل، فقال: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}.

وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ المال بغير حق، فقال صلى الله عليه وسلم: إن هذا المال حلو، من أخذه بحقه فنعم المعونة، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع.

وفي رواية: ويكون عليه شهيداً يوم القيامة.

وقال ـ أيضا ـ صلى الله عليه وسلم: والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله.

متفق عليها.

وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 23007، ورقم: 50618.

وركوب المواصلات العامة دون مقابل يعد من أكل المال بالباطل، وهو نوع من الخيانة، ولذلك يجب عليك التوبة ودفع ثمن الركوب للجهة المسئولة عن المترو، ولا يجزئ التصدق بثمنها إلا إذا تعذر دفعه إلى هذه الجهة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 53129.

ويستثنى من ذلك حال الضرورة، كأن لا يمتلك المرء ثمن الركوب، وهو مع ذلك مضطر أو في حاجة ماسة إلى الركوب، لخوفه على نفسه مثلا.

فإن الضرورات تبيح المحظورات، ولكن لابد من تقدير الضرورة بقدرها دون تعدٍ، قال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{البقرة: 173}.

وأما مسألة ظلم السلطة وتعديها وكونها السبب في حاجة الناس وقلة أموالهم: فهذا لا يغير الحكم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم.

متفق عليه.

وسأل سلمة ُبن يزيد الجعفي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله: أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا؟ فما تأمرنا؟ فقال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم.

رواه مسلم.

فسوء صنيع الحاكم لا يبرر سوء صنيع غيره، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا.

رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

وضعفه الألباني.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 33693.

ثم ننبه السائلة الكريمة أنه لا تجوز الإقامة في بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع إقامة شعائر دينه ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، لما يترتب على السكنى بين ظهرانيهم من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة، سبق أن ذكرنا طرفا منها في الفتوى رقم: 2007، ويزداد الأمر شدة بالنسبة للمرأة، وقد سبق ـ أيضا ـ أن ذكرنا بعض مخاطر سفر المرأة للتعلم في بلاد الكفر، فراجعي الفتويين رقم: 19009، ورقم: 9017.

والله أعلم.

www.islamweb.net